التداول بالعملة الرقميّة في لبنان... ماذا نعرف حتى الآن؟ | أخبار اليوم

التداول بالعملة الرقميّة في لبنان... ماذا نعرف حتى الآن؟

| السبت 14 نوفمبر 2020

يهدف مشروع العملة الرقمية إلى التخفيف من تخزين الدولار في المنازل

والذي تراوح قيمته ما يقارب الـ 10 مليارات دولار


فرح نصور -النهار
في عز التخبّط النقدي والمالي والاقتصادي الذي يعيشه لبنان، وإلى جانب المشاكل المتفاقمة وعلى رأسها أزمة الدولار، يعلن حاكم #مصرف لبنان عن إطلاق مشروع العملة الرقمية في السنة المقبلة. مشروعٌ يشبهه البعض بنوعٍ آخر من الـ hair cut، فالتداول به هو أشبه بالتداول بالشيكات المصرفية الحالية. فما هي إيجابيات هذا المشروع وسلبياته؟


يهدف مشروع العملة الرقمية إلى التخفيف من تخزين الدولار في المنازل والذي تراوح قيمته ما يقارب الـ 10 مليارات دولار، كما يهدف إلى تخفيف التهريب والطلب على الدولار في السوق السوداء. ويهدف أيضاً إلى الحدّ من التزوير، والمساهمة ولو بشكلٍ محدود في استمرار تصاعد التضخم الناتج عن تخزين المواطن للعملة واستهلاكه التخزيني للمواد الغذائية خوفاً من رفع الدعم. بالإضافة إلى تخفيض تضخم الكتلة النقدية سواء بالدولار الموجود في المنازل أم بالليرة اللبنانية التي يطبعها المركزي، ظناً منه أنّ بهذه الطريقة ينخفض الطلب على شراء الدولار. ومن إيجابيات هذه العملة أيضاً هو انتقال لبنان من اقتصادٍ نقدي إلى اقتصادٍ رقمي.

هذا ما يشرحه الباحث الاقتصادي، الدكتور مارك-أنطوان مهنا، مضيفاً أنّ "مشروعاً كهذا يمكن تطبيقه في ظل وضعٍ مصرفي وسياسي واضح، ويصعب تنفيذه في الأجواء الحالية، حيث مصير ودائع الناس مجهول والنظام المصرفي بحاجة إلى إعادة هيكلة. وهذا المشروع مقرون بشكل أساسي بعامل الثقة من الناس بالنظام المصرفي، وهو عامل غير موجود. فهذا النظام لديه مهلة حتى شهر شباط كي يزيد الـ 20 % من رأس ماله برأس مال fresh، وهناك علامات استفهام كبيرة هنا". ويتوقّع مهنا في هذا الإطار أن ينخفض عدد المصارف كثيراً في لبنان، وقد ينحصر عددها بـ 10 أو 12 مصرفاً فقط، كما أنّ المنظومة الحاكمة لم تطمئن الناس عن مصير ودائعهم في المصارف.

وفي ظل غياب عامل الثقة، برأي مهنا، يكون مشروع العملة الرقمية "بلا معنى"، وقد يؤثّر إيجاباً في التداول عبرها بالليرة لكن حتماً ليس بالدولار، وهي بالتالي نوع من الـ hair cut الحاصل الآن. وقد لا يكون سعر الدولار الحقيقي هو المتداول عبر العملة الرقمية، فالتداول عبرها سيأخذ طابع الشيك المصرفي الحالي، أي لن تكون ذات طابع نقدي، وبالتالي لن يتغيّر شيء بين التداول بالشيك المصرفي الحالي والتداول بالعملة الرقمية بالدولار، فالـ hair cut بين الشيك المصرفي والنقدي، سيكون نفسه بين العملة الرقمية والعملة النقدية، فالإثنان صادران عن المصارف اللبنانية ومن خلال مصرف لبنان. كما أنّ هناك خوفاً من أن تخلق العملة الرقمية هامشاً بين سعر العملة الرقمية وسعر العملة الورقية.

ومن المؤكّد، حسب مهنا، أنّ الناس لن يودعوا أموالهم في المصارف لتبديلها ب#عملة رقمية، فالثقة غير موجودة. لكن يمكن أن تطبَّق العملة الرقمية على الليرة اللبنانية، للتخفيض من حجم كتلتها، ما يساهم في تخفيض التضخّم والحدّ من الطلب على الدولار، ما يؤدّي إلى ضبط سعره بهامشٍ معيّن. وبدلاً من أن تعطي المصارف ودائع الناس بالليرة، تستبدلها بالعملة الرقمية، وبالتالي لا يمكن تخزين العملة الرقمية في المنازل، وفي الوقت نفسه ينخفض الطلب على الدولار. وقد تؤدّي هذه العملية في زيادة الاستهلاك التخزيني من قبل الناس وزيادة الفوضى.

في المحصلة، العملة الرقمية لا تحلّ الأزمة الاقتصادية الواقعة، وهي إجراء آني وقصير المدى، ولها تداعيات سلبية أيضاً. وبدلاً من توحيد سعر الصرف، يُضاف باب آخر لسعر صرف جديد عبر هذه العملة، "وإذا كان باعتقاد مصرف لبنان أنّ بهذه الطريقة سيسحب الـ 10 مليارات دولار من المنازل، فهذا لن يحصل بتاتاً"، في نظر مهنا.

