قانون الانتخابات قبل السّلاح… أم بعده؟

قانون الانتخابات قبل السّلاح… أم بعده؟

image

قانون الانتخابات قبل السّلاح… أم بعده؟
صار تعديل القانون ورقة ضغط أساسيّة يمسكها رافضو التعديل

كلير شكر - اساس ميديا
توازياً مع تسارع الخطوات الأميركية لفرض جدول زمنيّ لتسليم السلاح، ينطلق ماراتون الانتخابات النيابية التي تُعدّ مفصليّة، على وقع الخلاف بين الكتل البرلمانية على القانون الراعي للاستحقاق، من باب السؤال عن كيفيّة مشاركة غير المقيمين: كلّ في دائرته في لبنان، أم لدى البعثات الدبلوماسية في الخارج وللدوائر الـ15، أم لستّة مقاعد إضافية؟

طبعاً، لكلّ من هذه السيناريوهات الثلاثة نتائجه وتأثيره في تحديد موازين القوى داخل برلمان 2026. ولهذا اندلعت معركة مبكرة خلال الجلسة التشريعية الأخيرة على خلفيّة اقتراح قانون معجّل مكرّر مُقدّم من تسعة نوّاب (يمثّلون عريضة وقّعها 68 نائباً)، يضمن حقّ غير المقيمين بالاقتراع تبعاً لمكان قيدهم، في تكرار لمشهد الانتخابات الأخيرة في عام 2022، وهو ما يستدعي تعديل بعض موادّ قانون الانتخاب 144/2019 الذي ينصّ حاليّاً على إضافة ستّة نوّاب لتمثيل الاغتراب.

يشكّل هذا البند بالتحديد نقطة خلافيّة عميقة بين الكتل النيابية، وتحديداً بين الثنائي الشيعي الرافض لاقتراع غير المقيمين للدوائر الـ15 وفي البعثات الدبلوماسية، يسانده في هذا الرفض “التيار الوطني الحرّ”، وبين “القوّات” وّ”الكتائب” والنوّاب التغييريين وحتّى “اللقاء الديمقراطي” الذين يدعمون حقّ المغتربين في التصويت في دوائرهم، فيما تتوزّع أصوات النوّاب السّنّة بين من هو مستفيد من هذا الطرح وبين من يفضّل “التخلّص” من الصوت الاغترابي لحشره في ستّة مقاعد.

بهذا المعنى، صار تعديل القانون ورقة ضغط أساسيّة، يمسكها رافضو التعديل لتحسين الشروط السياسيّة، والتقنيّة الراعية للعملية الانتخابية، لدرجة التلويح بنسف الاستحقاق برمّته، والذهاب نحو التمديد فيما لو استعصى الحلّ على أهله. لكنّ التحذير الذي أطلقته “القوّات” بالتدرّج في موقفها تصعيداً فيما لو أهمل رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي اقتراح القانون المعجّل المكرّر، بدا معطّلاً، نظراً لعدم قدرة معراب على شلّ البرلمان، بسبب رفض شركائها في العريضة مجاراتها في تعطيل الجلسة التشريعية.

المقاطعة غير مشاركة غير المقيمين

تقول مصادر نيابية إنّ التقاء المصالح بين الكتل النيابية المؤيّدة لتعديل قانون الانتخابات بشكل يسمح لغير المقيمين بالاقتراع في الدوائر الـ15، لا يعني أبداً إسقاط هذا التقاطع على قرار المشاركة في الجلسات التشريعية. من هنا استعادت الجلسة الأخيرة عافيتها بعد اكتمال النصاب. وبالتالي سقطت ورقة مقاطعة الجلسات التشريعية، وهو ما سيُحرج “القوات” في موقفها مستقبلاً، بمعنى صعوبة مقاطعة كلّ الجلسات التشريعية إذا ما استمرّ برّي على موقفه الرافض مناقشة اقتراح القانون.

إذاً صار القانون، ومعه الاستحقاق، على حلبة الملاكمة، لأسباب تتجاوز الاعتبارات التقنيّة، وحتّى تلك المتّصلة بالنتائج المكوّنة لأكثريّات برلمان 2026، ليُلحقا بالملفّ السياسي – الأمّ: السلاح. كيف ذلك؟ الأوّل يضغط الثاني، والثاني قد يستفيد من الأوّل أو يبادله الضغط.

المشهد الداخلي المعقّد، حيث لا يزال السلاح ملفّاً داهماً بفعل الضغوط الأميركية والتدهور الاقتصادي الذي يرزح تحته البلد من جهة، والاعتداءات العسكرية التي تمارسها إسرائيل من جهة أخرى، يضاعفان أهمّية قانون الانتخابات النيابية والنتائج التي ستفرزها. ذلك لأنّ المجتمع الدولي يعتقد أنّ صناديق الاقتراع فرصة للانقضاض على الأغلبيّة النيابية من خلال التحكّم بمسارها، في سياق مضاعفة الضغوط على “الحزب”.

لهذا يشكّل اقتراع غير المقيمين محطّة شديدة الأهميّة في سياق الصراع السياسي الحاصل، لأنّ مشاركة هؤلاء ستسمح لبعض القوى في تحسين حواصلها الانتخابية ورفعها، على أمل اقتناص الأغلبية النيابية. في المقابل، يستخدم الثنائي هذه الورقة، ضمن ملفّ الانتخابات، تهويلاً بنسف الاستحقاق، لقطع الطريق على محاولات تطويقه عبر “تسونامي” المغتربين.

ترى المصادر النيابية أنّ الركون إلى القانون المعمول به لجهة إضافة ستّة نواب يمثّلون الاغتراب قد يؤدّي إلى تطيير الاستحقاق، بسبب صعوبة لا بل استحالة تطبيق هذا البند، لأنّ الدائرة الانتخابية ستكون على مستوى قارّة بكاملها، وهو ما يعني أنّ الحملات الانتخابية للمرشّحين تقتضي أن يزور كلّ القارّة!

الاحتمالات الممكنة

هنا تعتبر المصادر أنّ تعديل القانون هو ممرّ إلزامي لإجراء الانتخابات في موعدها، مع العلم أنّ القوى السياسية بدأت تتعاطى مع مطلبَي إنشاء الميغاسنتر والبطاقة الممغنطة وكأنّهما باطلان أو ترفٌ يصعب تحقيقه، وتشير إلى أنّ الاحتمالات المتوقّعة تراوح بين:

– أن تمارس واشنطن ضغوطاً على الكتل البرلمانية لكي تقرّ التعديل بشكل يتيح لغير المقيمين التصويت في الدوائر الـ15، وإلّا فإنّ الثنائي سيوظّف هذه الورقة في حماية البلوك الشيعي أوّلاً، وبلوك حلفائه ثانياً.

– أن يسبق تسليم السلاح، بشكل يرضي الأميركيين، مواعيد الانتخابات فتُترك اللعبة للبنانيّتها واعتباراتها الداخلية، وهو ما قد يطيّر مشاركة غير المقيمين، فيضطرّون إلى العودة إلى لبنان للإدلاء بأصواتهم.

– أن يصار إلى صياغة حلّ وسطي “فلا يفنى الذئب ولا تموت الغنمات”، فيؤجّل تسجيل المغتربين إلى المهل الأخيرة لحصر العدد قدر الإمكان.