خبير دستوري لـ"اخبار اليوم":دور الشعب حاسم فهو مصدر السلطات
وعليه الاقلاع عن تأبيد وتقديس الزعامات والقيادات
بناء الدولة يحتاج اصلاحا جذريا في السياسة والمؤسسات والقضاء والاعلام والتربية
داود رمال – "أخبار اليوم"
كلما تم طرح قضية وطنية، تقدمت الى الواجهة اولوية الاصلاح ومحاربة الفساد، باعتباره المدخل الى تصحيح الامور بكل جوانبها وابعادها، لا سيما لجهة انتظام عمل المؤسسات والادارات العامة، اذ يكاد لبنان يكون البلد الوحيد الذي يوجد فيه دستور وقوانين وسبق كل اقرانه من الدول العربية في هذا المضمار، الا انه يحكم خارج هذه المنظومة المؤسساتية، وتعمد طبقته السياسية الحاكمة الى ابتداع اعراف وطريقة حكم لا تمت الى الدستور والقانون بصلة.
والمشكلة التي تواجه كل المبادرات الخارجية لاعادة لبنان الى الدائرة الدستورية والقانونية، ان القيمين على الواقع الراهن والذي يمتد منذ قرابة الاربعين عاما، انهم يرفعون شعارات الاحتكام الى القانون والدستور، ولكنهم يمارسون عكس ذلك كليا، وهناك صعوبة قصوى تصل الى حد الاستحالة في تغيير سلوك المنظومة الحاكمة، والتي يقول خبير دستوري لوكالة "اخبار اليوم"، انها صارت تحتاج الى "معادلة دستورية وقانونية بمفعول نووي يبيد كل ممارساتها، ومن ثم اعادة البناء من جديد على طريقة الحاكم المستبد العادل".
مبدأ الولاء للدولة
ويرى الخبير ان المطلوب "على صعيد بناء الدولة في لبنان هو اصلاح جذري وجدي ونهائي في السياسة والمؤسسات والقضاء والاعلام والتربية بالارتكاز على قواعد ناظمة ونهائية وفق آلية تخرج مؤسسات الدولية من الارتهان الجهوي والحزبي، من خلال اجتثاث الميليشيا من داخلها، وفرض مبدأ الولاء للدولة على ان تكون المرجعية للشعب والمعيار هو خدمة المواطن وفق مبدأ الحق والواجب".
ويقترح الخبير في هذا المجال سلسلة من الاجراءات تقوم على "اعتماد الشفافية كمعيار عمل اوّل في الحياة المؤسساتية العامة، وتفعيل الإدارة من خلال إعادة هيكلتها بدءاً بإجراء التعيينات وفق المعايير الدستورية التي هي الاستحقاق والكفاءة والجدارة والاختصاص، ونبذ أي شبهة تدخل سياسي فيها مهما كلف الامر".
الحقيقة المجردة
ويعتبر الخبير نفسه ان الوصول الى هذا الواقع السليم يحتاج وبصورة حتمية وملحاحة الى "مساعدة القضاء في أدائه تحصيناً لاستقلاليته وفعاليته، وتفعيل عمل الهيئات الرقابية واجهزة الدولة المعنية بتحفيزهم على العمل المكافح للفساد، وصولا الى انهائه، بما يؤدي الى الإفادة القصوى من موارد الدولة ومقدّراتها ومرافقها وثرواتها للمصلحة العامة، عبر تنفيذ القوانين المقرة وتحديثها لا سيما تلك المتعلقة بالقضاء والاستثمار والتجارة وأيضاً تلك المعنية بتسهيل أمور ومعاملات المواطن".
ويؤكد الخبير انه "وكما أن الدولة لا تستقيم مع فسادٍ، فكذلك لن يستقيم إصلاحها من دون مواكبته بإعلام مسؤول، بجميع وسائله، حر بالمطلق والحقيقة حدود حريته، وتطبيق القوانين هو الضامن للحقيقة المجردة من أي غايات او توظيفات، لان الحقيقة وحدها هي التي تحرر"..
ويشدد الخبير على ان "الاصلاح هو مجموعة أهداف وطنية جامعة لكل اللبنانيين، ونجاحها نجاح للوطن، وليس لأي مسؤول أو فريق فيه، من هنا ضرورة مواكبتها وتنفيذها بإرادة وطنية جامعة وصادقة ضماناً للنجاح، قبل ان يصبح هذا الوطن طي صفحات التاريخ وخارج منظومة الامم".
لا يمكن تغيير الشعب ...
ويخلص المصدر الى القول "طالما ان الدستور اكد ان الشعب هو مصدر السلطات، فالمطلوب هو العمل على رفع مستوى الوعي عند المواطن لمسؤولياته ودوره الحاسم في الحفاظ على وطنه، لانه اذا تبيّن ان المشكلة هي في خيارات الشعب عندها يصبح أي حل مستحيلا، لان المنطق يقول انه لا يمكن تغيير الشعب انما على الشعب ان يرتفع الى مصاف المسؤولية الوطنية الكبرى، من خلال الاقلاع عن تأبيد وتقديس القيادات والزعامات، والاقتناع ان الكل زائل انما المهم بقاء الوطن".