الكابيتال كونترول الى الواجهة: المصارف المدرجة سجلت خسائر مجمعة بقيمة 36.770 مليون دولار | أخبار اليوم

الكابيتال كونترول الى الواجهة: المصارف المدرجة سجلت خسائر مجمعة بقيمة 36.770 مليون دولار

| الخميس 05 نوفمبر 2020

لا يمكن للمصارف ان تحافظ على الأرباح الخياليّة

التي كانت تحققها من توظيف هذه الأموال في هندسات مصرف لبنان الماليّة

"النهار" -معن البرازي


تراجع ودائع المصارف 1245 مليار و823 مليون ليرة بين ايلول و اب من السنة الجارية ليس بالأمر غير الطبيعي في الظروف الرهنة، الا ان إحتمال إفلاس او دمج بعض المصارف ليس مُستبعدا أقلّه في المدى المنظور والسبب يعود إلى أن البيانات المالية العائدة لهذه المصارف بدات تُظهر أنها غير قادرة حتى الساعة على تلبية كل الطلبات التشريعية الجديدة (تحتاج إلى بعض الوقت لتأمينها). عمليّاً، تشير مصادر مصرفيّة إلى أن صندوق النقد، وبمعزل عن مشروع القانون، نجح بالفعل في دفع مصرف لبنان الى الاقتراب من رؤيته لعمليّة الكابيتال كونترول، ولو خارج الإطار القانوني، وتحديداً في ما يخص الاتجاه نحو توحيد أسعار الصرف. فالضوابط المشددة على السيولة بالليرة اللبنانيّة التي فرضها مؤخراً مصرف لبنان، إلى جانب الضوابط الأكثر صرامة المفروضة أساساً على السيولة بالدولار، ليست سوى خطوة باتجاه لجم سعر صرف السوق السوداء بعد امتصاص السيولة بالليرة من الأسواق، وهو ما سيدفع سعر صرف الدولار في المستقبل إلى الانخفاض تدريجاً، إلى حد الإقتراب من سعر صرف منصّة مصرف لبنان للتداول بالعملات الأجنبيّة، على أمل توحيد السعرين لاحقاً.

المصارف اللبنانية تمتلك ودائع عائدة لها تصل إلى تسعة مليارات دولار أميركي وهو رقم كبير قادر على سدّ الطلب الحالي. وبحسب المعلومات المتوافرة طلب حاكم مصرف لبنان من المصارف التجارية جلب هذه الأموال من الخارج وضخ سيولة في الأسواق. الا ان شيئا لم يحصل حتى الساعة.

الا ان المؤشر المقلق ان حصة المصارف من ميزان المدفوعات بلغ رقما غير مسبوق وهو 11 مليارا و 9624 مليون دولار من اصل 9 مليارات و 608 ملايين
البنك الدولي توقع أن ينكمش الناتج المحلي بموازاة أزمة تفشي فيروس 3.6% في العام 2021 ناهيك عن الضغوط في السوق الاقتصادية في لبنان والتي ستستمّر فترة طويلة نتيجة غياب قيادة فعّالة لصنع السياسات.

صحيح اننا نشهد اليوم بيئة ماكرو اقتصادية معادية للمصارف، إن لجهة الورقة الاقتصادية التي طرحتها الحكومة المستقيلة، أو لجهة طلب حاكم مصرف لبنان من المصارف زيادة رسملتها بنسبة 20 في المئة، أي ما يوازي نحو 3.7 مليارات دولار، أو لجهة فتح مصرف لبنان المجال أمام المصارف للإستدانة، لكن بفائدة 20 في المئة، وكل ما يترافق مع هذه الأجواء من دعوات إلى استعادة أموال الهندسات المالية، كل ذلك يقابله إقفال تام للمصارف لمعاملاتها الدائنة وهو ما يشكل سبباً رئيسياً لزيادة حالة الهلع بين المواطنين، لاسيما لجهة الضبايية التي تحيط بالوضع المالي وتقاذف المسؤوليات الذي شهدناه مؤخراً بين مصرف لبنان والمصارف.

كما أن وقف المصارف لكل التسهيلات المصرفية للشركات والأفراد، بما فيها التحويلات، يطرح علامات استفهام حول استمرار تحويل أموال المغتربين وغير المقيمين إلى لبنان، لاسيما أن هؤلاء بدأوا يعيدون النظر بتحويل الودائع إلى لبنان في ظل الكابيتال كونترول capital control (ضوابط وقيود على رأس المال) الذي تمارسه المصارف، وإن بصورة غير رسمية. من هنا لا بد من إجراء مقاربة بين ما يمكن أن يوفّره مصرف لبنان من دولارات، جراء ضبط عمليات الاستيراد من جهة، وبين ما سيخسره من دولارات جراء تراجع تحويلات المغتربين وودائع غير المقيمين الى لبنان.

