ارتفاع ملحوظ للزواج المبكر بأكثر من 13% بين القاصرات مقابل 3% بين الفتيان | أخبار اليوم

ارتفاع ملحوظ للزواج المبكر بأكثر من 13% بين القاصرات مقابل 3% بين الفتيان

| الأربعاء 25 نوفمبر 2020

ارتفاع نسب الطلاق بشكل مخيف واستخدام بعض تلك الزيجات في مجال الإتجار بالبشر

روزيت فاضل   -"النهار"

"في الدراسة التي بدأنا بها أواسط العام الحالي، والتي ستصدر قريباً، لاحظنا أن 46 في المئة من الفتيات اللبنانيات أو السوريات والفلسطينيات، اللواتي أجبرن على الزواج المبكر، لم تكن أعمارهن تتعدى الخامسة عشرة، وأن نصف هؤلاء تزوج قبل بلوغ الرابعة عشرة... هذا، عدا عن ارتفاع نسب الطلاق بشكل مخيف وعن استخدام بعض تلك الزيجات في مجال الإتجار بالبشر".
هذا ما ذكرته رئيسة "جمعية مساواة – وردة بطرس للعمل النسائي" الدكتورة ماري ناصيف الدبس في مقابلة خاصة لـ "النهار".
لمَ الحديث عن الزواج المبكر اليوم وبالتحديد زواج القاصرات، في وقت تكمن الأولوية في مكان آخر، في كيفية تأمين لقمة العيش أولاً؟ بالنسبة للدكتورة الدبس "الجواب أننا نتابع إثارة هذه القضية، التي ازدادت وطأتها على اللبنانيات دون سن الثامنة عشرة، لأن الأرقام التي حصلنا عليها مخيفة، ولأن الزواج المبكر مرتبط بالأزمة الاقتصادية ويشكل النتيجة المنطقية لها".
25 في المئة
عن الأرقام المخيفة للدراسة، ذكرت الدكتورة الدبس أن "الزواج المبكر في لبنان تجاوز اليوم نسبة الـ13 بالمئة من عدد القاصرات مقابل 3 بالمئة بين الفتيان؛ وهو ازداد، منذ عشر سنوات تقريباً وبالتحديد في المرحلة الحالية، في المناطق الأكثر فقراً في الهرمل والمنية الضنية وعكار، وكذلك في طرابلس وصور وحاصبيا".
ولفتت الدكتورة الدبس إلى أن "هذه الزيجات تركزت خاصة في المناطق المحيطة بمخيمات النازحين السوريين حيث نسبة القاصرات المتزوجات تكاد تقترب من الـ25 في المئة ... كما لو أن هناك سباقاً بين أهالي الضحايا، نعم الضحايا، من الجانبين للخلاص من بعض المشاكل المادية التي يعانون منها".

الإتجار بالبشر
إعتبرت الدبس أن "كل هذه الأمور نعتبرها جرائم بحق الطفولة وخروجاً عن الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي تشير في مادتها الأولى إلى أن الطفل هو "كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه، وأنه بحاجة إلى الرعاية والحماية من كل أشكال التمييز والعنف". وأشارت إلى "أن الدولة اللبنانية، عندما غضت النظر عن الزواج المبكر، فهي خرقت أيضاً اتفاقية أخرى، هي اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو"، التي أبرمها لبنان والتي جاء في مقدمتها لفت نظر إلى أن النساء "في حالات الفقر، لا ينلن إلا أدنى نصيب من الغذاء والصحة والتعليم والتدريب وفرص العمالة والحاجات الأخرى"، والتي ركزت، خاصة في مادتيها الثانية والسادسة على إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وإدماج مبدأ المساواة في دساتيرها الوطنية، وعلى مكافحة جميع أشكال الاتجار بها".

تداعيات هذا الزواج
ركزت الدكتورة الدبس على تداعيات الزواج المبكر لكل من الفئتين، مشيرة الى أن "التداعيات متعددة الاتجاهات، لعدم اكتمال النمو الجسدي، أولاً، ولانعدام وظيفة التعليم، ثانياً، ولعدم النضوج العقلي والفكري، ثالثاً...".
وتوقفت عند "تأثير الزواج المبكر من الناحية الصحية على القاصر، إن جسدياً أو جنسياً أو لناحية الإنجاب". وقالت: "جسد الطفلة، التي لم تتجاوز الثامنة عشرة، غير مكتمل النضوج، أي أن إمكانية إصابته بأمراض خطيرة واردة جداً، وبالتحديد أمراض الدم وسرطان عنق الرحم، كما أشار الأطباء في جلسات الاطلاع والنقاش... ويزداد الطين بلة عندما تكون الفتاة في بدايات تكوينها، أي في سن الثانية أو الثالثة عشرة...".

ولفتت الى أن "القاصر تتعرض في هذه الحالة إلى المخاطرة بحياتها في بعض الأحيان. هذا، عدا عن الآثار السلبية على صحة الأجنّة والأطفال، بدءاً بالولادات المبكرة والتشوهات المختلفة، وتأخر النمو الجسدي والعقلي إلى الإعاقة السمعية والبصرية والإصابة بالشلل الدماغي". مضيفة أن القاصر "غير مهيأة بالأساس للعب دور الزوجة؛ أو حتى للقيام بمسؤولياتها تجاه أطفالها، إن تربوياً أو اجتماعياً".
واعتبرت الدبس أيضاً أنها "أساساً "طفلة" لها حقوقها في اللعب والترفيه والتعلم والتربية"؛ وأضافت: "هي لا تعرف معنى الزواج وأهميته، فكيف بمسؤوليات الأسرة وخاصة الأمومة؟. كل ذلك يؤدي إلى نشوء مشكلات اجتماعية ونفسية كثيرة، منها الطلاق ومنها أيضاً اضمحلال الشخصية والتهميش وعدم القدرة على اتخاذ أي قرار بالنسبة لحياتها. وهذا ما عبرت عنه العديد من اللواتي تزوجن في سن مبكرة، وقسرياً، مطالبات الدولة بتطبيق التعليم الإلزامي وإدخال التوعية بحقوق الإنسان، ومنها بالتحديد حقوق المرأة، في المناهج التعليمية".

تعديل القانون
إنتقلت الدبس في حوارها إلى التشريع الخاص لحماية المرأة من الزواج المبكر. موضحة أننا "نعرف جيداً أن الدولة اللبنانية تخلت للطوائف عن صلاحياتها في مجال الأحوال الشخصية. ونعرف كذلك أن القوانين الطائفية والمذهبية كثيرة، إذ تبلغ اليوم 15 قانوناً ويقال بوجود مشروعي قانون إضافيين في مجلس النواب طلباً للإقرار".
ماذا يعني ذلك؟ أجابت: "إنه يعني أن القوانين الطائفية والمذهبية تتحكم بسن الزواج، وأغلبيتها تقر الزواج المبكر، وبالتحديد زواج القاصرات".
وشددت على أن "مبادرتنا التي بدأناها منذ زمن طويل والتي تركزت في السنتين الماضيتين، ولا تزال تعمل على ثلاثة مستويات للتغييرهي: المستوى الأول، ويتعلق بإيجاد المراسيم التطبيقية المفقودة لوضع القانون 150 / 2011 المتعلق بإلزامية التعليم ومجانيته موضع التنفيذ، وإطلاق حملات توعية وطنية بمشاركة واضحة ومخططة بين وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبلديات وكذلك المنظمات النسائية والاجتماعية التي تعنى بالشأن العام... مع دور أساس للإعلام".

الفقرة 2 من المادة 16
وإنتقلت الدبس إلى المستوى الثاني مشيرة الى أنه "يتعلق بإلغاء التحفظ الذي وضعته الحكومة اللبنانية على المادة 16 من الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز ضد المرأة (سيداو) وتطبيق محتوى الفقرة 2 من تلك المادة التي تؤكد أنه "لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي أثر قانوني، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية، بما في ذلك التشريعي منها، لتحديد سن الثامنة عشرة سناً أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمراً إلزامياً".
أما المستوى الثالث والأهم، وفقاً لها "فيتعلق بالعمل على إقرار القانون المدني للأحوال الشخصية كلها (وليس فقط الزواج). وهو مستوى يتطلب حشد كل الطاقات الشعبية والقانونية والسياسية من أجل إنجازه".
وشددت على أن "القانون المدني يؤكد صفة المواطنة الجامعة بين اللبنانيين، ذكوراً كانوا أم إناثاً، وينهي حالات التشرذم والتقوقع والقمع القانوني الناجمة عن الانقسامات المذهبية والطائفية، ويساوي بين المرأة والرجل ويؤكد المساواة بين امرأة وأخرى، من خلال توحيد حقوق كل نساء لبنان وواجباتهن تجاه قانون موحد ينطلق من أن الشعب هو مصدر السلطات وأن المرأة جزء لا يتجزأ من الشعب، وهذا، إضافة إلى كونه يثبّت السلم الأهلي، من خلال وحدة الشعب ومؤسساته التشريعية، ويعيد إلى الدولة صلاحيات انتزعتها الطوائف منها، ويؤكد سيادة الدولة على كامل أراضيها، عبر تطبيق مبدأ وحدة القانون".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار