توافق سياسي على رفع الدعم... وبحث عن "تخريجة" | أخبار اليوم

توافق سياسي على رفع الدعم... وبحث عن "تخريجة"

| الأربعاء 16 ديسمبر 2020

بات لبنان في قلب الانهيار الشامل ولن تكون انعكاسات التحلّل والتفكّك مجرّد غيمة مارقة في سماء البلاد

مجد بو مجاهد - "النهار"

"انتهى كلّ شيء"، هذه العبارة اختصرت فحوى ما أجاب به أحد النواب المتضلّعين من الشؤون الاقتصادية، عندما سُئل عن واقع المرحلة المقبلة في لبنان. لم يعد ينفع الحديث عن فرملة الانزلاق أو تجميد الوضع في ثلاجة الانتظار. بات لبنان في قلب الانهيار الشامل، ولن تكون انعكاسات التحلّل والتفكّك مجرّد غيمة مارقة في سماء البلاد. ببساطة، يكمن المؤشّر الواضح على خروج الوضع الاقتصادي عن السيطرة في غياب تشكيل حكومة تباشر في تنفيذ الاصلاحات وتوقف النزف الحاصل، رغم الوصول الى عتبة مرحلة رفع الدعم عن السلع التي تعني استنزاف كلّ جرعات الجسد المالي والانتقال إلى مرحلة أشدّ سوءاً في الصحة الاقتصادية.
وتفيد معلومات "النهار" أنّ قرار رفع الدعم (السياسي إضافة الى التقني) اتّخذ بالتوافق بين عدد من القوى السياسية الرئيسيّة، لكنّ البحث يجري حالياً عن الطريقة الأقل وطأة لتمرير هذا الإجراء بكلفة شعبيّة منخفضة. ويسود الإرباك في المجالس السياسية التي تحاول تجنّب انعكاسات تجرّع مرارة الكأس وتحاذر من ردود فعل قواعدها الجماهيرية. وتشير مراجع اقتصادية ومالية عليمة إلى أنّ هذا الإجراء سيؤدي الى نقمة شعبية عارمة على الأحزاب من قبل المناصرين، ويسهم في عودة التحركات الشعبية، وقد ينذر بفوضى. ومن هذا المنطلق، تلتزم القوى السياسية الصمت وتحاول إبعاد الاهتمام الشعبي عن المسألة الاقتصادية وتحاول تسليط الضوء على مواضيع خلافية. وتفيد المعطيات أن تنفيذ قرار رفع الدعم لا يزال ينقصه العثور على المتطوّع الذي سيأخذ على عاتقه عمليّة التنفيذ، وهذا ما كان شكّل محلّ تقاذف كرات في المرحلة الماضية، وقد يفسّر سبب رفض رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب اجتماع حكومته، في موازاة رهان مقابل على تنفيذ القرار "على أيّام" دياب قبل ولادة الحكومة الجديدة.
"تخريجة" القرار لن تحصل سياسياً في قراءة المراجع، بل ستترجم تلقائياً عند صرف الأموال القليلة المتبقيّة والإعلان عن عدم إمكان استمرار الواقع الحالي من قبل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في إشارتها إلى أنّ سلامة تحوّل في المرحلة الأخيرة الى "جسم لبّيس" ووجهة سهلة يحمّلها السياسيون تبعات كلّ الأحداث والقرارات المتّخذة، علماً أن مسؤوليّته لا تلغي مسؤولية السياسيين الذين يتحمّلون المسؤولية الكبرى في الدرجة الأولى.
"فتّش عن الاقتصاد عند استفحال الخلافات السياسيّة". هذا المصطلح متداول في أوساط اقتصادية مع تشكيك في مدى صحّة تجذّر الخلافات بين عناصر الطبقة الحاكمة، الذين لطالما تشاجروا على طريقة تأجيج اللعبة الطائفية ثمّ تصالحوا بسحر ساحر. يدفع هذا الواقع إلى القول إنّ المواطن سيدفع الثمن في وقت تتطلّب مصالح الطبقة السياسية تضحيات. ويمثّل الشعب الوجهة الأسهل والأقل عناءً التي يمكن للطبقة السياسية أن تضحي بها. وهنا لا تستبعد المصادر أن يكون كلّ ما نشاهده على غير مقلب من فتح ملفات ونبش ملفات مضادة وصراع الصلاحيات والصلاحيات المقابلة وافتعال التحركات الشعبية، مجرّد مسرحيّات داخلية لتقطيع الوقت بانتظار تمرير القرارات الموجعة، وعلى رأسها ملف رفع الدعم من جهة، وحصول "حزب الله" على إشارة سماح ايران بتشكيل حكومة في لبنان من جهة ثانية.
ماذا ينتظر المواطن في المرحلة المقبلة التي ستَتبع رفع الدعم في ظلّ غياب الإصلاحات وخطط الحماية الاجتماعية؟ وماذا يعني الانهيار الكامل الذي بدأ يطلّ برأسه؟ يمكن اختصار نتائج رفع الدعم بنقطتين: شراء السلع على أنواعها بحسب سعر السوق. وتأثّر سعر الصرف بعوامل العرض والطلب (سيرتفع الطلب على الدولار في السوق السوداء بشكل كبير، في مقابل انخفاض طلب المستهلك على السلع). ولا يمكن توقّع نسبة ارتفاع سعر الصرف باعتبار أنّ هذا الموضوع يرتبط بكيفية تأثّر حركة الشراء التي ستنخفض أكثر وتقتصر على البضائع الأساسية جدّاً.
لا يقارب الخبراء رفع الدعم بذاته كخطوة سلبية، بل إنها خطوة ايجابية إذا تزامنت عند حصولها مع تنفيذ برنامج إصلاحي يسهم في تخفيف الوطأة ووقف النزف وبداية معالجة الوضع الاقتصادي؛ لكنّ الحكومة الاصلاحية في خبر كان ولا تاريخ محدّد للولادة. ويترافق هذا الواقع مع غياب تفعيل خطط الحماية الاجتماعية في لبنان. الدولة تفكّكت ومظاهر عدم تطبيق القوانين بدأت تتزايد، مع انتقال البلاد الى مرحلة البؤس وانعدام الثقة بالقطاع المصرفي بعد انتهاء حقبة، كانت تشكّل فيها واردات المغتربين إلى لبنان سنوياً ما يقارب 7 مليارات دولار، إضافة الى 7 مليارات من القطاع السياحي.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار