لبنان يستعيد التهديد الأميركي: نزع السلاح أو الحرب
الخيار أصعب وأقسى هذه المرة وأكثر خطورة
سابين عويس - "النهار"
لا يختلف المشهد السياسي الداخلي اليوم على وقع التهديد الأميركي الذي حمله الموفد توماس برّاك إلى بيروت في ورقته في شأن روزنامة نزع سلاح "حزب الله" تنفيذاً للقرار الدولي 1701، عن ذلك الذي حمله قبل 37 عاماً ريتشارد مورفي عندما خيّر القوى السياسية بين انتخاب النائب السابق الراحل مخايل ضاهر أو الفوضى، ولكن هذه المرة الخيار أصعب وأقسى وأكثر خطورة لأنه يضع لبنان بين نزع سلاح الحزب أو الحرب!
ثمة من يخشى ألا يختلف خيار السلطة اليوم عما كان قبل أكثر من ثلاثة عقود، في ظل تعذر التفاهم على صيغة لسحب السلاح في الوقت القليل المتبقي أمامها، وهي العاجزة حتى الآن عن الإيفاء بالتزاماتها الداخلية والخارجية على السواء في شأن حصرية السلاح. ويمكن اختصار العمل الذي تقوم به لجنة مستشاري الرؤساء للرد بموقف موحد على الورقة الأميركية، بالسعي إلى تقديم التزامات لفظية للتنفيذ من دون أن تقدم على أي خطوات إجرائية على الأرض تُقرن القول بالفعل، على قاعدة أن ربط أي برنامج زمني لنزع السلاح لا بد أن يتزامن مباشرة إسرائيل انسحابها وتسليم الأسرى، أو يسبقها.
ويراهن الحزب وشركاؤه على هذه المعادلة لكسب الوقت، مع استخفاف واضح وظاهر بحجم التهديدات الأميركية والإسرائيلية على السواء، حيث تلوّح واشنطن بمنع أي دعم مالي للبنان ولمشروع إعادة الإعمار، أو لأي برنامج محتمل مع صندوق النقد، ولها الكلمة الفصل في ذلك، فيما التهويل الإسرائيلي لا يتوقف بتوسيع الاعتداءات لتنفيذ قرار نزع السلاح بالقوة.
أمام هذه الصورة المعقدة، تفيد مصادر اللجنة الرئاسية أن العمل يجري على صيغة تتوافق مع خريطة الطريق التي رسمها برّاك، لجهة إصدار موقف رسمي عن الرؤساء الثلاثة يؤكد الالتزام اللبناني الجامع، على أن يبقى التعامل مع التفاصيل وفق ما يقتضيه الدستور والقوانين المرعية. بمعنى آخر، لن يكون هناك استصدار لقرار عن مجلس الوزراء إلا حيث تقتضي الحاجة ذلك، كما حصل مثلاً مع المصادقة على اتفاق وقف النار مع إسرائيل أو على خطة انتشار الجيش في الجنوب، حيث الالتزام اللبناني واضح وينفذ، فيما الخروق تأتي من الجانب الإسرائيلي وبتغطية أميركية.
وفي رأي المصادر أن الصيغة الجاري العمل عليها تشكل المخرج اللائق والمحترم الذي يرعى مصلحة لبنان في الدرجة الأولى، والذي سيجدد الدعوة إلى امتثال إسرائيل للاتفاق وتنفيذ الانسحاب من المناطق المحتلة بما فيها مزارع شبعا وقرى الغجر.
وفي حين يُنظر إلى أن قرار الحزب في شأن السلاح يعكس قرار طهران، تؤكد المصادر أن هذا القرار بات لبنانياً بالكامل، ويأخذ بمصالح البلد، كاشفة أن الحزب المنخرط تماماً بالاتصالات الجارية، قد سلّم التفاوض إلى رئيس المجلس نبيه بري لإيجاد المخرج لهذا المأزق، على قاعدة صياغة رد يرضي الحزب ويحفظ له ماء الوجه ولا يغضب واشنطن.