العملة الرقمية تعزّز الشفافية

يساهم التداول بالعملة الرقمية في تعزيز الشفافية، ما يؤدّي إلى وضوحٍ أكثر في القطاع التجاري المحلّي أقلّه، وجزء من التداول فيها إيجابي إذ يمكن معرفة اتجاهات السوق من خلالها، ويجب إعطاء حوافز للناس كي يستخدموها وإلّا سيستمرّون في الاحتفاظ بالليرة لديهم.

ويوضح مصدر مصرفي أنّ باعتماد هذه العملة، ستُنقَل السيولة الموجودة خارج النظام الاقتصادي إلى نظام اقتصادي غير مصرفي، فالناس لديهم تحفّظ لجهة معاودة وضع أموالهم في المصارف، ويفضّلون الاحتفاظ بها في منازلهم.

وفي تفاصيل حديثه، فإنّ العملة الرقمية تُعيد إدخال السيولة في النظام الاقتصادي، إذ يمكن تعقّبها أكثر في ظل الفوضى السائدة خصوصاً مع العملة الوطنية، لكنّ لن تغيّر واقعنا وواقع أزمتنا الاقتصادية، ولن تحلّ مشاكل عضوية واقعة اليوم، إنّما ستسهّل التداول بالعملة في لبنان، وقد تكون خطوة أولى نحو توحيد سعر الصرف. لكنّ المشكلة أنّه بسبب وجود ثلاثة أسعار مختلفة لسعر الصرف في البلد، تمكّن العملة الرقمية من سحب الأموال بالدولار من تداولٍ فوضوي إلى تداولٍ منظَّم، لا أكثر ولا أقل.

وفي رأي المصرفي، لا يمكن اعتبار هذه العملة نوعاً من الـ hair cut، وأنّ تفاصيل مشروع إطلاق العملة الرقمية ما زالت غير واضحة، ويطرح في هذا الإطار التساؤلات التالية: "ما زال مجهولاً حتى الآن هل ستكون هذه العملة ليرة رقمية؟ وحاكم مصرف لبنان يقول إنّها قابلة للتحويل في الخارج، فهل ستكون دولاراً؟ وإذا كانت دولاراً، على أي سعر صرف ستكون؟ وهل ستكون المصارف مسؤولة عن تأمين سيولة لها؟ وهل الناس مستعدّة اليوم لإعطاء ثقتها بعملة جديدة؟ وإذا ما كانت العملة الرقمية تساوي قيمة الدولار الحقيقة، هل الناس سيشترونها ويلتزمون بها؟". ويلفت إلى أنّ ثقة الناس في القطاع المصرفي انتهت وتحتاج إلى وقتٍ طويلٍ لاستعادتها.

وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قد صرّح خلال اجتماعٍ مع جمعية المودعين اللبنانيين، أنّه "في ما يتعلق بالكتلة النقدية في السوق اللبنانية، فإنّ التقديرات تشير إلى وجود 10 مليارات دولار مخزَّنة داخل البيوت، ما يستوجب وضع آلية تنظيمية جديدة لإعادة الثقة بالمصارف، ومن ضمنها إعداد لمشروع عملة لبنانية رقمية، خلال سنة 2021، تساعد على تطبيق "SYSTEM CASHLESS"، ما يتيح تحريك سوق النقد محلياً وخارجياً".

لكن ماهي العملة الرقمية وماهي مميّزاتها؟

وبحسب بحثٍ نشره موقع وزارة الإعلام بعنوان "ماهية العملات الرقمية والافتراضية وكيف يتم التعامل معها؟"، فإنّ العملة الرقمية هي:

-عبارة عن نقود ونوع من أنواع العملات لكنّها غير موجودة بأشكال فيزيائية ومادية، بل إنّها افتراضية وتتواجد في العالم الافتراضي أو فضاء الإنترنت.

-ظهرت هذه العملات وعددها يزداد يوماً بعد يوم مع إطلاق المزيد منها بتسميات مختلفة، و"بيتكوين" هي أشهرها لكنّها ليست الوحيدة.

-تهدف الى الاستخدام في الدفع الإلكتروني على الإنترنت والمعاملات التجارية، وكذلك نقل الأموال وتحويلها بسرعة من أي بلدٍ لآخر، بدون حدود ومعوقات.

-العملات الرقمية وتحديداً "البيتكوين" هي عملات لا مركزية، أي لا يمكن لحكومة أو مؤسسة ما أن تتحكّم في إنتاج المزيد منها. ويتمّ التحكم فيها عن طريق تكنولوجيا تٌدعي سلسلة الكتل (Blockchain).

-يتميّز نظام العملات الرقمية بعدة أمور، وهي: السرعة الفائقة، التكلفة المنخفضة جداً وهي تقريباً مجانية أو مبلغ لا يٌذكر، الحماية والشفافية حيث أنّ كلّ عملية اقتصادية أو مالية يتمّ توزيعها على ملايين الحواسيب حول العالم، ممّا يجعل عملية اختراقها مستحيلة عملياً، واللا مركزية أي أنّها غير تابعة لأي بنك مركزي.

وبحسب موقع "بلوك عربية" الرائد في مجال العملات الرقمية، عندما يتداول الناس بهذه العملات، فإنّهم بحاجة إلى استخدام منصة تداول العملات الرقمية. بحيث يمكن مطابقة المشترين والبائعين. على سبيل المثال، إذا كنت تحتفظ بـالبتكوين Bitcoin وترغب في بيعه لحساب الإثريوم Ethereum (عملة رقمية أخرى)، فستساعدك المنصة في العثور على بائع Ethereum للتداول معه. وستفرض عمليات التبادل رسومًا مقابل القيام بذلك، والتي تكلّف عادةً حوالي 0.1٪ لكل عملية تداول.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار