هل التوافق السابق على خطيئة بحق الوطن أهم من العودة عنها ؟
المسؤولية والحسّ الوطنيان يحتّمان الإعتراف بالخطأ في المرسوم 2011 وتصحيحه
داود رمال- "أخبار اليوم"
شكلت جولة السفيرة الاميركية لدى لبنان دوروثي شيا تحريكا لملف المفاوضات غير المباشرة بين لبنان والعدو الاسرائيلي برعاية الامم المتحدة وبوساطة مسهلّة من الولايات المتحدة الاميركية، كونها طرحت اهمية العودة الى التفاوض الذي تم تجميده لاعتبارات تتصل بحسابات اسرائيلية تريد حصر عملية التفاوض بخط هوف فقط.
والمؤسف استمرار الانقسام على مستوى السلطة السياسية حول الموقف من الخط البحري الذي حدده الجيش استنادا الى دراسات قانونية مُحكمة اعتمدت قانون البحار، كون قسم من القوى السياسية تقول بأن خط الحدود البحرية الجنوبية الذي ينتهي بالنقطة 23 والذي صدر بموجب المرسوم رقم 6433 تاريخ 1/10/2011، قد تمت دراسته من قبل عدة لجان وزارية والتأكيد عليه من قبل عدة حكومات، لا سيما حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الثانية وحكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثانية بين عامي ٢٠٠٨ و٢٠١٣.
خط هجين وإعتباطي
وكأنه يُقصد من هذا الكلام أن المرسوم رقم 6433/2011 أشبع درساً وتم التوافق عليه من قبل حكومتين كانت كافة الكتل السياسية ممثلة فيها. غير انه غاب عن بال القوى السياسية التي تتبنى هذا الطرح، أن اللجان المشتركة سواءً في العام 2008 او في العام 2012 لم تكن تضم أي خبير تقني او قانوني دولي أو محلي مختص في ترسيم الحدود البحرية، مما أدی الی وضع خطاً هجيناً وإعتباطياً تشوبه أخطاءً جسيمة بينتها مصلحة الهيدروغافيا التي أنشاها الجيش اللبناني لاحقا في العام 2014.
أهم هذه الاخطاء انطلاق هذا الخط من نقطة في البحر (النقطة رقم 18 كما هو مبين في الخريطة اعلاه) بدلاً من نقطة رأس الناقورة التي هي نقطة التقاء الحدود البرية مع الشاطئ كما حددتها اتفاقية بولية نيوكومب عام 1923، كما أن نقطة النهاية رقم 23 ليست بنقطة وسطية بين لبنان، قبرص وفلسطين المحتلة كما ادعت هذه اللجان، كذلك لم يتّبع هذا الخط طريقة خط الوسط كما تم ذكره في لجنة عام 2008، ولم يكن عامودياً على الاتجاه العام للشاطئ كما ادّعت لجنة عام 2012، كما تبنّی في امياله الـ١٢ الأولی وجهة النظر الإسرائيلية القائلة باعطاء صخرة تخيليت اثراً كاملاً علی عكس ما ينصّ عليه الاجتهاد الدولي الذي كرّس مبدأ تجاهل الصخور التي لها اثر غير تناسبي علی خط الترسيم. هذا بالإضافة الى أخطاء اخرى لا سيما في تراتبية النقطتين 24 و 25 الواقعتان بين النقطة رقم 1 والنقطة 23.
مساحة بحرية شاسعة
وبالتالي كيف يتم الدفاع عن هذا الخط الذي ليس له أي اساس تقني او قانوني؟ ولماذا يصرّ بعض السياسيين على عدم تعديله بمرسوم جديد، مقدّمين بذلك خدمة مجانية للعدو الإسرائيلي عبر اضعاف موقف لبنان التفاوضي؟
ان المسؤولية والحسّ الوطنيين يحتّمان الإعتراف بالخطأ وتصحيحه كون الفرصة لا تزال متاحة خاصة ان مرسوم العام ٢٠١١ حفظ في مادته الثالثة حق لبنان في تعديل حدوده البحرية. أما الاستمرار بهذا الخطأ وتجاهله بحجج واهية فهو جريمة كبرى بحق الشعب اللبناني الذي يخسر بذلك حقوقه السيادية علی مساحة بحرية شاسعة مليئة بالنفط والغاز.
وتذرّع البعض بوصول المفاوضات غير المباشرة بعد 4 جلسات إلى حائط مسدود، على خلفية رفع الطرفين سقف الشروط ومطالبة لبنان خلال جلسات التفاوض بمساحة إضافية تبلغ 1430 كيلومتراً مربعاً إلى الجنوب من النقطة 23 تشمل جزءاً من حقل «كاريش» الذي تعمل فيه شركة إنرجيان اليونانية، تُضاف إلى الـ860 كيلومتراً بحرياً، التي كان الخلاف على أساسها منذ العام 2009. كما ادّعی البعض انه في الجلسة الرابعة، رفع الوفد الإسرائيلي سقف شروطه، مطالباً بمساحة أكبر تقضم مساحات إضافية في البلوكات البحرية 8 و9 للتنقيب عن النفط في المياه الاقتصادية اللبنانية، أي أنه طالب بمئات الكيلومترات الإضافية، وهو ما ضاعف التعقيدات ووضع العراقيل أمام استمرار المباحثات في الناقورة، ما أصبح يهددها بالتوقف وإعادتها إلى المربع الأول الذي كانت عليه قبل 10 سنوات.
ان هذا الكلام عار من الصحة جملةً وتفصيلاً ، حيث ان الاعلام الاسرائيلي فقط وليس وفد العدو هو الذي طرح خطاً قيل أنه يمتد الى قبالة صيدا ويهدد العمل في البلوكات الحدودية 5 – 8 -9 – 10. هذا الخط ليس له أي سند قانوني وقد تم سحبه سريعاً من التداول الاعلامي من قبل الجانب الاسرائيلي بعد طرح الجانب اللبناني في الاعلام ايضا خطين لهما سند قانوني، (خط إمتداد الحدود البرية وخط الموازي لخطوط العرض كما هو مبين في الخريطة أعلاه)، ويضعان معظم حقول النفط والغاز الاسرائيلية ضمن مناطق متنازع عليها، وبالتالي لم يُطرح هذا الخط (الذي سمي بخط 310) على طاولة المفاوضات وأجبر اعلام العدو على سحبه نظراً للضرر الذي يشكله على حقول النفط والغاز الاسرائيلية.