كل هذه العوامل انسحبت على بنية الودائع واهمها:
تراجع ودائع القطاع المصرفي التجاري 1425 مليار و 956 مليون ليرة
منها زيادة ودائع القطاع المصرفي تحت الطلب 1668 مليار و 708 مليون ليرة
وتراجع ودائع القطاع المصرفي لاجل -3094 مليارات و 664.7 مليون ليرة
ما هي عوامل الضغط على القطاع المصرفي في بداية الفصل الرابع؟
اولا: موجودات المصارف الخارجيّة تتفاوت بشدّة بين مصرف وآخر، فيما يسجّل صافي هذه الموجودات، بالنسبة إلى القطاع المصرفي ككل، عجزاً بقيمة ثلاثة مليارات دولار.

وتراجعت الميزانية المجمعة للقطاع المصرفي الى 290 مليار و 996 مليون من 359 مليار و 940 مليون بين ايلول 2020 و ايلول 2019 اي 104964 مليار و 944.5 مليون
ثانيا: أن المصارف باتت غير قادرة على الالتزام بمعايير موحّدة لضبط السيولة بالدولار الأميركي المتوفّرة بحوزتها، من ناحية تحديد الحالات الاستثنائيّة التي يُسمح فيها بإجراء تحويل الدولار إلى الخارج، لكون وجود هذه الدولارات غير مضمون في كثير من المصارف. أما الاستنتاج البديهي، فكان أن إقرار قانون الكابيتال كونترول كان ضروريّاً منذ بداية الأزمة، لتوحيد إجراءات ضبط السيولة بين جميع المودعين، والحفاظ على ما تبقى من أموال في المصارف، وقبل أن تتمكّن المصارف من تهريب الأموال لمصلحة قلّة من الفئة النافذة ماليّاً وسياسياً. أمّا الآن، فبات القانون لا يقدّم ولا يؤخّر.

ثالثا: لضبط السيولة بالدولار الأميركي مؤشرات مقلقة اخرى فقد إنخفضت الكتلة النقديّة بمفهومها الواسع، "م4" بـ67.339 مليار ليرة خلال الاسبوع المنتهي في 8 ت1 بما يوازي سنويا 814،207 مليار ليرة، مع العلم أ ّن محفظة سندات الخزينة المكتتَب بها من قبَل القطاع غير المصرفي قد تراجعت 44 مليار ليرة في الاسبوع المذكور. في المقابل، زاد ت الكتلة النقديّة "م1 ،"والتي تشمل السيولة الجاهزة بالليرة اللبنانيّة، بـ 16.336 مليار ليرة وذلك بفعل زيادة حجم النقد المتداول بـ 769 مليار ليرة، ما طغى على تراجع حجم الودائع تحت الطلب بـ 433 مليار ليرة.

إرتفعت الكتلة النقديّة بالليرة اللبنانيّة، "م2" بـ 55.146 مليار ليرة خلال الاسبوع المذكور فيما صعدت سنويّا لتصل إلى ً 071،62 مليار ليرة.
في هذا اإلاطار، تدنّى حجم إلادّخار بالعملة الوطنيّة (م2-م1) بـ61.189 مليار الى 948،28 مليار ليرة في الأسبوع المنتهي في 8 تشرين الأول، كما وإنكمش رصيد الودائع المعنونة بالعملات الاجنبيّة (م3-م2 ) بـ 23.442 مليار ليرة ووصل إلى 396،134 مليارا.

رابعا: في الواقع، حين نتحدّث عن تطيير الأموال منذ بداية الأزمة، فنحن نتحدّث عن ما يقارب 11 مليار دولار التي ذهبت من موجودات المصارف الخارجيّة، منذ شهر تشرين الأوّل الماضي، وعن أكثر من 12.4 مليار دولار التي اختفت من موجودات مصرف لبنان الخارجيّة، وهو ما يعني أن أكثر 23.4 مليار دولار غادرت النظام المالي اللبناني، لم يصب سوى جزء صغير منها في عمليّات استيراد السلع الأساسيّة. علماً أن إقرار القانون منذ تشرين الأول 2019 كان سيسمح بمنع التحويلات التي صبّت في خانة تهريب ودائع المحظيين والنافذين. كما كان سيسمح بإعطاء الغطاء القانوني للمصارف لتأجيل سداد إلتزاماتها لدى المصارف المراسلة في الخارج.

خامسا: باختصار، لعبت المصارف لعبتها وهرّبت ما يمكن تهريبه، ولم يعد هناك ما يمكن أن يراهن عليه المودعون بشكل جدّي من هذا القانون في حال تم إقراره. لكنّ صندوق النقد، ومعه الفرنسيون وجميع المانحين المحتملين، مازالوا يصرّون على تمرير القانون قبل منح أي مساعدات أو إعطاء أي قروض، لكون القانون سيمثّل ضمانة بعدم تهريب أموال هذه القروض أو المساعدات إلى الخارج، على النحو الذي جرى من خلاله تهريب أموال المودعين، وكون القانون يوفر الحصانة القانونيّة اللازمة للمصارف أمام دائنيها في الخارج.

سادسا: المصارف اللبنانيّة الستّة المدرجة أسهمها على بورصة بيروت، وهي بنك عودة، بنك لبنان والمهجر، بنك بيبلوس، بنك بيروت، بن بيمو، والبنك اللبناني للتجارة، سجلت خسائر مجمعة بقيمة 36.770 مليون دولار خلال العام 2019. يأتي هذا التراجع نتيجة تردّي الاوضاع إلاقتصاديّة بشكل كبير والتظاهرات وإقفال الطرق والتي أدّت إلى إستقالة الحكومة وقرار الحكومة الجديدة بتعليق دفع مستحقات اليوروبوندز ما إضطر المصارف إلى تكوين مؤونات على خسائر إئتمانيّة محتملة إستنزفت ربحيّتها. في التفاصيل، تراكم الفوائد لدى المصارف المذكورة بنسبة 56.0% في العام 2019 إلى 2.20 مليوني دولار، مع إنكماش في صافي الأيرادات بنسبة 45.5% بالتوازي، وتخصيص المصارف اموالا على شكل مؤونات على خسائر إئتمانّية متوقّعة ادت جميعها إلى إنكماش صافي الايرادات التشغيليّة بنسبة 25.71% إلى 55.982 مليون دولار.

الى اين يؤدي هذه الكلام
العمليات المصرفية اسيرة ارتفاع الفارق بين متوسّط الفائدة المدفوعة على الودائع بالدولار الأميركي ونسبة العوائد من استثمار هذه الأموال من 0.79% في شهر تموز الماضي، إلى 2.53% في شهر تموز الفائت. بمعنى آخر، تضاعف هامش الربح هذا بنحو 3.2 مرّات خلال عام واحد فقط. أمّا المفارقة الكبرى التي نكتشفها عند قراءة هذه الأرقام بالنسبة إلى العمليّات الماليّة بالدولار الأميركي والليرة اللبنانيّة معاً، فهي أنّ مسار الارتفاع السريع في هامش الربح هذا، بدأ تحديداً في شهر تشرين الثاني من العام الماضي، أي بالتوزاي مع دخول البلاد في حقبة الانهيار المصرفي والنقدي الشامل. وهو ما يمثّل ظاهرة غريبة وغير مألوفة أبداً في عالم المصارف والمؤسسات الماليّة.

في الخلاصة لا يمكن للمصارف ان تحافظ على الأرباح الخياليّة التي كانت تحققها من توظيف هذه الأموال في هندسات مصرف لبنان الماليّة. وعلى سبيل المثال، بلغ متوسّط نسبة الفائدة التي كانت تدفعها المصارف للمودعين بالدولار الأميركي نحو 6.61% في بداية شهر تشرين الأول من العام 2019، أي قبيل حصول الانهيار المصرفي الكبير ببضعة أيام. أما متوسّط نسبة الفائدة المدفوعة على الودائع بالليرة اللبنانيّة، فبلغت نسبة مرتفعة جدّاً بلغت 9.72% في تلك الفترة أيضاً. باختصار، رفعت المصارف فوائدها لسحب أكبر قدر ممكن من أموال المودعين وتوظيفها في مصرف لبنان.

والسؤال الأهم هو عن كيفية تأمين الأرباح اليوم في بيئة غير مؤاتية للتوظيفات او العمليات التجارية و كيف ستقفل الموازنات المصرفية في نهاية 2020؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة