أميركا: لا لـ"حزب الله" في الحكومة و"صندوق النقد" لن يتحرّك | أخبار اليوم

أميركا: لا لـ"حزب الله" في الحكومة و"صندوق النقد" لن يتحرّك

| الثلاثاء 17 نوفمبر 2020

حلفاء باسيل وراعيه في قصر بعبدا سيبذلون كلَّ شيء من أجل تأليف حكومة جديدة

تلبّي مطالبهم الداخليّة والإقليميّة وتحمي مصالحهم السياسيّة 


سركيس نعوم -"النهار"
تُفيد المعلومات المتوافرة عند مُتابعين لبنانيّين لحركة الجهات الأساسيّة المعنيّة مباشرة بتأليف الحكومة أنّ "الثنائيّة الشيعيّة" لا تستطيع إلّا أن تدعم رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل بعد العقوبات التي فرضتها عليه الولايات المتحدة أخيراً. فمُؤسِّس "تيّاره" العماد ميشال عون عطَّل أحد أبرز رُكنيها أي "حزب الله" البلاد بفراغ رئاسيّ كي يوصله إلى رئاسة الجمهوريّة مكافأة له على تفاهم شباط 2006 الذي أمَّن له غطاءً مسيحيّاً سياسيّاً وشعبيّاً وازناً كان في أمسَّ الحاجة إليه.
وفي موقعه الرسميّ هذا نثَّق عون دائماً مواقفه السياسيّة مع "الحزب" أو بالأحرى تبنّى استراتيجيّته السياسيّة تجاه الداخل والعسكريّة تجاه إسرائيل وإيديولوجيّته الإقليميّة – السياسيّة – الدينيّة بل المذهبيّة. لم يشذَّ باسيل عن هذا الخطّ. لكنَّ تبنّي عون له بالكامل واعتباره إيّاه الإبن الذي لم يرزق به والوريث السياسي له سواء في "التيّار" أو في رئاسة الجمهوريّة جعلت البوخار يصعد إلى رأسه فانتهج أحياناً سياسة ناقضت مصالح "الحزب" السياسيّة وغير السياسيّة، وناوأ بقوّة شريكه في "الثنائيّة" أي "حركة أمل" وتحديداً رئيسها نبيه برّي، وحاول فتح خطوط مع الجهات الإقليميّة والدوليّة التي لا بدّ أن تكون ناخبة لرئيس جمهوريّة لبنان بعد نحو سنتين أو شريكة في انتخابه على ما جرت العادة منذ استقلال دولته. لكنَّ حركته هذه كانت مُستعجلة وربّما خرقاء لأنَّ الطموح أعماه وعطَّل ذكاءه الذي لا يُنكره حتّى أخصامه، فعجز عن إدراك عُمق الخلاف لا بل العداء بين حليفه الشيعي – الإيراني وبين الولايات المتّحدة وحلفائها الخليجيّين. ومعروف أنّ بين أطراف الجهتين ما صنع الحداد. ظنّ أن تعامله و"رئيسه" ومؤسّس تيّاره مع واشنطن وأهمّ لوبي سياسي فاعل ونافذ في كونغرسها بمجلسَيه كما في إعلانها وربّما في إدارات عدّة مُهمّة فيها، في مرحلة النفي في فرنسا والعداء لسوريا والعمل لإخراجها من لبنان ولاحقاً للتربُّع على كرسي الرئاسة في بعبدا، ظنّ أنّ هذا التعامل سيكون مُنتجاً كما في الماضي، إذ ساهم في إقرار الكونغرس قانون مُحاسبة سوريا وإخراجها من لبنان، ولاحقاً في إصدار مجلس الأمن قراره 1559 عام 2004 الذي طلب من رئيس الأولى بشّار الأسد إخراج جيشه من لبنان تحت طائلة تنفيذ تهديدات كثيرة.
طبعاً ظنُّه خاب كما هو معروف والسبب مبالغته في تقدير قدراته على اللعب على حبال حلفائه الجُدُد (إيران و"حزب الله") وحلفائه أو بالأحرى حلفاء والد زوجته الرئيس عون يوم كان في المنى (أميركا واللوبي السياسي – الإعلامي – الكونغرسي – المالي الأكثر نفوذاً فيها). طبعاً يقول المُتابعون أنفسهم أنّ الركن الثاني في "الثنائيّة الشيعيّة" أي "حركة أمل" بل رئيسها نبيه برّي المعروفة علاقته غير الوديّة ومن زمان مع باسيل الذي لم يكُفّ عن استهدافه علناً في مجالسه الخاصّة كما في الإعلام، في السياسي والشخصي لا يستطيع إلّا أن يقف إلى جانب الأخير بعد الاستهداف الأميركي المباشر له جرّاء تحالفه ليس مع "الحزب" فقط بل مع الطائفة الشيعيّة التي يُمثِّل و"أمل" غالبيّتها برضاها بسبب تحريرها الجنوب من إسرائيل، ونجاحها في دفعها نحو الدور الأوّل في البلاد بالممارسة إن لم يكن بالنصوص. ولم يستطع التمايز عن "الحزب" أيضاً في هذا المجال بسبب التماهي بين الأخير وإيران الإسلاميّة التي لا يُنكر برّي علاقته الجيّدة بها وتقديره دورها اللبناني والفلسطيني ومن زمان.

هذه المقدّمة الطويلة ينطلق منها المُتابعون اللبنانيّون أنفسهم ليؤكّدوا أن حلفاء باسيل وراعيه في قصر بعبدا سيبذلون كلَّ شيء من أجل تأليف حكومة جديدة تلبّي مطالبهم الداخليّة والإقليميّة وتحمي مصالحهم السياسيّة، وتغُطّي انحرافات المنظومة السياسيّة التي تضمّ الغالبيّة الساحقة من زعماء الطوائف والمذاهب والأحزاب. وإنّهم سيُمارسون على الرئيس المُكلَّف سعد الحريري ضغوطاً كبيرة ويُقدِّمون له إغراءات أكبر تُحقِّق طموحه إلى ترؤّس الحكومة لأسباب عامّة وغير عامّة. لكنّ هؤلاء يعرفون من مُتابعتهم الأطراف السياسيّين الآخرين المُعادين لـ"الثنائيّة" ولـ"التيّار" المسيحي ولمؤسِّسه رئيس الدولة أنّ باسيل وبعد العقوبات التي هزّته رغم ردّ فعله المدروس والشجاع والفاتح الأبواب على الذي سيحلُّ مكان فارضها عليه في البيت الأبيض آن واحد، كما بعد العداء الكبير له الذي أظهره الحريري برفضه البحث معه في الموضوع الحكومي كما برفضه مشاركته الشخصيّة في الحكومة، لكنَّ هؤلاء يعرفون أنَّ باسيل لن يُمكِّن غريمه الحريري صديقه وشريكه سابقاً في التسوية الرئاسيّة كما في غيرها من النجاح في تأليف الحكومة إلّا بعدما "يُظلّطه". وهذا أمر في رأيهم لن يستطيع الحريري أن يفعله بل أن يقبله الأمر الذي سيُبقي لبنان مع حكومة تصريف أعمال ورئيسٍ مُكلّف عاجز عن التأليف و"ثنائيّة" ورئيس دولة وحزبه ووريثه مُصرّون على التمسُّك بكل الأوراق اللبنانيّة التي في أيديهم لمواجهة التطوُّرات المُرتقبة في المنطقة، بعد حسم الوضع الانتخابي الرئاسي الأميركي وحسم الحليف الإيران خياراته الأميركيّة (فتح باب حوار مع إدارة بايدن أو اختيار الضغط عليه للحصول على المزيد أو للتقليل من التنازلات، ولا سيّما إذا صار ترامب حالة شعبيّة شارعيّة مُهمّة رغم أن كفاءاته لا تُؤهِّله إلّا للفوضى والتحريض وإشاعة الفتن وعدم الاستقرار. وقد أثبت ذلك في ولايته الرئاسيّة كما في تعامله مع نتائج الانتخابات الرئاسيّة الأخيرة التي هُزم فيها).

على ماذا يستند المُتابعون اللبنانيّون أنفسهم للجزم أن لا حكومة الآن وربّما لوقت طويل؟ على المُعطيات والمعلومات الآتية المُجمّعة من أكثر من جهة سياسيّة:
- أبلغ رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النيابية الحاج محمد رعد الموفد الفرنسي الأخير باتريك دوريل أنّ فريقه مضطرٌّ للمشي مع حليفه باسيل وخصوصاً بعد عقوبات أميركا عليه، وأنّ الحلّ الوحيد هو في إعادة الوصل بينه وبين الرئيس المُكلّف سعد الحريري.

- أبلغ الرئيس عون دوريل أنّ واجب الرئيس المُكلّف التشاور مع كل الأطراف لتأليف حكومته. وقصد بذلك صهره باسيل الذي رفض الحريري التشاور والتعاون معه من زمان، وتحديداً منذ استقالة حكومته بعد "ثورة 17 تشرين". علماً أنّه كان أبلغ حلفاءه والحريري استعداده أن يكون صلة الوصل بين الثاني وباسيل.
- تأثّر عون وعائلته كثيراً من العقوبات على باسيل لأنّ آثارها عليها بالذين يُحبّوه الأخير أو يختلفون ستكون سلبيّة وخصوصاً إذا كانت لهم حسابات مصرفيّة داخل لبنان وخارجه.

- إنُ مشكلة توزيع الحقائب الوزاريّة كبيرة ولم تجد حلّاً لها بعد. أو أنّ ما يحصل من تطوُّرات داخلاً وخارجاً يُعطِّل كل توافق يحصل عليها ويُلغيه ولذلك لا حلَّ قريباً.
- فشل دوريل ورغم الاتصال الهاتفيّ البارد والقصير الذي أجراه بين الحريري وباسيل في دفعهما إلى الكلام ثمّ العمل معاً لاحقاً لتذليل الصعوبات.

- انتقال سفيرة أميركا في لبنان من التلميح إلى التصريح ومن الدفاع أو الصمت إلى الهجوم علماً أنّها كانت هجوميّة منذ قدومها إلى لبنان لتمثيل بلادها فيه. لكنّ تصريحات لها "فجّة" أثارت ضجَّة فاضطرّ رئيس الدولة ووزارة الخارجيّة إلى التدخُّل لاقناعها بالصمت أو على الأقل لتخفيف صراحتها المُعادية بعد هيجان المُعارضين لأميركا في البلاد. فهي قالت في الأيّام الأخيرة أنّ بلادها لم تُساعد وزارة الصحّة لأنّ شاغلها ينتمي إلى "حزب الله" وإن من دون بطاقة رسميّة.

وقالت أيضاً في تصريح صحافيّ أن باسيل يحمي صواريخ "حزب الله" و"حزب الله" يحمي فساده. وأبلغت دوائر أميركيّة عدّة قد تكون السفيرة في لبنان منها الحريري أنّه لا يستطيع أن يُشكِّل حكومة مع "حزب الله". فكان جوابه أنّ ديفيد هيل مساعد وزير الخارجيّة الأميركيّة للشؤون السياسيّة لم يكُن هذا رأيه في الماضي القريب. وقد عكست ذلك تصريحات له. إلى ذلك فإن سفيرة أميركا مُستمرّة في مواجهة باسيل والضغط عليه ولا سيّما بعدما ردّ على العقوبات بطريقة اعتبرتها الإدارة في واشنطن استفزازيّة ومُتحدّية. فهي تُبلغه عبر أكثر من جهة أنّه خاسر. وتُبلغ اللبنانيّين بتصريحاتها أنّ بلادها لن تساعد لبنان حتّى إنسانيّاً، وخصوصاً في أزمة "الكورونا" التي تضربه كما تضرب الكرة الأرضيّة كلّها. في جو كهذا هل يعقل أن يتقدَّم "صندوق النقد الدولي" لمساعدة لبنان وخصوصاً أنّ الأخير لم يقُم بما عليه حتّى الآن كي تُبادر قيادة الصندوق إلى الانخراط عمليّاً في بحثٍ مع حكومة بيروت أو "حاكمها" في الحلول الإنقاذيّة لماليّته ومصارفه ونقده واقتصاده...؟

الجواب هو كلّا طبعاً لأنّ تحرّكه أساساً يحصل من دون ضوء أخضر أميركي. وفي أجواء كهذه يظنّ المُتابعون أنفسهم أنّ الأزمة الحكوميّة ستبقى مُستمرّة. لكنَّ السؤال هو إلى متى؟ وما هي التطوّرات التي ينتظرها أطراف الأزمة الحكوميّة لبنانيّاً – إقليميّاً – دوليّاً – أميركيّاً؟ وهل يستطيع لبنان أن ينتظر؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار