وزير الاقتصاد يدخل سعر ربطة الخبز بورصة السوق السوداء... الخطيئة الكبرى

عجاقة لـ"أخبار اليوم": قوانين لبنان ذات طابع اجتماعي ونعمة قلب كل المقاييس
سياسة خاطئة ستعرّض المواطن الى مزيد من الضغوط وسيُدفع ثمنها بالتظاهرات
النظام الحرّ في لبنان قائم على الورق فقط لاننا عمليا نعيش في ظل نظام احتكاري

رانيا شخطورة - "أخبار اليوم"

ربما اكثر ما يتمناه اللبنانيون هو الاسراع في تأليف الحكومة العتيدة ليأتي وزيرا جديدا للاقتصاد يرحمهم من قرارات الوزير راوول نعمة الذي لم يرحم احدا، الذي يرى رفع الاسعار امرا سهلا وان حرق قلوب الفقراء وتركهم فريسة للجوع.
خلال اشهر معدود ارتفع سعر ربطة الخبز 1000 ليرة:
في 30 حزيران 2020: ارتفع سعر ربط الخبز زنة 900 غرام من 1500 ل.ل. الى 2000 ل.ل.
في 11 كانون الثاني 2021 ارتفع السعر من 2000 ل.ل. الى 2250 ل.ل.
في 1 شباط 2021 ارتفع السعر من 2250 ل.ل. الى 2500
ويبدو ان الحبل على الجرار كلما ارتفع سعر الطحين عالميا او سعر الدولار في السوق السوداء... وللانصاف يعد نعمة انه "سيتم خفض سعر ربطة الخبز في حال انخفاض السعرين"... بمعنى آخر كما يقول المثل الشعبي "على الوعد يا كموّن"، لان جميع اللبنانيين يدركون ان "ما في شي غلي ورجع رخص"... فكيف في ظل الفوضى السائدة راهنا حيث لا حسيب ولا رقيب، ومن يفترض به ان يكون عادلا ومنصفا هو الاكثر ظلما!

الاحتكار
وفي هذا الاطار يشرح الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة ان سبب عدم انخفاض اسعار السلع محليا حتى ولو انخفضت عاليما، يعود لغياب السوق الحرة في لبنان، قائلا: النظام الحرّ في لبنان قائم على الورق فقط لاننا عمليا نعيش في ظل نظام احتكاري بكل ما للكلمة من معنى، مضيفا: والاحتكار هو المرض الثاني الذي تعاني منه الدولة بعد الفساد. وعلى اي حال فان المحتكرين يستخدمون الفساد كي يستمروا في احتكارهم.

رقم بسيط ولكن...
وبالعودة الى سعر ربطة الخبز وهي الركيزة الاساسية في السلة الغذائية، قال عجاقة في حديث الى وكالة "أخبار اليوم"، صحيح ان وزير الاقتصاد رفع سعر ربطة الخبز 250 ليرة لبنانية وقد يكون الرقم بسيطا ولا قيمة كبيرة للـ250، ولكنه في الواقع ما قام به هو فعل خطير جدا، اذ به وضع سعر ربطة الخبز في بورصة السوق السوداء، حيث برر رفع السعر بارتفاع سعر صرف الدولار وسعر الطحين.
واستطرد قائلا: على سبيل المثال سعر الـ Baguette في فرنسا يورو واحد، اذا ارتفع centime واحد تسقط الحكومة الفرنسية، اما في لبنان، فقد نتفهم ان قيام وزير الاقتصاد برفع السعر مرّة في السنة من اجل تخفيف عبء عن الدولة، ولكن اصبحت القضية دورية كل شهر او شهرين، ما يعني انه ادخل سعر الخبز في السوق السوداء وربطه بسعر الدولار في سوق مماثلة.
واضاف: سعر الطحين -وهو المكون الاساسي للخبز - مدعوم، وبالتالي حتى ولو ارتفع عالميا فلن يصل الى النسب التي حددها الوزير نعمة.

والاخطر...
وردا على سؤال، اجاب عجاقة: الاخطر ان الوزير حين رفع سعر الخبز، وضع الامن الغذائي ايضا في بورصة السوق السوداء، وهذا الامر مخالف للنظرية الاقتصادية التي تتكلم عن توفير المواد الاساسية التي لا يمكن للانسان ان يعيش من دونها، ففي كل دول العالم وضعت سياسات ثابتة لاستقرار هذه المواد، فكيف يحق لوزير الاقتصاد ان يحرك ثمن احد اهم هذه المواد بسهولة تامة.

تحرير كامل للاقتصاد
وهنا ذكّر عجاقة ان قوانين لبنان منذ ايام الرئيس الراحل فؤاد شهاب ذات طابع اجتماعي، وقال: نعمة قلب كل المقاييس من خلال خطواته.
واضاف: انا انتمي الى المدرسة الليبرالية، لكن الحرية ليست كيفما كان، فشرعة حقوق الانسان تنص على حق الطعام، وبالتالي: هل يجوز ان تكون المواد الغذائية الاولية رهينة السوق السوداء. وحذر: هناك شيء خطير في هذه اللعبة.
وختم: هذه السياسة الاقتصادية خاطئة ستعرّض المواطن الى مزيد من الضغوط، وسيُدفع ثمنها على شكل تظاهرات. ولكن ما اخشاه ان نكون امام تقاسم الادوار والمهام بين عدة اطراف من اجل الاتجاه نحو تحرير كامل للاقتصاد.