الفول واللوز والبازلاء الخضراء ..نكهة الذكريات

الفول واللوز والبازلاء الخضراء ..نكهة الذكريات

image

الفول واللوز والبازلاء الخضراء ..نكهة الذكريات

أكلها مرتبط بذكريات الطفولة

الشرق الأوسط 

فيفيان حداد 

ما إنْ يصل فصل الربيع حتى تتفتّح معه براعم ذكريات أجيال من اللبنانيين. الأمر يتعلّق بخضراوات وفاكهة تكتظ بها الأسواق في موعدها هذا من كل سنة. وكما الفول الأخضر كذلك البازلاء واللوز و«الأكي دنيا»، جميعها أنواع طعام يحنّ لها اللبناني من عام إلى آخر، فينتظر مواسمها كي يستعيد معها طعم ونكهة الطفولة.
 
ابتداء من شهر مارس (آذار) تبدأ هذه الأصناف من الخضراوات والفواكه تتصدّر أسواق الخضار والدكاكين في الأحياء، فتجذب المارة بطزاجتها ولونها الأخضر الذي يثير الشهية. هذه الأصناف تدخل في صميم حياة كل لبناني اعتاد تناولها في منزله العائلي. وهي من الأصناف التي لا يمكن له إيجادها بالطعم نفسه في أي بلد آخر.

فالأولاد يتحلّقون حول صحن الفول الأخضر ليتناولوه مع «عروس اللبنة» المغمّسة بزيت الزيتون. يزيّن المائدة بمنظره الشهي، الذي يثير اللعاب، وعادة ما توصي الأم أولادها بعدم تناوله بكثرة. فالمبالغة في أكله كما تشرح لهم قد تصيبهم بانتفاخ ومشكلات في جهازهم الهضمي. وعادة ما يتلذّذ الأولاد بتناوله مع الملح. وكذلك الأمر بالنسبة للوز الأخضر. والاثنان يقدّمان في بيروت كنوع ضيافة يتسلّى بها الزائر إلى حين موعد الغداء أو العشاء.

ؤبعض المغتربين اللبنانيين يوصون أقرباءهم بحمل هذا النوع من البقوليات كهدية لهم. فيشتريها الأهل أو الأخت لأخيها في بلاد المهجر. وتقول سالي رزق لـ«الشرق الأوسط» إنها في كل مرة تسافر إلى باريس في هذا الوقت تحمل هذه البقوليات معها. وتتابع: «حتى عندما أسافر عند بناتي في الخليج العربي، أحمل لهم الهدية نفسها. وهي تتألف من بازلاء وفول ولوز أخضر. فهنّ مع أزواجهنّ يعشقون طعمه الذي يذكّرهم ببلدهم الأم».

أما ناتاشا معماري فتعتبر هذه الأنواع من الخضار إضافة إلى فاكهة الـ«أكي دنيا» لا تشبه بطعمها أي أخرى مثلها على كوكب الأرض. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «إنها كالمنقوشة بالزعتر، مهما حاولوا تقليدها في الخارج، تبقى اللبنانية منها هي الأفضل».

قرمشة «الجرانك»

موسم ينتظره الكبار والصغار

إلى جانب هذا النوع من البقول ينتظر اللبنانيون وصول موسم «الجرانك». وهي كناية عن فاكهة بطعم حامض تحدث قرمشة عند تناولها. وتشكّل «الجرانك» أيضا محطة طفولية في حياة اللبنانيين. فالبعض تذكّرهم بموسم قطافها مباشرة من الشجرة في مناطق بدادون ووادي شحرور. وآخرون تحمل لهم نسمات ذكريات كانوا يرافقون خلالها أهاليهم في نزهة سيراً على الأقدام. فكانوا يتوقفون تلقائياً لشرائها من الباعة الجوالين لأولادهم، فيتناولونها بعد إضافة القليل من الملح عليها.

وتتذكر نادين: «يوجد تقليد معروف في لبنان خلال موسم الأعياد. نتنزه مشياً لزيارة الكنائس أو أي معالم دينية وسياحية أخرى. كانت والدتنا تضطر لشراء اللوز الأخضر و(الجرانك) كي لا نملّ من المشوار، فنقرمشها بفرح وكأننا نتذوقها للمرة الأولى».

«كعك كعك» صوت البائع في الأحياء

وهناك محطة أساسية عند أجيال من اللبنانيين تعرف بتناول «الكعك بالزعتر». ففي سنوات خلت كان باعة الكعك ينتشرون على الطرقات أو يدورون من حي لآخر وهم ينادون بصوت مرتفع «كعك كعك» لجذب السكان. فيتهافت أولاد الحي الواحد حوله ليشتروها. وإلى جانب «الكعكة بالزعتر» يتم بيع كعك آخر يعرف بـ«الألّيطا». وهي كناية عن نوع كعك طري مغطّى بالسمسم المحمص. يشق في وسطه ويتم حشوه بالشوكولاته أو الجبن المبستر. يتناوله الأولاد بشهية كمحطة استراحة بين لعبة يمارسونها وأخرى. وكانت تلك الألعاب المسلية تتألف من القفز على الحبل و«اللقوط» التي تتطلب من الولد التقاط زميله كي يفوز باللعبة. فيما «الغميضة» كانت كناية عن لعبة محورها الاختباء في مكان ما وعلى الطرف الآخر أن يعرف مكانه.

في الساحات والحدائق العامة لا بد أن يلفتك باعة الترمس والفول المسلوق وعرانيس الذرة المشوي. فهي محطات جوّالة في العاصمة، لا سيما في منطقة الروشة. يتم بيعها من على عربات خشبية تتنقل بين شارع وآخر. ويأتي الترمس بدلاً عن بذر اليقطين، فيشتريه الكبار كما الصغار بعد مزجه مع القليل من الملح ليتناولوه وهم يتفرّجون على بحر الروشة. الأمر نفسه يصح على الفول المسلوق. وعادة ما يتم بيعه في علب كرتون أو بلاستيك صغيرة، ويتم مزجه مع الكمّون وعصير الليمون الحامض. ولا تقل عرانيس الذرة شهرة عن الصنفين السابقين. فيعرضها الباعة مسلوقة في أوعية كبيرة، وكذلك مشوية مباشرة أمامك على نار الفحم.