لبنان لا يمكنه الا ان يكون مع فرنسا في رفض الارهاب والحالات الانفصالية | أخبار اليوم

لبنان لا يمكنه الا ان يكون مع فرنسا في رفض الارهاب والحالات الانفصالية

داود رمّال | الإثنين 09 نوفمبر 2020

مصدر دبلوماسي لـ"اخبار اليوم": موقف لبنان الذي ادان الارهاب في فرنسا كما النمسا

هو السياق الطبيعي لمسار علاقة تاريخية مشرّفة

داود رمال –"أخبار اليوم"

(أ.ي)- منذ الاستقلال في العام 1943، ولبنان ينعم برعاية فرنسية استثنائية، جعلت من هذا الاستقلال الذي احتفلنا بيوبيله الماسي منذ سنتين وباعلان دولة لبنان الكبير هذا العام، تجربة عالمية رائدة للتنوع ضمن الوحدة وللعيش المشترك وصولا الى العيش معا، وانتهاءً الى تتويج هذا الوطن الصغير بمساحته والكبير في اسهاماته العالمية "وطن الدور والرسالة" كما اطلق عليه القديس الراحل البابا يوحنا بولس الثاني، وهذه المكانة يغبطه عليها كل دول المعمورة.

ولان فرنسا حمت لبنان في عقود استقلاله التي تنقلت من ازمة الى اخرى، ومكّنته من الصمود في وجه كل الاعاصير التي هدفت الى تفتيته وتبديد هذا "الوطن الحلم"، لا يمكنه الا ان يبادلها ذات الوفاء والتلاقي ضمن البوتقة الحضارية والانسانية الاكثر حيوية بين كل الحضارات والفضاءات العالمية.

لذلك، لم يتردد لبنان الرسمي كما الشعبي، في التنديد بالموجة الارهابية الاخيرة التي ضربت فرنسا، والتي اتخذت من تعبير مسيء ومرفوض فرنسيا قبل ان يرفض اسلاميا ذريعة لعمليات ارهابية لا تمت الى الاديان السماوية والرسالة المحمدية بصلة، لان قطع الرؤوس والاعتداء على الكرامة الانسانية هي قطع نهائي مع الاخر المختلف ثقافيا والمتنوع دينيا، وهو في حقيقة الامر قطع مع كل رسالات السماء.

والذين فهموا غضب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في غير موقعه ومبتغاه، وسارعوا الى تجييش اسلامي يفتقد الى القراءات الصحية والتي غلب عليها حقد اردوغاني امتهن تدمير الدول العربية وتعميم الارهاب "الداعشي" على مساحة العالم متوهما تحقيق حلم استعادة امجاد الامبراطورية العثمانية، ربما ازيلت الغشاوة عن ضمائرهم واعينهم بعد الاطلالة التلفزيونية للرئيس ماكرون التي اثبت فيها انه حريص على الاسلام عموما والمسلمين في فرنسا خصوصا اكثر من دعاة الغضب والذين انقادوا بشعار "يا غيرة الدين" والدين والاسلام منهم براء.

وبينما اتصف كل من دافعوا وتحركوا غرائزيا بالغوغائية، قدم ماكرون نموذجا حضاريا عندما قال "ان الرسوم المسيئة لا تعكس سياسة الحكومة الفرنسية وان الرسوم شأن خاص اعتمدته صحيفة شارلي ايبدو، وهو بذلك قطع دابر التصعيد واحال القضية الى حوار الاديان والحضارات، بحيث خرجت مواقف مسيحية وازنة منددة بالرسوم المسيئة، وما اقدمت عليه الصحيفة من اساءة ارتد عليها ووضعها في خانة جلب التوتر الى المجتمعات الاوروبية واعطاء ذرائع للوحوش الارهابية للانتقام.

لم يكتف ماكرون بموقفه المتقدم، بل اتبع ذلك بحركة دبلوماسية سريعة وراقية، كان ابرزها الحوار المهم جدا الذي خاضه وزير خارجيته جان ايف لودريان مع شيخ الازهر احمد الطيب، وخلاصته حسب مصدر دبلوماسي واسع الاطلاع "ان فرنسا هدفها قطع اي شكل من اشكال التدخل الخارجي في شؤون الفرنسيين المسلمين، لان المسلمين في فرنسا هم مواطنين فرنسيين يخضعون للقوانين الفرنسية واقسموا اليمين على احترام قوانين الامة الفرنسية، وبالتالي لا يمكنهم تشكيل كانتونات منفصلة بذريعة الخصوصية، فاحترام الخصوية تكون من ضمن الدولة الفرنسية وليس عبر استيراد الافكار الظلامية الهدامة التي تهدف الى تدمير المجتمع الفرنسي واخذه الى مسارات عنفية لن يسمح على الاطلاق بسلوكها او الوصول اليها، ولا يمكن للفرنسيين الذين يتبعون الديانة الاسلامية الا ان يكونوا من مسؤولية الدولة الفرنسية، واي تدخلات خارجية في حركتهم وانتمائهم الفرنسي هم اول من يجب ان يتصدوا له لان خسارتهم ستكون كبيرة جدا".

ويوضح المصدر "ان لبنان الذي دفع الاثمان الغالية لمنع تقسيمه وتحويله الى كانتونات مذهبية وطائفية وصمد الى الان في الحفاظ على وحدته الوطنية، من البديهي جدا ان يرفض ويدين ويتضامن مع فرنسا التي وقفت ولازالت الى جانبه في مواجهة اي نزاعات انفصالية ومحاولات تمرّد على الدولة الفرنسية تحت شعارات دينية او غير دينية".

ويشدد المصدر على "اهمية ان يكون لبنان سباقا في رفض النزاعات العنصرية والانفصالية، وان يذهب اكثر واكثر الى تعزيز علاقاته الثقافية والعلمية والسياسية بكل ابعادها مع الدولة الفرنسية، التي أثرت لبنان في المجالات العلمية وفتحت مدارسها ومعاهداها وجامعاتها امام جميع اللبنانيين ليبدعوا في ربوعها بعدما حرموا من ذلك نتيجة الحرب وتداعياتها المستمرة على كل مؤسسات الدولة لا سيما التعليمية منها، وموقفه الذي ادان الارهاب في فرنسا كما في النمسا هو السياق الطبيعي لعلاقة مشرّفة".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار