وزني : حصر استخدام الدولار بدعم الادوية والقمح والمستلزمات الطبية
"النهار"- موريس متى
تشير أرقام البنك الدولي الى وصول نسبة الفقر الغذائي المدقع في لبنان الى 22% ومعدل الفقر الكلي الى 45%، ما يعني أن قرابة 1.7 مليون شخص، اي نحو 350 ألف أسرة يعيشون تحت خط الفقر، منهم 841 ألف شخص، اي ما يقارب 156 ألف أسرة تحت خط الفقر الغذائي.
ازداد الوضع سوءاً في لبنان نتيجة إرتفاع حدة الازمة الاقتصادية والمالية وتبعات جائحة كورونا والآثار الاقتصادية للإقفال العام وانفجار مرفأ بيروت وتداعيات الأزمة في سوريا. وأمام هذا الواقع، أتت موافقة مجلس أمناء البنك الدولي في الايام الماضية على اتفاق قرض شبكة الأمان الاجتماعي للبنان والبالغة قيمته 246 مليون دولار، ما يساهم بتوسيع مظلة البرنامج الوطني للحكومة اللبنانية لدعم الأسر الأكثر فقرا.
في التفاصيل ان مشروع القرض الجديد يفتح المجال لتقديم تحويلات نقدية طارئة وتيسير الحصول على الخدمات الاجتماعية لنحو 786000 لبناني فقير يرزحون تحت وطأة ضغوط الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان وجائحة كورونا. ويُقدِّم مشروع القرض المخصص لأزمة الطوارئ في لبنان تحويلات نقدية لمدة سنة إلى 147 ألف أسرة لبنانية ترزح تحت خط الفقر الشديد، على أن تتلقّى الأسر المؤهلة مساعدة شهرية قيمتها 100 ألف ليرة لبنانية للفرد الواحد، اضافة إلى مبلغ ثابت قيمته 200 ألف ليرة للأسرة الواحدة. وضمن الآلية التنفيذية التي عرضها البنك الدولي، يتم تحويل قيمة المساعدة النقدية للأسرة الواحدة إلى بطاقة مسبقة الدفع تصدر عن مصرف أو مُقدِّم خدمات مالية آخر، على أن يكون أحد المصارف، وتوزَّع على الأسر المستفيدة التي يمكنها الحصول على المبلغ نقداً عبر ماكينات الصراف الآلي أو استخدامها إلكترونياً لتسديد ثمن مشترياتها بشبكة من متاجر المواد الغذائية.
سلسلة تساؤلات طرحت في الايام الأخيرة حول العملة التي ستُدفع بها التحويلات النقدية للمستفيدين، وما قد يخسره المواطنون المستفيدون من المساعدات النقدية من جراء فرق سعر الصرف، وكيف سيتم تسديد هذه الاموال، وعلى اي سعر صرف؟
يؤكد البنك الدولي انه صمّم المشروع على أن يتمّ دفع التحويلات النقدية بالدولار الأميركي من أجل تأمين أقصى قدر من الفائدة للمستفيدين الرئيسيين وهم من الفقراء الرازحين تحت خط الفقر المدقع. إلا أن قرار الحكومة اللبنانية اقتضى أن يتلقّى المستفيدون التحويلات النقدية بالليرة اللبنانية من أجل ما اعتبرته الحكومة ضمان توافق المشروع مع البرامج الحكومية والإنسانية الأخرى في البلاد، ليعود البنك الدولي ويؤكد ان هذا المشروع سيضمن طوال مدة تنفيذه الحفاظ على القوة الشرائية الحقيقية للتحويلات. وفي الأساس، تم تحديد مستويات المخصصات لضمان كفايتها لتلبية الحاجات الأساسية الغذائية وغير الغذائية للأسر بناءً على أسعار السوق المحلية الحالية بالليرة اللبنانية. كما يتضمن المشروع آلية تعديل دورية لمراعاة أي زيادة في الأسعار المحلية قد تنجم عن انخفاض إضافي في سعر الصرف أو عوامل تضخم أخرى. ويمكن إجراء هذا التعديل كلما دعت الحاجة. وفي حال عدّلت الحكومة اللبنانية موقفها بشأن العملة المعتمدة في صرف التحويلات النقدية، يمكن تغيير ذلك في المشروع.
يؤكد وزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني لـ" النهار" ما يؤكده ايضا البنك الدولي، من ان ما سيحصل عليه المواطنون المستفيدون من المساعدات النقدية هي بطاقات مصرفية تحتسب قيمة الاموال التي سيتم إيداعها فيها إستنادا الى سعر منصة مصرف لبنان، بالليرة اللبنانية ويضاف اليها ما قيمته 60% من القيمة الاجمالية للمساعدة بالليرة، مع تأكيد وزني ان هذا المشروع وتفاصيله، بما فيها سعر صرف احتساب المساعدات النقدية، يجب ان يمر في المجلس النيابي، وكل شيء خاضع للنقاش. بالفعل، يستند سعر تحويل الأموال من قرض البنك الدولي إلى سعر تفضيلي يتم التفاوض عليه يعادل 1.6 مرة سعر المنصة الإلكترونية لمصرف لبنان، أي منصة "صيرفة"، والبالغ 3900 ليرة مقابل الدولار الأميركي، ليصل سعر الصرف الذي ستحتسب على اساسه المساعدات النقدية الى 6240 ليرة تقريبا للدولار الواحد.
قررت الحكومة اللبنانية إيداع قيمة القرض الذي حصل عليه لبنان من البنك الدولي، اي 246 مليون دولار، في حساب وزارة المال لدى مصرف لبنان، على ان تصل هذه الاموال على مراحل، وليس دفعة واحدة، لفترة قد تمتد حتى عامين. ويقوم مصرف لبنان بتأمين الكميات المطلوبة بالليرة اللبنانية ليتم تحويلها الى حسابات برنامج الغذاء العالمي الذي سيعمل على إصدار البطاقات وإيداع الاموال فيها. وبالنسبة الى ما يمكن وصفه بخسائر تتخطى 30% من قيمة المساعدة النقدية نتيجة فرق سعر الصرف بين السوق السوداء ويقارب 8700 ليرة للدولار و 6240 ليرة لدولار "البنك الدولي"، يؤكد وزني ان هذا الفارق ليس بخسارة،
فالمواطنون يستفيدون بشكل غير مباشر من هذه الفروقات. والحكومة تؤكد انها بحاجة ماسة لكل دولار يمكن تأمينه. وبعد انتقادات لإمكان إستخدام هذه الاموال لتمويل الدعم وما يتم تهريبه من مواد مدعومة على رأسها المحروقات، يُصر وزني على التأكيد أن هذه الاموال لن تستخدم للدعم بشكل عام، حيث سيُحصر إستخدام هذه الدولارات لتغطية تكاليف طبية وصحية متعلقة بفيروس كورونا (إستيراد معدات وأجهزة تنفس وأدوية، وتجهيز مستشفيات...) اضافة الى تغطية جزء من دعم الادوية والقمح. فبحسب وزني، الحكومة هي من يقرر كيف يتم صرف الاموال وضمن اي آلية، حيث تسعى الحكومة لتأمين الدعم للمواطن، والاهم في هذه الظروف "القطاع الصحي".
وتشير أرقام وزارة المال الى ان الدولة تحتاج شهريا الى ما يقارب 75 مليون دولار بالعملة الصعبة لتغطية نفقات أساسية، اضافة الى ما تصفه بمستحقات مصيرية، وتبرر الدولة اللبنانية انها مجبرة على تسديد المساعدات النقدية بالليرة اللبنانية بحجة حاجتها للدولارات، وفي ما يخص سعر الصرف، فهو مرتبط بقدرة مصرف لبنان على تأمين الليرة اللبنانية ضمن الضوابط المحددة. أما البنك الدولي فيعتبر ان سعر الصرف الذي اعتمد هو أعلى معدل يتم الحصول عليه لأي برنامج مُموَّل دوليًا في لبنان، على رغم أنه لا يتطابق مع سعر صرف الدولار في السوق.