مصدر: فَتْح أبواب جلوس وليّ العهد السعودي مع تل أبيب وطهران
أنطون الفتى - "أخبار اليوم"
تتظهّر الملامح الجديدة للبنان والمنطقة يومياً، من خلال آخر الخطوات والمواقف الأميركية.
فمن "الردّ" العسكري على إيران في سوريا، بسبب هجمات ميليشياتها على قوات أميركية ودولية في العراق، وصولاً الى نشر مقتطفات من تقرير مكتب الإستخبارات الوطنية الأميركية حول مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الذي أكد أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، "أجاز" عملية لـ "اعتقال" أو لـ "قتل" خاشقجي.
بطاقة حمراء
وبمعزل عن خلفيات ما نُشِر، إلا أنه قد يحمل رسالة للطّامح الى العرش السعودي، حول ضرورة الكفّ عن خلق شبكة من التوازن في العلاقات الإقتصادية والسياسية والديبلوماسية والعسكرية والأمنية بين الشرق والغرب، وتحديداً على خطّ العلاقات الأميركية - السعودية، والسعودية - الروسية - الصينيّة.
فإما يتّجه بن سلمان نحو واشنطن وحدها، أو يتحمّل أثمان إدخاله موسكو وبكين كشريك استراتيجي للأميركيين، في الرياض والخليج.
فرصة؟
ووسط كلّ ما يحصل في ساحات أكثر الدّول الإقليمية تأثيراً، يقف لبنان باحثاً عن كيانه. فالى أي مدى يُمكن لما حملته إدارة بايدن من "مُنطَلَقات" جديدة في العلاقات الأميركية مع السعودية، وفي التفاوُض الأميركي مع إيران، أن تشكّل فرصة للبنان؟
رياح
فإذا كان الخطّ "المُمانِع" يرغب باستغلال ما حصل لبن سلمان، وبترجمته في الساحات الإقليمية، فإنه سيصطدم برياح حقوق الإنسان التي تهبّ من واشنطن باتّجاه الشرق الأوسط والعالم، حاملةً العقوبات على أجنحتها. وهو ما يُمكنه إنهاء عصر التصفيات والإغتيالات والإرهاب الجسدي والفكري، والأحداث الأمنية الغامضة، الى جانب معاقبَة تجاوزات الفساد، في لبنان والمنطقة.
مُستَهدَفَة
وضع مصدر مُطَّلِع على عمل إدارة بايدن "إصدار التقرير الأميركي حول مقتل خاشقجي ضمن إطار عودة الإدارة الأميركية الجديدة الى المؤسّسات، والى إعادة صياغة التوازنات. وهذا يعني أن ملفات وتقارير أجهزة الإستخبارات، و"البنتاغون"، ومجلس الأمن القومي، ووزارة الخارجية، وسائر الوزارات، والكونغرس، ستعود الى لعب دورها أكثر في المستقبل".
وأوضح في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" أن "خاشقجي كان صحافياً يعمل لصالح "واشنطن بوست"، ومقتله يجعل من الولايات المتّحدة نفسها مُستَهدَفَة. ولذلك أعاد بايدن تحريك الملفّ، بعدما انتهى زمن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وصهره جاريد كوشنر، في الحُكم".
دور أكبر؟
وشرح المصدر:"هذا المسار من التعاطي الأميركي يؤسّس لتركيز نظر وليّ العهد السعودي على واشنطن، ولتأطير تعامله مع موسكو وبكين، خصوصاً في الوقت الذي تخطّط فيه الولايات المتحدة لوضعه على الطاولة مع الإسرائيليين والإيرانيين".
وشدّد على أن "القول إن واشنطن تُبعِد بخطوتها هذه بن سلمان عن مستقبل السعودية، ليس صحيحاً، بل يجب رؤية المسألة من النّاحية المُعاكِسَة. فالضّغط عليه الآن بعد جهوده في إطار مكافحة الفساد في السعودية، يهدف الى تحضيره لدور أكبر على صعيد الحُكم داخل المملكة، في شكل يجعله أكثر انسجاماً مع مبادىء حقوق الإنسان، وأكثر مرونة في الإنفتاح على إسرائيل وإيران. وهو ما سيفتح له أبواب الدّخول في السياسة الإقليمية أكثر مستقبلاً، بعد الجلوس مع تل أبيب وطهران".
باسيل
وأكد المصدر أن "ما حصل لبن سلمان، لا ينسحب على رئيس "التيار الوطني" النائب جبران باسيل في لبنان، رغم أنهما يتمتّعان بمستقبل رئاسي في بلدَيْهما".
وأضاف:"أهداف العين الأميركية "المحمرّة" من بن سلمان، تختلف عن تلك التي تحكّمت بفرض العقوبات الأميركية على باسيل. ففي حالة وليّ العهد السعودي، نتحدّث عن ضغط يمهّد لدور. أما في حالة باسيل، فنحن أمام ورقة من أوراق المواجهة الأميركية مع إيران وشركائها وحلفائها، في المنطقة".
"الورقة الأقوى"!
وأوضح المصدر أن "الغارة الأميركية على سوريا تتعلّق بقصف عراقيين على الأرض السورية، بدلاً من ضربهم في العراق. والهدف من ذلك هو سَحْب أي ضغط عن رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، رغم أن الإعتداء الميليشياوي التابع لطهران على الأميركيين، الأسبوع الفائت، حصل في العراق، وليس في سوريا".
وكشف أن "لا طرف إقليمياً يتمتّع بدور "الورقة الأقوى" في المنطقة حالياً. فحتى تركيا نفسها قد تحصل على نصيبها من الغضب الأميركي، وفي مستقبل قريب ربما، بسبب إصرارها على الإحتفاظ بصواريخ "إس - 400" الروسية".
وختم:"الإستفادة اللبنانية من التوغُّل الأميركي في ملفات حقوق الإنسان، سواء في مصر أو السعودية أو المنطقة عموماً، لن تحصل حالياً. فلا جهة ستتحرّك تجاه بيروت في وقت قريب، ولا حتى من هذا الباب".