أين استقرت قضية "ترشيد الدعم" ولماذا تراجع تداولها؟ | أخبار اليوم

أين استقرت قضية "ترشيد الدعم" ولماذا تراجع تداولها؟

| الجمعة 25 ديسمبر 2020

مصدر نيابي: الحل مسؤولية الجميع وليس المجلس حصراً


" النهار "-ابراهيم بيرم

يبدو ان مصير مشروع "ترشيد الدعم" الذي اخذ حيزا واسعا من الجدال وشغل المسؤولين واقلق الراي العام قبل اسابيع قليلة قد آل تلقائيا في الاونة الاخيرة الى دائرة الغموض والالتباس لاسيما بعدما ضاعت المسؤولية عنه بين الحكومة المستقيلة (تصريف الاعمال) وبين مجلس النواب واستطرادا مصرف لبنان الذي يفترض انه هو من يؤمن تمويل الدعم.

لم يعد خافيا ان رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب قد ابلغ سابقا الى من يعنيهم الامر انه ليس في وارد ان يختم مسيرته الحكومية القصيرة والمتعثرة بنهاية درامية ومأسوية عبر تحمل مسؤولية قرار بحجم وتاثيرات وتداعيات رفع الدعم عن سلع غذائية اساسية وعن الطحين والمحروقات او ترشيده وان المسالة يتعين ان تكون في عهدة الحكومة المقبلة التي يفترض ان تتحمل التبعات وتجترح الحلول.

ومن المعلوم ان المسألة قد انتصبت بعناد امام الجميع بعدما رفعت حاكمية مصرف لبنان الصوت عاليا منذرة من يعنيهم الامر بانه لم يعد في خزائنها اكثر من 800 مليون دولار مخصصة لعملية الدعم المستمرة منذ نحو 11شهرا وقد استنزفت من احتياطي المالية العامة نحو ملياري دولار، لافتة الى ان المبلغ المتبقي في رصيد الدعم هوعمليا مبلغ متواضع لايفي بالغرض لاكثر من شهرين على ابعد تقدير.

هذا الانذار ادرجه البعض (خصوم الحاكم) في خانة الضغوط التي تمارسها حاكمية المصرف فيما وجد فيها البعض الاخر دعوة منطقية للدولة العميقة مؤداها ان عليها تحمل مسؤولياتها وتدبر نفسها وتتلافى تاليا بلوغ المحظور. وضربت الحاكمية في حينها على الوتر الحساس عندما اعلنت انها باتت امام خيارين احلاهما مر، فاما ان تتوقف عن تمويل الدعم بعد نفاذ المال المخصص لذلك، واما ان تلجا مكرهة الى مد اليد الى اموال الاحتياطي الالزامي للمصارف المتجمع لديها والبالغة نحو 17 مليار دولار.

في حينه انشغل الراي العام تماما بهذه القضية الداهمة والتي صورت على انها ستكون كارثية بنتائجها فارتفعت تلقائيا عبر ما يشبه حملة ضغط الاصوات المطالبة بايجاد الحلول العاجلة التي تقي الشريحة الفقيرة غائلة الجوع والعوز وتقي استتباعا المجتمع الاحتمالات السوداء.

ومما زاد في سوداوية المشهد وبؤسه غياب اية مؤشرات توحي بدنو موعد ولادة الحكومة المنتظرة مما يعلي نوعا من الطمانينة للمعنيين تبشر بان المشكلة الداهمة ستجد حلولا عند الحكومة الموعودة.

فماذا حصل بعد ذلك ولماذا انخفض منسوب الضجة المثارة حول الموضوع؟ واستطرادا في يد من استقرت هذه المسالة وما هي السبل الكفيلة بمواجهة المعضلة الفارضة نفسها على الناس اجمعين؟

في حينه ايضا افضت اجتماعات اولية عقدتها حكومة تصريف الاعمال مع الجهات المعنية مباشرة (مصرف لبنان، جمعية المصارف، الهيئات الاقتصادية ..) الى رفع شعار عريض ينطوي على نوع من التطمين للخائفين، عنوانه " ترشيد الدعم وتوجيهه" وليس رفعه بالكامل بغية المواءمة بين اعتبارين الاول وقف الفوضى والهدر الضاربة في سوق الدعم بعد الكلام عن تهريب السلع المدعومة او المتاجرة فيها بالسوق السوداء وبين المحافظة على مصالح فئات اجتماعية بحاجة للدعم.
وابعد من ذلك قيل حينها ان حكومة تصريف الاعمال ارادت ان ترتاح من عبء "كرة النار" هذه فالقت بها الى مجلس النواب عبر حزمة قوانين قررت ارسالها اليه ولاحقا صورت ان القضية كلها صارت في عهدة المجلس.

هل هذا هو واقع الحال عمليا؟ وهل ان السلطة التشريعية ستؤدي دورا في الحل؟

على هذه التساؤلات يروي مصدر نيابي بارز لـ "النهار " تفاصيل المسالة وتسلسلها من اولها الى اخرها وكيفية صيرورتها في عهدة المجلس فيقول: وفق المعطيات المتوافرة، يبدو ان ثمة تصورا عززته مواقف لوزراء فحواه ان القصة قد آلت الى يد المجلس وان الحل متوقف على تشريعات من عندياته، وهو امر يفتقر الى الدقة والموضوعية وينطوي للاسف على نوع من التهرب من المسؤليات من جهة والتخفف من مهمة ايجاد الحلول اللازمة من جهة اخرى .

يضيف ما حصل انه بعد ما حذر مصرف لبنان من نفاذ الاحتياطي المخصص لتمويل الدعم وانه لم يعد في خزائنه الا مبلغ يراوح ما بين 800 مليون وملياري دولار وهو مبلغ لايكفي اكثر من شهرين او ثلاثة وانه ربما يمكن ان يمس باحتياطي المصارف لديه وهي جزء من اموال المودعين الذين نحرص عليها اشد الحرص ، بادرنا نحن في هيئة مكتب المجلس الى التحرك وسالنا الحكومة عن توجهاتها للمعالجة ثم دعونا كل المعنيين من وزراء وحاكمية مصرف لبنان وجمعية مصارف وفاعليات اقتصادية الى الاجتماع لنستمع منهم الى لب المشكلة ولنقف على تصوراتهم للحل والمعالجة.

في حينه يكمل المصدر اياه "لفتنا الى ان هؤلاء المعنيين جميعا لم يكونوا متحسبين ابدا لبلوغ هذا الدرك وهذه الكارثة الداهمة وان ثمة خلافات تذر بينهم حول شكل الدعم وحدوده ونوعية السلع التي ينبغي ان تحظى بالدعم".

اردنا، يستدرك المصدر، ان نسمع تصوراتهم الموضوعية للحل فسمعنا شكاوى متناقضة ورؤى متضاربة. فكان ردنا اذهبوا واقروا خارطة طريق علمية وموضوعية للحل وبعدها تعالوا الى عندنا لنصيغ واياكم ما يتعين ان نقره للحيلولة دون المس بالودائع وللمحافظة على الاستقرار وشبكة الامان الاجتماعي. وعليه يردف المصدر ما زلنا في رئاسة المجلس ننتظر ان يجتمع هؤلاء مع بعضهم البعض ويخلصوا الى وضع التصور المنطقي لترشيد الدعم لنتواصل معهم مجددا ونشترك واياهم في اصدار الحلول وتشريعها اذا استلزم الامر.

ويختم المصدر هناك كلام غير دقيق عندما يقول بعض الوزراء ان القضية في عهدة السلطة التشريعية حصرا. ونحن لم نتخل عن مسؤولياتنا ودورنا اذ اننا نعتزم كمجلس ان نعاود الاجتماع بهؤلاء بعد عيد راس السنة لنضعهم امام مسؤولياتهم في انضاج الحلول. وطبعا هذه المهمة ستنتهي حكما اذا ماولدت الحكومة المنتظرة قريبا لانها بالاساس مهمة السلطة التنفيذية حصرا.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار