تقرير "عوده": 2020 عام تدهور الأسواق المالية وتخبّط الأوضاع النقدية | أخبار اليوم

تقرير "عوده": 2020 عام تدهور الأسواق المالية وتخبّط الأوضاع النقدية

| الخميس 31 ديسمبر 2020

لمباحثات بنّاءة مع حمَلة سندات الأوروبوند بشكل عام

"النهار"

قال التقرير الأسبوعي لبنك عوده في جردته السنوية أن العام 2020 كان عام الضربات القاسية للبنان بدءاً بإعلان التخلف عن سداد الديون لأول مرة في التاريخ في 9 آذار، مروراً بانفجار مرفأ بيروت في 4 آب وما خلّفه من خسائر بشرية ومادية جسيمة، وانهيار أسعار سندات الأوروبوند اللبنانية إلى مستويات دنيا غير مسبوقة، ناهيك عن تدهور الوضع النقدي في سياق التفاوت الملحوظ بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف السائد في السوق الموازية. في التفاصيل، أدّى الجفاف بالنقد الأجنبي وتوقف تدفق الرساميل الأجنبية والفشل في اجتياز العقبات لتشكيل حكومة "مهمة" تكون قادرة على إطلاق عجلة الإصلاحات المرجوة وتأمين والمساعدات الخارجية الملحة، واستنزاف احتياطيات مصرف لبنان بالنقد الأجنبي، إلى توسيع الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وسعر صرف الدولار في السوق السوداء. إذ وصل سعر الصرف في السوق الموازية إلى مستويات قياسية بلغت 10000 ل.ل. للدولار الواحد في بداية شهر تموز 2020 ليعود فيقفل على 8375 ل.ل.- 8425 ل.ل. في نهاية العام الجاري مقابل السعر الرسمي البالغ 1507.5 ل.ل. والذي بقي محصوراً بالتعاملات بين مصرف لبنان والمصارف اللبنانية. وفي سوق سندات الأوروبوند، هبطت أسعار سندات الدين إلى مستويات غير مسبوقة بعد إعلان التخلّف عن سداد الديون السيادية بالعملات الأجنبية وتوقّع خسائر كبيرة لحمَلة سندات الأوروبوند اللبنانية، حيث تراوحت بين 13.0 سنتاً للدولار الواحد و14.13 سنتاً للدولار الواحد في نهاية العام 2020. وعلى صعيد سوق الأسهم، تقلص مؤشر الأسعار بنسبة 9% في العام 2020 بينما يمرّ لبنان بأسوأ أزمة اقتصادية ومالية منذ الحرب الأهلية، وفي ظل الفشل في تشكيل "حكومة إنقاذية" من شأنها أن تُخرج البلد من حلقات أزماته المتعدّدة. ويأتي هذا التقلص مدفوعاً بانخفاض حاد في أسعار الأسهم المصرفية، بينما أثارت أسهم "سوليدير" اهتمام المستثمرين طوال العام وسط توجه لنقل توظيفاتهم من الأسهم المصرفية نحو الأسهم العقارية.

الأسواق

سوق النقد: شهدت سوق النقد خلال العام 2020 توافراً ملحوظاً في السيولة بالليرة اللبنانية وسط عمليات لخلق النقد وفي ظل تحرير بعض الودائع المصرفية بالعملة الوطنية. وهذا ما انعكس زيادة في حجم النقد المتداول بالليرة نحو الضعفين، إذ ارتفع من 9818 مليار ليرة في نهاية العام 2019 إلى نحو 29000 مليار ليرة مع نهاية العام 2020. في هذا السياق، بقي معدل الفائدة من يوم إلى يوم مستقراً معظم العام 2020 عند 3%، علماً أنه تمّ خفض السعر الرسمي للفائدة من 3.90% إلى 1.90% في نهاية آذار 2020. هذا وتظهر المجاميع النقدية أن الودائع المصرفية المقيمة قد راكمت تقلصات بنحو 22000 مليار ليرة منذ بداية العام 2020 حتى منتصف كانون الأول نتيجة انخفاض الودائع المقيمة بالليرة بنحو 15000 مليار ليرة وتراجع الودائع المقيمة بالعملات الأجنبية بنحو 7000 مليار ليرة.

سوق سندات الخزينة: شهدت سوق سندات الخزينة اللبنانية في العام 2020 أول خفض للمردود خلال عشر سنوات. إذ خفضّت وزارة المالية معدلات الفائدة على فئات الثلاثة أشهر والستة أشهر والسنة والسنتين والثلاث سنوات والخمس سنوات والسبع سنوات والعشر سنوات، بما يتراوح بين 1.80% و3.0%، في إطار التوجه العام لخفض كلفة خدمة الدين. واقتصرت الاكتتابات الإجمالية للجهاز المالي (المصارف ومصرف لبنان) بسندات الخزينة بالليرة على نحو 14000 مليار ليرة في العام 2020 بالمقارنة مع اكتتابات أكبر 17524 مليار ليرة في العام 2019، أي بتراجع نسبته 20%. في المقابل، ظهرت استحقاقات بنحو 11500 مليار ليرة، مما أسفر عن فائض اسمي بنحو 2500 مليار ليرة في العام 2020 مقابل فائض أكبر بقيمة 4672 مليار ليرة في العام 2019. وبالتوازي، واصل مصرف لبنان في الفصل الأول من السنة تأدية دور الوساطة بين الدولة والمصارف، كما يتّضح من نمو محفظته من سندات الخزينة بالليرة بنحو 3200 مليار ليرة.

سوق القطع: كان العام 2020 عاماً حرجاً في سوق تداول العملات إذ اتّسم بشحّ بالنقد الأجنبي، وتعددية في أسعار الصرف واستنزاف لاحتياطيات مصرف لبنان. فالشلل الذي أصاب حركة الأموال الوافدة منذ اندلاع التحركات الشعبية في تشرين الأول 2019 وإعلان التوقف عن دفع استحقاق سندات الأوروبوند في آذار 2020 والتراجع الحاد في عامل الثقة، انعكس جفافاً حاداً في النقد الأجنبي في السوق اللبنانية الأمر الذي أدّى إلى خلق عدة أسعار لسعر الصرف. ففي حين ظل سعر صرف الدولار للتعاملات بين مصرف لبنان والمصارف اللبنانية ثابتاً على سعر الصرف الرسمي البالغ 1507.5 ل.ل.، بدأت المصارف في تشرين الأول 2020 بتسديد أية سحوبات أو عمليات صندوق نقداً من الحسابات العائدة للعميل بالدولار أو بالعملات الأجنبية بما يوازي قيمتها بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر السوق المعتمد في المنصة الالكترونية البالغ حالياً 3900 ل.ل. للدولار الواحد، في حين سجلت السوق السوداء لتداول العملات تقلبات حادة في سعر صرف الدولار. فبعد أن كان سعر صرف الدولار في السوق السوداء قد أقفل العام 2019 على 2125 ل.ل.، وصل إلى مستويات قياسية لامست الـ10000 ل.ل. في تموز 2020، ليعود فيقفل على 8375 ل.ل.- 8425 ل.ل. في نهاية العام 2020 بينما الأنظار لا تزال شاخصة نحو إجراءات ترشيد الدعم. وتأتي مفاوضات ترشيد الدعم وسط استنزاف لاحتياطيات مصرف لبنان من النقد الأجنبي خلال العام 2020. إذ سجلت الموجودات الخارجية لدى مصرف لبنان تقلصاً كبيراً قيمته 12.4 مليار دولار منذ نهاية العام 2019 حتى منتصف كانون الأول 2020 لتبلغ زهاء 24.9 مليار دولار، في ظل توقف تدفق النقد الأجنبي، وقيام المصرف المركزي بدعم المواد الأساسية من محروقات وقمح ومستلزمات الطبية إضافة إلى دعم المواد الغذائية، ناهيك عن الاستنزاف للاحتياطيات في أعقاب انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020 والذي سبّب بخسائر بشرية ومادية ضخمة. هذا مع العلم أنّه لدى استثناء محفظة مصرف لبنان لسندات الأوروبوند المقدرة قيمتها بـ5 مليار دولار والتسهيلات الممنوحة للمصارف، تقدّر احتياطيات مصرف لبنان السائلة للنقد الأجنبي بأقل من 18 مليار دولار حالياً. في هذا الصدد، صرّح حاكم مصرف لبنان مؤخراً بأن لدى المركزي حالياً أكثر من ملياري دولار بإمكانه استخدامها في دعم المواد الأساسية.

