جامعات لبنان ترفع أقساطها قرارات للحد من الخسائر والأعباء تضغط على الطلاب | أخبار اليوم

جامعات لبنان ترفع أقساطها قرارات للحد من الخسائر والأعباء تضغط على الطلاب

| الثلاثاء 29 ديسمبر 2020

عصفٌ في التعليم العالي...

"النهار" -ابراهيم حيدر

بات في حكم المؤكد أن الجامعات الخاصة الكبرى في لبنان سترفع أقساطها للفصل الثاني من السنة الدراسية الحالية. الجامعة الأميركية في بيروت أعلنت رسمياً انها اتخذت قراراً مؤلماً وقاسياً، متعلقاً بالأقساط الجامعية، يقضي برفع سعر الصرف لتسديد الأقساط من 1515 إلى 3900 ليرة وفق منصة المصرف المركزي، بدءاً من الفصل الثاني المقبل، ولحقتها ايضاً الجامعة اللبنانية الأميركية، فيما الجامعة اليسوعية تدرس خيارات عدة لرفع القسط من دون أن يكون بالضرورة على اساس سعر منصة المركزي. في حين أن جامعات أخرى منتسبة إلى رابطة جامعات لبنان تتجه أيضاً لرفع الأقساط، وهو قرار كان متوقعاً منذ أشهر، إذ أن الجامعات رفعت الصوت من أنها لم تعد قادرة على الاستمرار وهي بصدد معالجة أوضاعها بعد تخلي الدولة عن الدعم والرعاية أقله تسديد المستحقات المترتبة عليها والمتراكمة لسنوات.

الاجواء داخل الجامعات الكبرى الأساسية تشير إلى أنها تمر بظروف صعبة. بعضها يرزح تحت عجز كبير وفق مصدر جامعي في الرابطة، وتتّجه لزيادة أقساطها، من دون أن تثبّت بالضرورة سعر صرف أقساطها على أساس سعر 3900 ليرة. ويقول أن الزيادة قد تطال ثمن الأرصدة، على أن يستمر الطلاب بالدفع بالليرة اللبنانية. الثابت حتى الآن أن الزيادة قد تكون على الأقساط، أو على الأرصدة، وأن نسبتها في حال عدم تثبيت سعر صرف الأقساط على 3900 ليرة، تعود إلى كل جامعة، وفق ما تراه مناسباً، إذ لا يوجد قرار بزيادة موحدة على أساس سعر صرف منصة مصرف لبنان، وليس هناك قاعدة تسري على كلّ الجامعات، فلكل منها وضعه الخاص، وهذا لا يسري على الجامعات الصغيرة أو تلك التجارية التي تسعى وفق المصدر إلى استقطاب طلاب بإعلانات رخيصة.

منذ بداية السنة الدراسية الحالية، لم تعمد الجامعات الكبرى وتلك التي تنتسب الى رابطة جامعات لبنان بصيغتها الأخيرة والتي انتخبت رئيس جامعة القديس يوسف الأب البروفسور سليم دكاش رئيساً لها، إلى رفع أقساطها، فهي اعتمدت سعر الصرف الرسمي في الفصل الأول الذي انتهى في بعض الجامعات أو شارف على الانتهاء في أخرى. لكن هذه الجامعات أعلنت أنها تمر بصعوبات جمّة وأنها ستضطر في الفصل الثاني إذا بقيت الأمور على حالها، إلى رفع الأقساط أو اعتماد سعر صرف جديد للدولار، مشيرة إلى أنها تستوفي الأقساط بالليرة وليس بالعملة الصعبة. الطلاب كانوا يعرفون أن الأقساط لن تبقى على حالها، ما دفع قسم كبير منهم إلى تسجيل المزيد من الأرصدة لتخفيف الأعباء عليهم في الفصل الثاني، وطالما أن وزارة التربية والتعليم العالي غير قادرة على فرض إرادتها على الجامعات التي أعلنت أنها لم تعد قادرة على الاستمرار بسبب المصاريف المرتفعة والكلفة المضاعفة في ضوء الارتفاع الجنوني للدولار الأميركي في السوق السوداء، وأيضاً تراجع القدرة المعيشية للهيئة التعليمية في الجامعات، حيث اضطر عدد من الأساتذة الاختصاصيين والأطباء إلى ترك الجامعات والهجرة إلى الخارج.

راهنت جامعات وفق المصدر الجامعي، على استيفاء جزء من الأقساط بالدولار الأميركي، خصوصاً من الطلاب الذين يعمل أهاليهم في الخارج، لكن نسبة الذين دفعوا بالدولار الاميركي كانت مخيبة للآمال، وهي لم تتجاوز الـ3 في المئة في الجامعة الاميركية بحسب رئيسها البروفسور فضلو خوري، لذا لجأت الجامعات إلى خيارات رفع الأقساط للفصل الثاني لتخفيف الأعباء، وإن كانت ستنعكس سلباً على عدد كبير من الطلاب للاستمرار في التعليم العالي أو الانتقال إلى جامعات أخرى أو الجامعة اللبنانية وهو أمر ما عاد ممكناً في منتصف السنة، فضلاً عن عدم قدرة الجامعة على الاستيعاب خصوصاً في اختصاصات الطب والهندسة والكليات التي تتطلب اختصاصاتها امتحانات دخول.

في المعلومات أن بعض الجامعات الخاصة الكبرى حاولت ترتيب أوضاعها في ظل الأزمة، وهي لجأت إلى المساعدات، فيما أخرى تحصّل بعض الأقساط بالدولار من الطلاب العرب والأجانب، لكن نسبتهم باتت ضئيلة قياساً بالمرحلة السابقة، ومنها الجامعة الأميركية واللبنانية الاميركية وجامعة بيروت العربية. لكن جامعة القديس يوسف مثلاً وهي العريقة التي تقدّم مساعدات لـ40 في المئة من طلابها بنسب متفاوتة باتت في وضع صعب، لذا تدرس خيار رفع الأقساط من دون أن تحسم ما إذا كان على أساس سعر 3900 ليرة. أحد اسباب رفع الأقساط لدى الجامعات الكبرى، هو محاولة إنصاف أفراد هيئاتها التعليمية ورفع رواتبهم، أقله للاستمرار في استقطاب كوارد تعليمية كفوءة من خلال الرواتب، خصوصاً وأن راتب الأستاذ في ظل الازمة المالية والإنهيار بات متواضعاً ولا يمكنه الاستمرار، وهذا ما جعل الجامعات تؤمن نسبة قليلة من الرواتب بالدولار، ما أدى إلى زيادة العجز في موازناتها. لكن الازمة تبدو مستعصية، فماذا لو ارتفع سعر الدولار أكثر في السوق، لذا ليس الهدف من زيادة الأقساط هو تغطية الخسائر، إنّما الحدّ منها، بحسب ما يقول البروفسور دكاش، إضافة إلى أنّ الجامعات ستزيد المساعدات الاجتماعية للطلاب. وكان أكد دكاش لـ"النهار" في لقاء سابق أن ارتفاع سعر الدولار سبب عجزاً كبيراً، "فكل المصاريف العامة في الجامعة اليسوعية ارتفعت في الموازنة من 18% إلى ما فوق الـ45%، فثلث موازنة اليسوعية يذهب للأجور، والثلث الآخر للمصاريف العامة، والثلث المتبقي مخصَّص للمساعدات الاجتماعية، وبالتالي هناك ضرورة للزيادة في مكانٍ ما لكي نغطي هذه المساعدات، لذا هناك حاجة ملحة للتحرّك، ولا يمكن الاستمرار على هذا الحال، وإلّا سنقع، فـ97% من مداخيل الجامعة الآن هي بالليرة اللبنانية".

الصورة اليوم تشير وفق المعلومات إلى أن الجامعات بدأت برفع الأقساط، كل بحسب وضعها، فالأنطونية مثلاً تدرس زيادة مقطوعة على القسط بالليرة من دون إرهاق الطلاب، وهي لن تعتمد سعر المنصة 3900 ليرة. أما جامعة البلمند فتتجه إلى زيادة أسعار الأرصدة بدلاً من اعتماد سعر محدد للدولار. في حين قررت جامعة الروح القدس- الكسليك زيادة على القسط العام واعتماد التقسيط للطلاب. ورفعت سيدة اللويزة أسعار الأرصدة من دون أن تربط الأمر بالدولار.
في المقابل، الجامعات الصغيرة وتلك التي تصنف تحت الخانة التجارية، لم ترفع أقساطها، وهي تشتغل بطريقة دعائية لاستقطاب طلاب جدد. وهناك مخاوف من هجرة العديد من الطلاب نحوها، لكن لا يتوقع أن ينتقل طالب من الجامعة الأميركية أو اليسوعية إلى جامعة تمنح شهادات بالجملة لطلابها ولا يجدون أي فرصة في سوق العمل. لكن الأزمة تبقى قائمة، وهي لا تشمل الطلاب والاهالي فقط إنما الجامعات ووجودها ومستقبلها، في غياب الدولة ودورها في الإنقاذ.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار