صور استضافت ذخائر القديسة تريزيا في كاتدرائية مار توما

صور استضافت ذخائر القديسة تريزيا في كاتدرائية مار توما

image

المتروبوليت إسكندر: لنتعلم منها أن الرحمة لا تفرض بل تنبع من القلب

استقبلت مدينة صور عصر اليوم في ساحة ميناء الصيادين ذخائر القديسة تريزيا الطفل يسوع في حضور راعي ابرشية صور للروم الملكيين الكاثوليك المتروبوليت جورج اسكندر، رئيس بلدية صور حسن دبوق واعضاء المجلس البلدي، امين سر "اللقاء الإسلامي" في صور الشيخ ربيع قبيسي، الايكنموس بشارة كتورة ، الاب شارل فرعون، الاب يعقوب صعب، رئيس دير الفرنسيسكان في صور الاب توفيق بو مرعي وعدد من الكهنة  وحشد من المؤمنين.

بعد جولة للذخائر في شوارع الحارة القديمة حيث نثر الارز والزهور علىيها وسط التراتيل الدينية، وضعت في كاتدرائية القديس توما الرسول حيث ترأس  إسكندر قداسا احتفاليا بالمناسبة عاونه الإيكونومس كتورة والاب فرعون.

وبعد القداس القى اسكندر عظة قال فيها: نلتقي اليوم في رحاب كاتدرائية القديس توما الرسول في صور، في استقبال ذخائر القديسة تريزيا الطفل يسوع، هذه القديسة التي اختبرت سر المحبة في بساطة قلبها، فصارت زهرة صغيرة تنثر عبيرها في حقول العالم. هي بيننا اليوم، لتذكرنا بأن الإيمان ليس زينة نتباهى بها، بل هو درب حياة ، درب نزرعه في حقول قلوبنا لنحصد ثماره في بيوتنا، في مجتمعنا، وفي مدينتنا الجريحة صور. نرى يسوع في إنجيل اليوم متى (١٢: ١–٨)، يسير في حقول الحنطة يوم السبت، فيلتقط تلاميذه السنابل ليأكلوا من جوعهم. فيثور الفريسيون عليهم، متشبثين بالناموس والطقوس، فيما يفتح الرب باب الرحمة بقوله: "إني أريد رحمة لا ذبيحة. وهنا، تتجلى أمامنا صورة القديسة تريزيا: طفلة لا تعرف تعقيدات الفرائض، لكنها عرفت قلب الله. في بساطتها ووداعتها، أدركت أن الله لا يطلب طقوسا خاوية، بل قلبا يفيض بالمحبة. وسمعنا أيضا بولس في رسالته إلى أهل رومة (١١: ٢٥–٣٦) يقول: "يا لعمق غنى الله وحكمته!"

اضاف: "تريزيا عاشت في هذا العمق: كانت ترى في كل نسمة ريح رسالة حب من الله، وفي كل دمعة طريقا إلى قلب الآب. علمتنا أن الطريق الأقصر إلى الله هو طريق البساطة، وأن المحبة التي تمنح من القلب هي أعظم من كل ذبيحة تقدم بلا رحمة. في عالم يركض خلف المظاهر ويثقلنا بعادات قد تقتل الروح، تأتي تريزيا لتعيدنا إلى سر الإيمان الطفولي: سر التخلي عن الكبرياء، سر الثقة بأن الله يعرف قلوبنا قبل ألسنتنا، وسر الرحمة التي تنبع من عمق الألم. قالت تريزيا ذات يوم: "إن صغري هو فرحي وسر قداستي... إني طفلة في حضن الآب السماوي، لا أطلب إلا الحب.

وهكذا، يا أحبتي، لنتعلم منها أن الرحمة لا تفرض علينا فرضا، بل تنبع من قلب يحب الله ويحب الإنسان. الله لا ينتظرنا مثاليين، بل ينتظرنا رحماء. والقداسة ليست حكرا على النساك، بل هي دعوة لكل قلب يتسع للعطاء والرجاء".

وتابع: "أعرف أنكم تعيشون في قلب المضايق: حروب لا ترحم، ضغط اقتصادي غير مسبوق، لا أعمال ولا مستقبل، وقلوبكم تتوق إلى الفرج. لكن تريزيا تقول لنا اليوم: "حين تكون الروح مجروحة، تصبح الصلاة أقوى. حين يكون القلب مكسورا، تصبح الرحمة أعمق". فلنسمع صوتها يطوف بيننا ويقول: "حتى لو كسر العالم من حولكم، لا تدعوا المحبة تكسر في داخلكم". هي جاءت لتقول لنا: إن الله أقرب إلينا من صدى أنيننا، وإن ضعفنا هو أعظم مكان يزرع فيه الله زهرة الرجاء".

واردف: "تعالوا يا إخوتي نترجم هذه الزيارة السماوية إلى أعمال صغيرة تغير حياتنا:

١. ليكن لنا كل يوم دقيقة صمت نصغي فيها إلى صوت الله في قلوبنا، ونردد مع تريزيا: "يا رب، اجعلني زهرة حبك في العالم".

٢. اجعلوا من بيوتكم كنائس صغيرة: علموا أبناءكم أن الله رفيقهم، وأن البساطة طريقهم إلى قلبه.

٣. افتحوا قلوبكم لمن حولكم: بزيارة مريض، بكلمة طيبة، بابتسامة صادقة، لأن هذه هي الذبائح التي يريدها الله.

٤. في كل ضيق تتذكرون فيه أوجاعكم، تذكروا أن تريزيا كانت تعطي أحزانها للمسيح ليحولها فرحا".

وختم:"دعونا في ختام صلاتنا يا أحبة نشكر الله على هذه الذخائر المباركة، التي تساعدنا وتشجعنا أن نقتدي بتريزيا ونحيا حياتها: صغيرة أمام العالم، عظيمة في عيني الرب. دعونا نصلي معا صلاة قصيرة مستوحاة من كلماتها: " يا رب، خذ ضعفي واجعله قوة فيك. خذ خوفي واجعله رجاء بك. خذ فقري واجعله غنى بروحك. واجعلنا مع القديسة تريزيا، زهورا صغيرة في حديقة ملكوتك، تضيء العالم بابتسامة، وتزرع الرجاء في كل قلب جريح. ولتكن بركة الرب معكم، ترافقكم في كل خطوة تخطونها، وفي كل ابتسامة ترسمونها على وجوه الآخرين، آمين وفي الختام تبارك منها الحضور".