بارودي: لبنان لا يجمّد مشاريع الطاقة في المنطقة بل يتأثّر هو سلبياً ومن حسابه
أنطون الفتى - "أخبار اليوم"
تسعى بعض الدول النّفطية في المنطقة إلى تطوير "الهيدروجين" كوقود مستقبلي، وكطاقة بديلة تسبّب تلوثاً أقلّ من النفط، مثل السعودية التي تشيّد مدينة (نيوم)، وتخطّط لإمدادها بـ "الهيدروجين الأخضر"، ولتصديره منها الى الخارج. وهو وقود خالٍ من "الكربون"، ويُنتَج من الماء عبر فصل جزيئات الهيدروجين فيه عن جزيئات الأوكسجين، من خلال استخدام كهرباء، تُولّد من مصادر طاقة متجدّدة.
أما في الإمارات، فقد أُعلِن مؤخّراً عن تحالف من ثلاث شركات حكومية، تعمل على تأسيس ائتلاف لصناعة وقود الهيدروجين.
حَجْر ولقاح
نعود الى لبنان الذي لا يزال عاجزاً عن استخراج نفطه وغازه، لأسباب متعدّدة، ليس أقلّها تعثّر ترسيم حدوده البحرية الجنوبية، بوساطة أميركية ورعاية دولية، الذي دخل مساراً أبعَد من حَجْر، في انتظار لقاح قد لا يتوفّر أبداً، إذا تصادمَت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مع الإدارة الإيرانية التي ستنبثق عن الإنتخابات الرئاسية الإيرانية، في حزيران القادم.
ويُضاف الى السبب السابق ذكره، التعثّر الحكومي والسياسي العام في البلد، وهو جوّ غير مشجّع للحصول على ثقة شركات التنقيب عن النّفط والغاز أصلاً. فماذا عن مستقبل هذا الملف؟
قيود
أشار الخبير النفطي الدولي رودي بارودي الى أن "الجمود في الملف النّفطي يعود في الأساس الى أن انخفاض أسعار النّفط عالمياً، ولأشهر عدّة خلال العام الفائت، بسبب انعكاسات تفشّي جائحة "كوفيد - 19"، دفع دولاً كثيرة حول العالم الى وقف أعمال الإستكشاف. وبالتالي، هذه النّقطة تتعلّق بمشكلة عالمية، ولا تنحصر بلبنان وحده".
وأوضح في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" أن "تفشّي الجائحة أدّى الى الكثير من الإقفالات والقيود الدولية المتكرّرة أيضاً، في مختلف القطاعات، وهو ما قلّل من نِسَب استخدام الطاقة عالمياً، فانخفضت الأسعار".
ولفت الى أن "تعثّر تشكيل الحكومة، وغياب التركيبة السياسية التي يُمكنها تطمين الشركات والأسواق العالمية، أثّر في شكل إضافي، على جمود الملف النّفطي اللبناني".
لحكومة قادرة
وقال بارودي:"العامل السياسي الضاغط، بالإضافة الى وضع المصارف، وغيرها من المشاكل في لبنان، التي زاد "طينها بلّة" انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الفائت، الى جانب تعثّر الترسيم البحري جنوباً، تشكّل كلّها مع التعثّر الحكومي، إشارات سلبية لشركات النّفط العالمية".
واعتبر أن "الإدارة الأميركية ساعدت لبنان، وتعاملت في وساطتها المتعلّقة بالترسيم البحري جنوباً، بطريقة عادلة".
وشدّد على أن "الجيش اللبناني قام بعمل جبّار ورائع، في المفاوضات غير المباشرة. ولكن لا بدّ من تشكيل حكومة قادرة على مواكبة دوره، وعلى توحيد كلمة لبنان خلفه، والمضيّ الى الأمام".
من حسابه
وردّاً على سؤال حول ما إذا كان يُمكن للدول العربية أن تقوم بدور مُساعِد للبنان في الملفَّين النّفطي و"الترسيمي"، لا سيّما بعد المصالحة الخليجية - الخليجية، أجاب بارودي:"المصالحة بين الأخوة العرب مفيدة للعالم العربي عموماً، وتساعد في كل الملفات، وعلى الصُّعُد كافّة".
وحول إمكانية ارتفاع حظوظ حصول تطوّر عسكري، إذا ثبَتَ الجمود "النفطي" - "الترسيمي" على حاله، لفترة طويلة جدّاً، رأى أن "الزمن الحالي ليس زمن الحروب العسكرية كما يبدو. فضلاً عن أن الحرب لن تساعد أي طرف على تحقيق أهدافه".
وختم:"المثال على ذلك هو أن الحروب لم تغيّر نحو الأفضل في كلّ من العراق وسوريا واليمن. بالإضافة الى أن لبنان، ورغم تعثّراته السياسية الكثيرة، إلا أنه لا يجمّد مشاريع الطاقة في المنطقة، بل يتأثّر هو سلبياً، ويدفع الأثمان من حسابه".