عندما يدور الدولاب... الأزمة الاقتصادية تعوّم مستحضرات التجميل المحلية | أخبار اليوم

عندما يدور الدولاب... الأزمة الاقتصادية تعوّم مستحضرات التجميل المحلية

| الإثنين 28 ديسمبر 2020

نؤمن بأن الصناعة اللبنانية ذات جودة عالية... ونثق بمنتجاتنا

فرح نصور - "النهار"
علامات تجارية لبنانية موجودة منذ أكثر من سنة، لم يُكتَب لها الرواج إلّا في ظلّ الأزمة، فمصائب قومٍ عند قومٍ فوائد. الأزمة الاقتصادية، على الرغم من سوداويتها، عزّزت قطاع الصناعة، لا سيما صناعة مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة، بسبب هجرة العلامات العالمية وارتفاع أسعار المنتجات المستورَدة منها بشكلٍ هائل. وضع سمح للمنتجات المحلية بالبروز والتعويم، ولم يقتصر الأمر على المصانع الكبرى والأسماء الرائدة في هذا المجال في لبنان، إنّما فتح الباب أمام العلامات الصغيرة لأن تدخل الأسواق المحلية وتنافس بشكلٍ قوي.

روزي رومانوس، مؤسِّسة علامة "Salma loves beauty" لمنتجات العناية بالبشرة، أطلقت علامتها منذ نحو سنتين لتحقّق حلماً بإنتاج منتجات بشرة طبيعية. ومع اندلاع تحركات 17 تشرين، اعتقدت روزي أنّ حلمها سينطفئ، إذ كانت تعتمد على عرض منتجاتها في بعض المعارض. وبعد انتشار كورونا أُحبِطت للسبب نفسه، وحوّلت تجارتها أونلاين، و"في هذه الفترة وفي ظل الأزمة، لم يعد الناس يستطيعون شراء المنتجات المستورَدة لغلائها الفاحش، وتعزّزت الروح الوطنية لدى الناس ما انعكس إيجاباً على عملي، وشجّعوا الصناعة الوطنية، وخصوصاً أنّ منتجاتنا هي ذات نوعية جيدة جداً"، تقول روزي.

تنتج في مصنع والدها هذه المواد، ولدى تأسيسها علامتها، "لامني كثر على اختياري الصناعة اللبنانية لأنّ منافستها للمستورَد صعبة، أمّا الآن، فدار الدولاب، ووجدت أنّ بعد كلّ تحدٍّ هناك فرصة، والآن هو الوقت المناسب لصناعة أي منتج لمَن هو قادر على ذلك، فقبل لم نكن قادرين على منافسة المستورد لأنّه مصنوع بكلفة أرخص، لكن ما زلنا قادرين على الإنتاج، وأشجّع كلّ شخص لديه فكرة مميزة أن يعمل عليها وينفّذها".

الإقبال كبير جداً على منتجات روزي، وأسعارها مقبولة نسبةً لكلفتها المرتفعة، لكن الهدف، وفق روزي، هو تشجيع الصناعة المحلية والتضامن مع الصناعيين اللبنانيين. وتوضح أنّه "كان من المفترض أن تصنَّف هذه المنتجات كفاخرة لأنّ كلفتها عالية، إذ يجب أن يتماشى سعرها مع كلفتها، لكن لا يمكن وضع أسعار مرتفعة في هذه الظروف، رغم أنّ كلفة التصنيع مرتفعة لأنّ أسعار المواد الأولية مرتفعة وأدفع ثمنها بالدولار حالياً، فجميع هذه المواد مستوردة، وحتى المواد الأولية المحلية ارتفع سعرها، فمثلاً زيت الزيتون الذي نصنع منه منتجاتنا، ارتفع سعره ثلاثة أضعف هذا العام، وحالياً كلّما ارتفعت كلفة المنتَج انخفض هامش الربح".


مدير عام شركة "Aloe leb" لصناعة مستحضرات العناية بالبشرة، الياس غطاس، يروي أنّ هذه العلامة التجارية موجودة في السوق اللبنانية منذ 3 سنوات، و"كان الناس يستعجبون ويسألوننا لماذا تنتجون هذه المستحضرات في ظل وجود المستورَد منها؟، لكن نحن نؤمن بأن الصناعة اللبنانية ذات جودة عالية، ونثق بمنتجاتنا خصوصاً لأنّ لها فوائد كثيرة فهي طبيعية وبخلاصة نبتة الألوفيرا التي نزرعها هنا".

وكان الدافع لصناعة منتجات الألوفيرا، على ما يقول غطاس، هو كشف زيف منتجات الألوفيرا التجارية المستورَدة فهي تجارية وتسويقية بحتة، وأحببنا إنتاج مستحضرات طبيعية وذات خصائص عالية. وبرأيه، "لم يكن من السهل إقناع اللبنانيين بشراء مستحضرٍ تجميلي صُنع في لبنان، لكنّنا راهنّا على الجودة العالية وثقتنا بمنتجنا وأصبح الناس لدى تجربتهم له للمرة الأولى، يعاودون الشراء مرة أخرى".

وزاد مبيع هذه المنتجات جراء الأزمة الاقتصادية وغلاء المستحضرات المستورَدة، و"ارتفع المبيع ثلاثة أضعاف". وكانت الشركة تسوّق منتجاتها أونلاين قبل الأزمة، أمّا بعدها، فأصبحت تعرضها في السوبرماركات والصيدليات ومحلات بيع المنتجات العضوية.
وباعتباره، "الأزمة ولّدت بيئة خصبة لمن يرغب بالصناعة في لبنان، ولا ينقصنا شيء لصناعة أهمّ المنتجات في العالم، سوى المواد الأولية". ويلفت في هذا الإطار، إلى أنّ "كلفة التصنيع لدينا غير مرتفعة، فالمادة الأساسية التي نصنع منها، نزرعها وهي الألوفيرا، وهذا ما يجعل أسعارنا معقولة، كما نتكلّف على استيراد المواد الأولية من زيوت أساسية مكمِّلة، والمصاريف التشغيلية".

و"ارتفع سعر المواد الأولية طبعاً، وفي الوقت نفسه، ارتفع سعر الإعلانات التي نضعها في مواقع التواصل الاجتماعي فهي بالدولار، لكن بالرغم من هذه الصعوبات، أصبح المنتَج اللبناني منافساً للمستورَد فهو يعتمد المعايير العالمية"، يشرح غطاس.
ويقبل الناس بشكل كبير على هذه المنتجات، و"يرغبون بشرائها بسبب أسعارها المعقولة ونوعيتها عالية الجودة، ويتحسّرون على استخدامهم المنتجات المستورَدة في الأعوام الماضية". وتسعى الشركة حالياً للتوسّع في السوق، وتتهيّأ لفتح محال خاصة بها في المجمعات التجارية.


في ظل هذه الأزمة، تعزّزت صناعة مساحيق التجميل بالتأكيد، لكن هناك معضلة أساسية لدى الجميع وهي شراء المواد الأولية، فلدى الصناعي وديعة في المصارف ومن غير المسموح له التحويل منها للاستيراد، ويضطرّ إلى شراء الدولار من السوق السوداء للتصنيع، مما يؤدي إلى ارتفاعٍ سعر المنتجات محلياً وخارجياً، ولذلك اتُهمنا بأنّ الصناعة اللبنانية باهظة السعر، ففي لبنان صناعة تحويلية ولا مواد أولية للتصنيع"، يفيد مدير عام جمعية الصناعيين في لبنان، طلال حجازي.

وازدادت الصناعات التجميلية من مستحضرات العناية بالبشرة وسواها، بشكلٍ ملحوظ وتعزّزت بشكلٍ كبير، إذ أُطلقت علامات تجارية لبنانية جديدة لكنّها بقيت محدودة، لأنّ صناعة مستحضرات التجميل تبقى محدودة لأنّها تستدعي عملاً أكبر وتراخيص من وزارتي الصحة والصناعة، كما طوّرت الشركات الكبرى أصنافاً معيّنة لم تكن موجودة في السابق كمنتجات لبنانية".

ويشير حجازي إلى أنه "في الآونة الأخيرة ازدهرت بشكلٍ خاص صناعة مستحضرات العناية بالبشرة من سائل للجسم وكريم الوجه وجل الاستحمام، كما هناك توجّه لدى البعض لصناعة العطور ذات الجودة العالية جداً، وهذه المنتجات هي أولوية لدى اللبنانيات واللبنانيين، فهم يحبون جداً الاهتمام بأنفسهم، وبسبب هجرة العلامات العالمية وغلاء أسعارها، معظم المصانع سواء كانت كبيرة أو صغيرة أم جديدة، تتحوّل إلى صناعة مستحضرات التجميل ومستحضرات العناية، وازداد النمو في قطاع صناعة مستحضرات التجميل بشكلٍ لافت، لكن لا يمكن معرفة نسبته الدقيقة إلّا في آخر العام".

ويلفت حجازي إلى أنّ "هناك تراخيص وعلامات تجارية لبنانية جديدة في مستحضرات العناية بالبشرة، بدأت تدخل السوق المحلية، ويجب التحوّل فعلاً بجميع الصناعات إلى الصناعات المحلية لأنّها رائدة وذات جودة عالية، فالصناعة هي التي تُدخل الـ fresh money إلى البلاد ونحن بأمس الحاجة لها، عبر التصدير".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار