الاختلاف يهدّد مصير الانتخابات ... ويضع لبنان بمواجهة العواصف الخارجيّة

الاختلاف يهدّد مصير الانتخابات ... ويضع لبنان بمواجهة العواصف الخارجيّة

image

جدل حول القانون مستمرّ ... حسابات سياسيّة وطائفيّة بين الثنائي المسيحي والشيعي
الاختلاف يهدّد مصير الانتخابات ... ويضع لبنان بمواجهة العواصف الخارجيّة

ابتسام شديد- الديار


 
لم توفق اللجنة الانتخابية التي تجتمع للبحث في القانون الانتخابي، في الوصول الى صيغة تتفق حولها كل القوى السياسية. وحتى الساعة يمكن الجزم ان لا تفاهم بعد في شأن قانون الانتخاب، وما يطرح في اجتماعات اللجان هي نقاشات حول أفكار واقتراحات لا مجال لتطبيقها.

وتؤكد مصادر نيابية ان البحث لا يزال عالقا حول نقطة أساسية تتعلق باقتراع المغتربين، والتباعد هو نفسه في وجهات النظر، بين فريق يطالب باعتماد قانون جديد او إلغاء إقتراع المغتربين، وفريق متمسك بالقانون الحالي، ومَن يرغب باعتماد ستة نواب للاغتراب، وعليه فان معركة القانون مستمرة وشد الحبال ايضا، الى ان يحين وقت التفاوض السياسي.

 
وترى المصادر ان الاختلاف حول القانون يعبر الى حد ما عن الجو السياسي والاختلاف حول المسائل الساخنة، كما يحصل في مقاربة ملف السلاح.  فالنقاش في قانون الانتخاب يعبر عن المشهد العام، ومن المؤكد ان ذلك سينعكس على معركة الانتخابات النيابية، التي لن تكون  اقل حدة من الانتخابات البلدية ، لأن من شأنها تحديد  الأحجام والأوزان، واعادة تكوين السلطة. وقد انطلقت المواجهة بين القوى السياسية من لحظة إقفال صناديق المجالس البلدية.

من الثابت ان الثنائي الشيعي يسعى لتغيير القانون الحالي، الذي وصفه  رئيس مجلس النواب نبيه بري "بالمسخ"، مؤكدا أنه لن يسير به كونه يعزز الطائفية والانقسام، فيما تخوض القوى المسيحية معركة الحفاظ على القانون، مع عدم ممانعة إدخال تعديلات لا تمس جوهره.

وفي حين وصف كثيرون موقف الرئيس بري بأنه "استخراج ارانب "، فان ردود الفعل في الوسط المسيحي سجلت اعتراضات واسعة. فـ "القوات" ترى ان القانون الحالي هو الأكثر تمثيلا، مع الموافقة على تعديلات الميغاسنتر والبطاقة الممغنطة، وتمكين المغتربين من الاقتراع في دوائرهم الأصلية، فيما ذهب "التيار الوطني الحر" أبعد من "القوات"، مطالبا بتفعيل القانون الأورثوذكسي، بعد طرح بري قانون من خارج القيد الطائفي ومجلس شيوخ.

 
وتتحدث المصادر عن اصطفافات سياسية وطائفية، فثنائي "أمل" وحزب الله يرفض تصويت الاغتراب للنواب في لبنان، بحجة المخاوف من التضييق السياسي في الاغتراب على الحزب، وعدم تمكن البيئة الشيعية في الاغتراب من القيام بحملات إنتخابية،  فيما يعتبر الثنائي المسيحي ان اقتراع المغتربين أمر اساسي وملح في المسيرة الاصلاحية،  ولا يمكن التراجع عنه لتعميق الروابط بين لبنان المقيم  والاغتراب.

ولا تتوقع المصادر حصول تراجعات في المواقف، بالعكس فالأمور متجهة نحو التصعيد. فرئيس "القوات" ذهب بعيدا في التصعيد للمطالبة بتغيير النظام في حال اصرار الثنائي على موقفه، والثنائي الشيعي يرى ان اي تعديل يأتي في سياق الضغوط عليه التي تمارس من الخارج الى الداخل اللبناني .

النقاش في القانون الإنتخابي قرّب المسافة السياسية بين المتباعدين على الساحة المسيحية، وصار واضحا ان الموقف المسيحي  اليوم موحد في إتجاه الضغط  لابقاء القانون الحالي، لأنه  يؤمن التمثيل المسيحي في المجلس النيابي الجديد، ويحافظ على التوازنات في التحولات السياسية المقبلة، فضمان التمثيل الصحيح لا يكون إلا بالقانون الحالي، الذي يضمن ان ينتخب المسيحيون نوابهم بأصواتهم، وليس بالتحالفات الهجينة في الدوائر المختلطة.

 
وعن طرح لبنان دائرة انتخابية واحدة خارج القيد الطائفي، تؤكد مصادر مسيحية ان هذا الطرح غير قابل للحياة، إذا لم تتحقق الاصلاحات وتبدلت التوازنات في الداخل.

كل ذلك يجعل "طبخة" القانون الإنتخابي تتم على نار متقلبة وخفيفة، لكن استمرار الاختلاف على هذا النحو يهدد مصير الانتخابات، وقد يضع لبنان في قلب المواجهة مع العواصف الخارجية، لأن اي تأجيل للانتخابات إذا حصل، سيكون مكلفا للبنان دوليا، حيث تضغط العواصم الغربية لإنجاز الانتخابات كخطوة أساسية في عملية اصلاح وبناء الدولة.