سوق الأسهم: واصلت أسعار البورصة تراجعها في العام 2020، كما يظهره تقلّص مؤشّر أسعار الأسهم في بورصة بيروت بنسبة 8.9% (-16,9% في 2019)، ذاك أن لبنان شهد أسوأ أزمة اقتصادية ومالية منذ الحرب الأهلية (1975-1990)، ومع انسداد الأفق حيال تشكيل "حكومة المهمّة" التي من شأنها أن تُخرج البلد من أزماته المتعدّدة وأن تطلق سلسلة إصلاحات طال انتظارها للإفراج عن دعم مالي دولي ضروري جداً. ويُظهر التوزّع القطاعي لأداء البورصة أن أسهم القطاع المصرفي كانت الأكثر تأثيراً على الأسعار خلال العام 2020، حيث سجّلت تقلصات وصلت إلى 70.7% كحد أقصى. في المقابل، أثارت أسهم سوليدير من الفئتين "أ" و "ب" اهتمام المستثمرين، الذين فضّلوا الأسهم العقارية بحثاً عن ملاذ آمن. فكان أن ارتفعت أسعارهما بما يزيد عن الضعف، وتحديداً من 7,30 دولار و7,29 دولار على التوالي في كانون الأول 2019 الى 18.50 دولار و18.29 دولار على التوالي في نهاية كانون الأول 2020. وحقّقت الأسهم الصناعية مثل أسهم شركة هولسيم لبنان والإسمنت الأبيض مكاسب بمقدار +48.7% و+57.7% على التوالي في العام 2020. وعلى ضوء الانخفاض في أسعار الأسهم، تراجعت القيمة الترسملية في بورصة بيروت بنسبة 4.8%، حيث بلغت زهاء 7176 مليون دولار في نهاية العام 2020 مقابل 7540 مليون دولار في نهاية العام 2019. وسجلت قيمة التداول الاسمية زيادةً لافتة نسبتها 18.6% في العام 2020 بالمقارنة مع العام 2019، لتبلغ زهاء 233 مليون دولار. وقد استحوذت أسهم "سوليدير" على 77.5% من النشاط، تلتها الأسهم المصرفية بنسبة 21.8%، فالأسهم الصناعية والتجارية بنسبة 0.7%. في هذا السياق، بلغ معدل دوران الأسهم في بورصة بيروت والمحتسب على أساس مجموع قيمة التداول السنوية إلى القيمة الترسملية نحو 3.2% في العام 2020 مقابل 2.6% في العام 2019، علماً أنه يبقى أدنى بكثير من المتوسّطات الإقليمية والعالمية.

سوق سندات الأوروبوند: هبطت أسعار سندات الأوروبوند إثر تخلّف الدولة اللبنانية في 9 آذار 2020 عن سداد ديونها بالعملات الأجنبية للمرّة الأولى في تاريخها، وبعد خفض التصنيف السيادي للبنان من قبل مؤسسات التصنيف العالمية إلى أدنى مستوى في سلّم التصنيفات، وبعد الفشل في تشكيل "حكومة مهمّة" تقوم بالإصلاحات البنيوية المنتظرة منذ مدة طويلة من أجل تسريع الدعم الدولي الملحّ والحيوي، إضافةً الى رهانات على خسائر كبيرة لحمَلة سندات الأوروبوند اللبنانية تصل إلى 65% وفق "موديز" ووسط توقعات بأن تتأخر المفاوضات مع حاملي السندات إلى العام 2022. في التفاصيل، اتّجهت أسعار سندات الأوروبوند السيادية اللبنانية نحو مستويات تاريخية متدنّية في نهاية العام 2020. إذ تراوحت أسعار سندات الأوروبوند السيادية التي تستحق بين 2020 و2037 بين 13.0 و14.13 سنتاً للدولار الواحد في كانون الأول 2020، مقابل 44,75-87,13 سنتاً للدولار الواحد في كانون الأول 2019. أما متوسط المردود المثقّل على سندات اليوروبوند اللبنانية، فقد ارتفع من 30% في كانون الأول 2019 الى 57% في نهاية العام 2020 (إذا استثنينا المردود على سندات الأوروبوند التي تستحقّ في عامَيْ 2020 و2021). في المحصلة، تبقى الأنظار مترقبة لتشكيل حكومة " إنقاذ" تستطيع المباشرة بإصلاحات سريعة واستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ما من شأنه أن يمهّد الطريق أمام دعم مالي دولي لا غنى عنه وأمام مباحثات بنّاءة مع حمَلة سندات الأوروبوند بشكل عام.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة