بين خطري "انهيار الدولة وزوال الكيان" المطلوب واحد: الاحتكام الى نصوص الدستور | أخبار اليوم

بين خطري "انهيار الدولة وزوال الكيان" المطلوب واحد: الاحتكام الى نصوص الدستور

داود رمّال | الأربعاء 18 نوفمبر 2020

للذهاب بلا ابطاء الى الدولة المدنية ونهائية لبنان واللامركزية الادارية مع الانماء المتوازن

داود رمال  -"أخبار اليوم"

عندما يكثر الحديث عن "الخطر الكياني" الذي يتهدد لبنان، مرورا ب"انهيار الدولة" وصولا الى "خطر الزوال"، تتكشّف حقيقة انقلاب السلطة السياسية والطبقة الحاكمة والمتحكمة على كل العهود والوعود والاتفاقات التي اعلنت وابرمت، مما وضع لبنان امام المصير المجهول.

واذا كان لبنان وطن "ميثاقي" بالتكوين، وفق معادلات بالغة الدقة ومقياس شديد الحساسية، فان هذا لا يمنع على الاطلاق الانتقال من مبدأ تكريس التنوع ضمن الوحدة الى بنيان مؤسساتي يقال عنه "عقد جديد" يقوم على المواطنة والدولة المدنية، بحيث تذوب كل التعقيدات الطائفية والمذهبية، وندخل في منظومة مريحة من التعاطي بين ابناء الوطن الواحد.

ولا تحتاج الطبقة الحاكمة الى عناء تفكير في البحث عن المسار الذي يجب ان تسلكه في عملية الانتقال من مرحلة "النهب المنظم وبلا هوادة" الى مرحلة "البناء والنهوض والازدهار"، وهذا المسار محدد في الدستور ومنصوص عنه ببنود واضحة، اما اهملت منذ اقرار دستور الطائف او طبّقت بشكل أشوه افقدها المبتغى والهدف من وضعها.

وبعدما اجمع كل الفرقاء في نظام المحاصصة والتحاصص والتناتش ومعهم "الشعب الغالب امره وليس المغلوب على امره"، على ان لبنان الرسالة يقتضي الاتفاق على استكمال تطبيق وثيقة الوفاق الوطني، خصوصاً في القضايا الجوهرية الاساسية التي تحدث التغيير والاصلاح المطلوبين، صار من الواجب على كل مسؤول وكل مواطن ان يكون شريكا ومساهما في عملية منع لبنان من الاستمرار في الاضمحلال وصولا الى الزوال وذلك من خلال تنفيذ وتسييل المشتركات والثوابت الوطنية الكبرى وهي:

اولا:  المواءمة بين الحفاظ على النظام الديمقراطي التعددي للبنان، وبين تصور واضح ومحدد زمنياً، لانتقال كامل نحو الدولة المدنية الشاملة، بما في ذلك كيفية التدرّج من تثبيت التساوي والمناصفة بحسب الدستور بين ما يسمى "العائلات الروحية" في الحياة العامة، وصولاً الى تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية، التي عليها وضع الخطط وتقديم الاقتراحات وتمهيد السبل امام الغوص في هذا المشروع الوطني الطويل، انطلاقا من الغاء الطائفية من النفوس والعقول والنوايا والممارسات البينية قبل الغائها من النصوص الدستورية والقانونية.

ثانيا:  الحفاظ على مقوّمات الوطن اللبناني البنيوية، خصوصاً في ديمغرافيته وجغرافيته، من ضمن وحدته ونهائيته بما يقتضيه ذلك من تسليم جامع بعدم السماح بأي تلاعب بالهوية الديمغرافية للبنان، وضرورة صونها تشريعياً، إقامةً وانتشاراً. والأهم التمسّك بالنسيج المجتمعي اللبناني كاملاً، بين إنسانه وأرضه. فكما يرفض اللبنانيون التوطين المعلن أو المقنّع، عليهم مواجهة  أي محاولة لتثبيت أي جماعة غير لبنانية، على أرض لبنان. ومسألة ايجاد حل سريع للنازحين السوريين باعادتهم الى بلدهم بعدما ساد الامن والاسقرار معظم الاراضي السورية هي قضية وطنية لا مساومة او مداراة او تدوير زوايا بشأنها، وكما يكاف اللبنانيون الهجرة الخارجية القسرية لأبنائهم، يعملون على وقف الهجرات الداخلية، إن بالنزوح من الريف، أو بنقل سجلات القيد، بما يخلق غيتوات نفسية أو واقعية، تؤدي إلى "كنتنة" لبنان وقوقعة اللبنانيين.


ثالثا: وجوب الذهاب سريعا الى تطبيق البند الدستوري المتمثل باقرار اللامركزية الادارية وبلا ابطاء، بهدف تثبيت اللبناني في مواطنه الأصلية، وتأمين حقه الكامل في الإنماء المتوازن على مساحة وطنه. وذلك عبر بناء الدولة العصرية العادلة القوية المساوية بين اللبنانيين في حقوقهم وواجباتهم، وتكريس السعي الفعلي إلى اقتصاد غير ريعي لا بل منتج، يؤمن تجذير اللبناني في أرضه، مع التأكيد على التلازم العضوي بين اللامركزية الادارية والانماء المتوازن، كونهما مدخلان اساسيان لتشجيع كل انواع الاستثمارات وتفعيل عملية الانتاج وفق احتياجات وطنية تشاركية.

كثيرة هي المشاكل التي يعاني منها لبنان، والحلول متوفرة لو تم العودة الى "الكتاب" الذي اهملت نصوصه وذهبت الطبقة الحاكمة الى اختراعات وممارسات خارج كل دستور وقانون، حتى وصلنا الى يومنا الحاضر الذي نتمنى فيه لو اننا محكومين بشريعة الغاب، حيث الامور واضحة وليست ضائعة كما حالنا واحوالنا.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار