خطة وزير الاقتصاد لدعم الفقراء: "الدولار بالبنك مش بالايد" | أخبار اليوم

خطة وزير الاقتصاد لدعم الفقراء: "الدولار بالبنك مش بالايد"

| الجمعة 18 ديسمبر 2020

البرنامج لـ 700 الف أسرة يكلف بحدود 1.5 مليار دولار في السنة الأولى


سلوى بعلبكي -" النهار"
تسعى السلطة في ما تسعى الى منح المواطنين "بطاقات تمويلية" تخصص للأكثر فقرا بينهم لشراء المواد الاستهلاكية والغذائية. واجب اخلاقي أن تسعى الحكومات في ظل تنامي الفقر بين مواطنيها الى السعي لمساعدتهم ومنحهم الحد الادنى من مقومات العيش اليومي، لكن لطالما كانت الشكوى ان الاغنياء يحصلون على الدعم حاليا مثلهم مثل الفقراء، فمن يضمن ان لا يكونوا من حملة تلك البطاقات؟ ومن يضمن وصولها الى الشريحة المقصودة بعيدا من المحسوبيات السياسية والحزبية والطائفية وايضا المناطقية؟، ومن يضمن عدم المتاجرة بها واستغلال فقر الناس وحاجاتهم كما حصل مع البطاقات التمويلية للنازحين السوريين؟. يمكن ان يكون للمشروع المطروح أهداف انسانية، لكن لبنان محكوم بثقافة فساد المسؤولين في السلطة والادارة، يغدو فيها من المستحيل التصديق أن المشروع لن يتحول الى مزراب هدر مالي ونهر خدمات للطبقة السياسية وأعوانها؟.

ماذا في تفاصيل خطة الدعم التي أطلقها أمس وزير الاقتصاد راوول نعمة؟ الخطة تمتد على 5 سنوات، والدعم سيكون بالدولارات الأميركية التي ستبقى في المصارف ويستخدمها المستفيدون في اطار العملة الرقمية التي ينوي اطلاقها مصرف لبنان.

وفق الخطة فإنه يجوز لكل مواطن لبناني مقيم في لبنان التقدم بطلب للحصول على دعم التحويلات النقدية: إن نهج التغطية الواسعة يشمل تحديد واستبعاد الأغنياء حتى لا ننسى أي شخص يحتاج إلى مثل هذا الدعم، مبدئيّاً سيتم استثناء أغنى 20% إلى 30% من السكان (من خلال اختبار الثراء)، وتغطية نسبة 70% إلى 80% المتبقية من السكان (بدلاً من معرفة من هم الفقراء)، مع تحسن الاقتصاد والقوة الشرائية، ومع تحسين جودة قاعدة البيانات، يمكن تخفيض التغطية تدريجياً إلى 30% على مدى 5 سنوات متقاربة ضمن برنامج شبكة الأمان المستهدف المعتاد.

في المرحلة الأولى، سيتم تنفيذ برنامج التعويض النقدي المباشر للمواطنين اللبنانيين وسيحل محل الدعم الحالي للعملات الأجنبية على جميع المواد الأساسية والخبز والوقود (باستثناء مؤسسة كهرباء لبنان والأدوية)، وستعكس أسعار السلع أسعار السوق، والتي سوف يؤدي إلى انخفاض الطلب المحلي على الواردات، وزياة المنافسة وانخفاض كبير – شبه كامل – في التهريب. كما سيدفع الكل (ومنهم غير المقيمين وغير المواطنين) أسعار السوق الحقيقية.
تقترح الخطة استمرار دعم الأدوية والمستلزمات الطبية في الوقت الحاضر الى أن يتم إصلاح كامل للقطاع الطبي لأن أي برنامج جيد طويل الأجل يتطلب إصلاحاً كاملاً للقطاع الطبي، ومع ذلك، يجب مراجعة هذا الدعم وترشيده وتكييفه مع المستوى الدولي.

وتقترح الخطة ايضا أن يواصل مصرف لبنان في هذه المرحلة تقديم الدعم لمؤسسة كهرباء لبنان والأدوية والمستلزمات الطبية.
- في المرحلة الثانية (2021)، وتزامنا مع إصلاح لمؤسسة كهرباء لبنان، يجب إجراء تعديل لمبلغ التحويل النقدي جنباً إلى جنب مع الإصلاح.
- المرحلة الثالثة (2022)، إصلاح القطاع الطبي (مثلاً، تغطية طبية واسعة للمواطنين اللبنانيين).

أما بالنسبة لمبالغ الدعم، فتقضي الخطة بأن يحصل اللبنانيون البالغون (23 عاماً فأكثر) على 50 دولاراً شهرياً في السنة الأولى من برنامج التعويضات، و40 دولاراً في السنتين الثانية والثالثة، و30 دولاراً في العامين الرابع والخامس ويحصل الأطفال (أقل من 23 عاماً) على نصف هذا المبلغ. وتنخفض التغطية تدريجاً مثلاً من 80% السنة الأولى إلى 75% في السنة التالية وتنخفض تدريجاً الى 70 % و60% و45% و30% على التوالي. وخلال السنة الأولى، يغطي مبلغ الدعم 101% من الاحتياجات الأساسيّة لأفقر 25% من السكان و41% من الربع الثالث (الطبقة المتوسطة سابقاً)، لحماية قوتهم الشرائية، على ان تنخفض هذه التغطية مع تحسن الاقتصاد وزيادة استبعاد الذين لا يحتاجون الى الدعم.

ما هي مصادر التمويل؟
يغطي قرض ESSN من البنك الدولي والمنح المقدمة من الاتحاد الأوروبي والمانيا، ما مجموعه 300 مليون دولار جزئياً فقط (12.5$/ شخص) 240 ألف أسرة أي نحو 1.3 مليون لبناني يمثلون 32% من السكان. وتاليا، وبناء على برنامج تعويضات نقدية بتغطية واسعة، ثمة حاجة الى استدراج مانحين آخرين، وأن يصادق البرلمان على الميزانية اللازمة بالليرة اللبنانية وذلك بغية تغطية الرصيد لاستكمال أي قروض ومنح من المجتمع الدولي لـ 340 ألف أسرة. سيمنح المبلغ الذي سيقدّمه المجتمع الدولي بالعملة الأجنبية والمبلغ المتوافر من خلال الميزانية الذي سيدفع لمصرف لبنان وسيوفر مقابله مصرف لبنان الدولار الأميركي بسعر 1507.5، كعملة إلكترونيّة. وتاليا سيتم تقديم الدعم إلى رب الأسرة بالدولار الأميركي من خلال بطاقة إلكترونية و/أو تطبيق على الهاتف و/أو حساب مصرفي ولن يتأثر مبلغ الدعم بأي تخفيض إضافي لقيمة العملة.

وسيدفع المستهلك بالبطاقة بناءً على سعر السوق السوداء (حاليا نحو 8 آلاف ليرة/ دولار). في النهاية يمكن استخدام أي مبلغ موجود على البطاقة حصراً: من المستهلكين لدفع ثمن البضائع، ومن محترفين لدفع رواتب المهنيين الآخرين، ولشراء البضائع من المستوردين.

ونتيجة لذلك، فإن الدولارات التي يقدمها مصرف لبنان ستعود بالضرورة إلى مصرف لبنان أو، على الأرجح، ستوفر دولارات جديدة للواردات مما يخفّف الضغط على سعر صرف الدولار.

ماذا عن الكلفة؟ وفق الخطة فإن البرنامج لـ 700 الف أسرة يكلف بحدود 1.5 مليار دولار في السنة الأولى، وبمتوسط تكلفة 800 مليون دولار سنوياً على مدار 5 سنوات – مع ملاحظة أن البرنامج المقدم إلى صندوق النقد الدولي قد توقع متوسط ميزانية شبكة الأمان الاجتماعي البالغة 750 مليون دولار سنوياً.

وبعيدا عن الخطة، ترى مصادر لـ"النهار" ان هذه الخطة تخفي في طياتها هدفا أكبر لدعم القطاع المصرفي ومصرف لبنان بالدولار من الخارج بطريقة غير مباشرة على نحو لا تخرق الحظر المفروض على لبنان والقاضي بمنع دخول العملة الخضراء الى لبنان، خصوصا وان هذه الاموال ستبقى في المصارف ويستخدمها المستفيدون في اطار العملة الرقمية التي ينوي اطلاقها مصرف لبنان. وبهذه الطريقة يمكن تأمين شبكة الامان الاجتماعي، ودخول الدولارات الى القطاع المصرفي لتنشيطه.

الا ان الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة يرى أن الخطة ورقية وغير قابلة للتطبيق ولن يكتب لها النجاح خصوصا وانها لا تعكس الواقع الذي نعيشه والذي يسير بسرعة جنونية، إذ لا يمكن الاستمرار بالدعم لأسابيع قليلة في حين ان تطبيق الخطة يحتاج الى اشهر". هذا عدا عن التعقيدات التي ترافق هذه الخطة، ومنها عدم القدرة على تشكيل حكومة قريبا، والحاجة الى انعقاد مجلس النواب للتصويت على عدد من القوانين للسير بالخطة، اضافة الى عدم ضمان ان يستمر الدعم الدولي لتأمين التمويل بما يهدد البطاقة بالتوقف. ويسأل عجاقة عن الجهة الصالحة التي يمكنها تحديد من يحق له الحصول على البطاقة التمويلية، وتاليا هل ستكون محسوبيات وزبائنية بإعطاء هذا الحق؟

وإذ لا ينكر أن المساعدات المالية تخفض الإنفاق على الدعم، خصوصا ان المواد المدعومة تهرب في معظمها خارج لبنان، يشير الى ان من ابجابيات هذه الخطة انها ستنشط القطاع المصرفي. ولكن التخوف من عدم قدرة بعض المستفيدين من فتح حسابات جديدة لهم في المصارف، وعدم توافر الهواتف الخليوية لدى جميع المستفيدين اضافة الى عدم قدرة البعض على استخدام البطاقة خصوصا وان الخطة تقوم على التطبيقات الهاتفية والبطاقات الممغنطة.
بمعنى آخر يعتبر عجاقة ان هذه الخطة مع تعقيداتها ما هي إلا هروب واضح من القرار الصعب القاضي بوقف التهريب الذي هو اساس البلاء، ليبقى الحل برأيه بتشكيل الحكومة وضبط التهريب ومحاسبة الفاسدين.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة