برشلونة يضع يداً على لقب «لاليغا»... رغم هاتريك مبابي

برشلونة يضع يداً على لقب «لاليغا»... رغم هاتريك مبابي

image


ديرموت كوريجان وتوم هاريس- نيويورك تايمز

وضع برشلونة يداً على كأس الدوري الإسباني بعد فوزه على ريال مدريد بنتيجة 4-3 في «كلاسيكو» مثير أُقيم على ملعب «استادي أوليمبيك لويس كومبانيس».
تقدّم ريال مدريد بسرعة بهدفَين عبر كيليان مبابي، الأول من ركلة جزاء في الدقيقة الخامسة بعد تدخّل من الحارس فويتشيك شتشيزني، والثاني بإنهاء هادئ إثر انطلاقة مثالية من الفرنسي خلف الدفاع (د14) - في تناقض صارخ مع حالته في خسارة تشرين الأول 4-0 في «برنابيو» التي شهدت وقوعه في التسلّل 8 مرّات.

لكنّ برشلونة ردّ بطريقة رائعة. إذ انقضّ إيريك غارسيا برأسية إثر ركلة ركنية (د19)، قبل أن يُعادِل لامين يامال النتيجة بهدفه المعتاد الملتف (د32). وسجّل رافينيا بعدها بدقيقتَين إثر ارتباك بين مبابي وداني سيبايوس، وأضاف البرازيلي هدفاً آخر قبل نهاية الشوط الأول ليصل رصيد برشلونة إلى 16 هدفاً في شباك غريمه هذا الموسم، وهو أعلى عدد أهداف استقبله ريال مدريد من فريق واحد في موسم واحد.

وقلّص مبابي الفارق (د70) ليُكمّل ثلاثيّته - لكنّ ذلك لم يكن كافياً للـ»ميرينغي». وألغي هدفاً متأخّراً لفيرمين لوبيز بسبب لمسة يد، لكنّ برشلونة ضمَن فوزاً جعله يتقدّم بفارق 7 نقاط في صدارة «لاليغا» قبل 3 جولات من النهاية.

إلى أين يتّجه سباق اللقب؟

بعد كل هذه الفوضى، يعني الانتصار أنّ برشلونة اقترب كثيراً من تحقيق لقب «لاليغا». فقبل الـ»كلاسيكو»، كان ريال مدريد يأمل أن يحقق فوزاً يُعيده إلى سباق اللقب، خصوصاً أنّ (على الورق) فريق كارلو أنشيلوتي كان يملك جدولاً أسهل، بينما خرج برشلونة من نصف نهائي دوري أبطال أوروبا أمام إنتر.

لكنّ فكرة احتفاظ مدريد باللقب باتت الآن حُلماً بعيد المنال. فقد وصل فريق هانزي فليك إلى 82 نقطة ويتقدّم بفارق 7 نقاط عن ريال الذي عاد إلى الوصافة برصيد 75، ولكل من الفريقَين 3 مباريات متبقية.

كما أنّ فوز برشلونة في الـ»كلاسيكو» مرّتَين هذا الموسم يمنحه أفضلية «المواجهات المباشرة»، التي تُعدّ الفاصل الأول بين الفرق المتساوية في النقاط في إسبانيا، بالإضافة إلى فارق أهداف متفوّق بشكل كبير (+24) مقارنةً بريال.

وقد يحسم برشلونة اللقب ليل الخميس، عندما يواجه جاره إسبانيول، إذ يكفيه الفوز لإنهاء المهمّة، بغضّ النظر عن نتيجة مدريد عندما يواجه ريال مايوركا مساء الأربعاء في «برنابيو». أي تعثر لبرشلونة أمام إسبانيول مع فوز مدريد على مايوركا، سيؤجِّل الحسم على الأقل إلى الجولة ما قبل الأخيرة نهاية الأسبوع المقبل. لكن بعد انتصار آخر في الـ»كلاسيكو»، يبدو الأمر مسألة وقت فقط قبل أن يحسم برشلونة اللقب.

«هاتريك تاريخي لمبابي»

بعد 3 دقائق فقط، استغل مبابي خطأً من باو كوبيارسي (الذي اعتبره الحكم غير متسلّل)، ثم أعاقه تشيزني ليحتسب الحكم ركلة جزاء، انبرى لها مبابي وسدّدها بقوة مسجّلاً الهدف الأول.

بعدها تحسّنت الأمور أكثر للفرنسي، عندما أرسل فينيسيوس جونيور تمريرة رائعة خلف كوبيارسي، ليُسجّل مبابي الهدف الثاني بلمسة هادئة أمام تشيزني، على رغم من احتجاجات برشلونة على وجود خطأ سابق ضدّ يامال، بدت حينها عودة مدريد إلى سباق «لاليغا» واقعية بفضله، في تحوّل كبير مقارنة بأدائه المتواضع في الـ»كلاسيكو» الأول. لكنّ الأمور بدأت تتدهوَر سريعاً لمبابي ومدريد، إذ أصبحت النتيجة 2-2، حين استلم مبابي قرب منتصف الملعب، لكنّه اصطدم بزميله داني سيبايوس، فسرقها بيدري، الذي مرّرها فوراً لرافينيا ليسجّل هدف التقدّم الكاتالوني.

وبدا أنّ مبابي حصل على فرصة لتعديل النتيجة قبيل نهاية الشوط الأول، بعد سقوطه إثر تدخّل من فرينكي دي يونغ، واحتسب الحكم ركلة جزاء، لكنّ تقنية الفيديو أظهرت أنّ جود بيلينغهام كان متسلّلاً في بداية الهجمة، بالتالي لم يُنظَر في ما إذا كان مبابي قد تحايَل للحصول على الركلة.

بعد ثوانٍ فقط، سجّل رافينيا هدفه الثاني، لتصبح النتيجة 4-2. لكنّ الشوط الأول لم ينتهِ بعد، إذ انطلق مبابي مجدّداً وسدّد في الشباك، إلّا أنّ الحَكَم ألغى الهدف بداعي التسلّل بنصف متر فقط.

في الشوط الثاني، واصل مبابي محاولاته، وتكلّلت جهوده بالنجاح حين أرسل مودريتش تمريرة إلى فينيسيوس جونيور، الذي مرّرها بتواضع إلى مبابي ليُسجّل بسهولة ويُكمل ثلاثيّته. بذلك، بلغ رصيد مبابي 38 هدفاً في 53 مباراة، محطّماً الرقم القياسي للاعب في موسمه الأول مع ريال، وتفوّق على روبيرت ليفاندوفسكي (برشلونة) في صدارة ترتيب هدافي «لاليغا» (27 هدفاً).

شهد الوقت المحتسب بدل الضائع المزيد من الإثارة. انفرد مبابي مجدّداً، لكنّ تشيزني تصدّى له. وفي الركلة الركنية التالية، أحرز تشواميني هدفاً برأسه، لكنّ الهدف أُلغيَ لأنّ مبابي المتسلّل أعاق الحارس من الوصول إلى الكرة.

«هاتريك» مبابي هو الثالث فقط يُسجّله لاعب لريال في «كلاسيكو» خارج أرضه، بعد فيرينك بوشكاش في 1963، وكريم بنزيمة في 2023. لكنّه لم يُحقّق النتيجة المرجوّة. وكما حدث في نهائي كأس العالم، أصبح مبابي الوحيد الذي يُسجّل ثلاثية ويخسر. وعلى رغم من تسجيله 5 أهداف في 4 مباريات «كلاسيكو»، إلّا أنّه خسرها جميعاً. موسمه الأول مع مدريد انتهى بفشل جماعي.

تعديلات أنشيلوتي التكتيكية لم تمنع الخسارة

أجرى أنشيلوتي العديد من التعديلات التكتيكية لتجنّب الهزيمة الرابعة في الـ»كلاسيكو» لكنّها تحوّلت بسرعة إلى أداء مألوف من مدريد: لمحات هجومية مميّزة وأخطاء دفاعية قاتلة.

في المواجهات السابقة، كان أسلوب 4-4-2 الدفاعي لمدريد سلبياً للغاية. فوجد برشلونة سهولة في اختراق خط الدفاع الأول وخلق المساحات في الوسط. أمّا في مباراة «مونتجويك»، جلس فريق أنشيلوتي أعمق، مشكلاً خماسياً دفاعياً في مواقف معيّنة، مع قيام فيديريكو فالفيردي بمراقبة لصيقة لداني أولمو أو رافينيا لإبقاء الضغط في خط الوسط. وبدا أنّ الخطة تؤتي ثمارها، خصوصاً أنّ الأوروغوياني ساعد في افتكاك الكرة من يامال خلال بناء الهجمة التي أحرز منها مدريد هدفه الثاني، لكنّ ضغط برشلونة المتواصل فرض كلمته في النهاية.

كما جرّب مدريد نهجاً جديداً في البناء، إذ كان فالفيردي يتلقّى ركلات المرمى من الحارس تيبو كورتوا ويُرسلها مباشرة إلى نصف ملعب الخصم، حيث ينتظر مبابي على حدود منطقة الجزاء، وهي خطة شبيهة بتلك التي استخدمها مانشستر سيتي مع الحارس إيدرسون وسيرخيو أغويرو، إذ لا يُمكِن احتساب التسلّل من ركلة مرمى.

نجحت هذه الخطة جزئياً، إذ جاء الهدف الملغى لمدريد بعدما أجبر برشلونة على التراجع عقب كرة طويلة من كورتوا، واستحوَذوا على الكرة بعد إبعادها ومرّروها إلى بيلينغهام خلف الدفاع. لكنّ المخاطرة بفقدان الاستحواذ جعلت الخطة غير مستدامة، لذلك حاول الفريق أحياناً البناء التقليدي، ممّا أدّى إلى تعرّضهم إلى الضغط العالي من برشلونة.

أظهرت أول 15 دقيقة وجود جدوى من خطة أنشيلوتي في استغلال الكفاءة الهجومية، لكن بغياب العديد من المدافعين الأساسيِّين (أنطونيو روديغير، داني كارفاخال، فيرلان ميندي وإيدير ميليتاو) لم يكن بإمكان مدريد تحمّل الضغط الدفاعي. مشاكل الكرات الثابتة، عدم تعقب الانطلاقات خلف الخط، والأخطاء الفردية كلّفت الفريق مجدّداً.

جدل تحكيمي من جديد

أصبح الجدل التحكيمي مألوفاً في إسبانيا، خصوصاً مع الانتقادات العلنية التي يوجّهها ريال مدريد للحُكّام عبر قناتهم التلفزيونية، ولم يكن الشوط الأول من هذه المباراة استثناءً. قبل هدف يامال، احتجّ ريال على وجود لمسة يد على لاعب الوسط فرينكي دي يونغ في التحضير للهجمة، لكنّ الحكم أليخاندرو هيرنانديز لم يستجب لتلك الاحتجاجات. ما كان مفاجئاً أكثر هو عدم طرد أوريلين تشواميني إثر تدخّله على فيران توريس، فتلقّى بطاقة صفراء فقط، على رغم من أنّه بدا آخر مدافع قبل كورتوا.

كما كان من اللافت أنّ قرار إلغاء ركلة الجزاء لمبابي جاء بسبب تسلّل بيلينغهام، وليس لكون مبابي قد تظاهر بالسقوط.

وفي الدقيقة 82، توجّه هيرنانديز إلى الشاشة لمراجعة لمسة يد محتملة على تشواميني داخل المنطقة، التي كان من الممكن أن تُنهي المباراة عملياً لصالح برشلونة. لكنّ الحكم قرّر عدم احتسابها، ممّا أثارَ غضب جمهور برشلونة، على رغم من أنّ تشواميني كان قريباً جداً من توريس عندما سدّد الكرة.

عندما أُلغي هدف لوبيز بداعي لمسة يَد إثر مراجعة الفيديو، ازدادت الفوضى التي ميّزت الـ«كلاسيكو».

رافينيا ويامال في حالة تألّق مستمرة

برشلونة هو أفضل فريق إسباني بفارق واضح: منظّم، قوي، مُبتكِر، يعمل كآلة متكاملة بفضل تخطيط هانزي فليك. لكن هناك لاعبين في قمّته يُترجمان هذا الجهد الجماعي إلى متعة كروية خالصة.

رافينيا ببساطة لا يتوقف، رصيده 34 هدفاً و22 تمريرة حاسمة. وضعَ برشلونة في المقدّمة بانطلاقة معتادة خلف الدفاع وتسجيل، ثم أضاف الهدف الرابع مستغلاً خطأ من الظهير الأيمن لوكاس فاسكيز.

لا أحد يجمع بين الركض المستمر والجودة الفنية مثل رافينيا، لكنّه أيضاً لاعب غير أناني، يتحرّك لصنع المساحات للآخرين. وقد انسجم بشكل رائع مع فيران توريس النشيط، وتبادلا الأدوار في اختبار دفاع مدريد المتراجع. وعلى رغم من كل ذلك، كان من الممكن أن يُسجّل رافينيا هدفَين إضافيَّين، لولا إهداره فرصتَين من مسافة قريبة.

أمّا يامال فهو لا يُوقف. مراوغ سلِس ومؤثر، ولا يمكن إخراجه من المباريات الكبيرة حتى مع وجود مدافعين يلاحقونه. هدفه يعكس موهبته الخارقة. فأنت تعرف تماماً ما سيفعله هذا الشاب صاحب الـ17 عاماً، لكنّ إيقافه - حتى من كورتوا - مسألة أخرى تماماً.

من بين 16 هدفاً سجّلها برشلونة ضدّ مدريد هذا الموسم، ساهم رافينيا ويامال في 11 منها. ومن المؤكّد أنّ الفريق سيُتوّج باللقب، والفضل يعود إلى هذَين النجمَين المميّزَين.