اتفاق قرض البنك الدولي لا يعلو فوق الدستور | أخبار اليوم

اتفاق قرض البنك الدولي لا يعلو فوق الدستور

| الأربعاء 10 مارس 2021

تفسيرات متباينة لصلاحيات السلطتين التنفيذية والتشريعية...

"النهار"- موريس متى
مجموعة الملاحظات التي طُرحت حول المسار الذي سلكه اتفاق قرض البنك الدولي الخاص بمساعدة الاسر الاكثر فقرا في لبنان بقيمة 246 مليون دولار، حتى وصوله الى المجلس النيابي، فتحت نقاشا حول دستورية إقرار هذا الاتفاق، وما إذا كان عرضة للطعن أمام المجلس الدستوري، كونه لم يقر في مجلس الوزراء.

المسار الذي اعتمدته عملية احالة قرض البنك الدولي الخاص بمساعدة الاسر الاكثر فقرا، والتي تمت مباشرة من خلال موافقات إستثنائية لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب من دون إقراره في الحكومة، طرحت تساؤلات حول إمكان الطعن بدستورية هذ الاتفاق الذي يجب ان يبحث ويقر على طاولة مجلس الوزراء قبل إحالته على مجلس النواب. فنص الدستور واضح لناحية تولي رئيس الجمهورية التفاوض لعقد كل المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة، على ان يحصل اي إتفاق او معاهدة دولية على موافقة مجلس الوزراء. في الايام الأخيرة أقرت اللجان النيابية المشتركة القرض وأحالته على الهيئة العامة للمجلس للإقرار في الايام المقبلة. أيضا، من الاتفاقات التي طرح البعض مقاربات دستورية حول إمكان تعرضها للطعن، هي إتفاق الاطار الذي يُعمل عليه حاليا بين لبنان والعراق، ويساهم في حصول لبنان على 500 الف طن من النفط العراقي الثقيل مقابل خدمات يحصل عليها العراق من لبنان. وفي هذا السياق، ولعدم تعريض الاتفاق لأي طعن محتمل من قِبل النواب أمام المجلس الدستوري، في حال عدم إقراره في مجلس الوزراء مجتمعا، وضمن الاطر الدستورية، مرورا بإقراره في مجلس النواب، في الوقت الذي طُرحت أفكار للإسراع بإقرار هذا الاتفاق، تلحظ إمكان إدراجه ضمن إتفاق التيسير العربي، وهي خطوة يعتبر البعض انها قد تسمح بتوقيع الاتفاق مباشرة بين لبنان والعراق، من دون المرور بالحكومة ولا بمجلس النواب لإقراره.

في هذا السياق، أوضحت المحامية والاستاذة في القانون العام الدكتورة ماريا القاموع لـ"النهار" انه "لتحديد صلاحيات كل من السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية في المفاوضة لعقد المعاهدات الدولية وإبرامها، من الواجب العودة لأحكام المادة 82 من الدستور التي نصت في فقرتها الأولى على ما يأتي: "يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالإتفاق مع رئيس الحكومة. ولا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء...". يتبين من المادة المذكورة أن موضوع المفاوضة والإبرام يدخل حصراً ضمن صلاحيات السلطة التنفيذية من دون السلطة التشريعية. غير أن الفقرة الثانية من المادة 52 أتت على ذكر المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة، أي المعاهدات الدولية التي تتصف بطابع مالي أو ترتب إلتزامات مالية على عاتق الدولة اللبنانية كما هي الحال بالنسبة اتفاق القرض مع البنك الدولي. فهذا النوع من المعاهدات لا يمكن ابرامها إلا بعد موافقة مجلس النواب. بذلك تنحصر صلاحية السلطة التشريعية في هذا الإطار إما بإجازة الإبرام بقانون أو بعدم إجازة الإبرام لا أكثر".

أما بالنسبة الى دور المجلس النيابي خلال مسار إبرام الاتفاقات الدولية، وتحديدا بعدما طالب العديد من النواب بضرورة إدخال تعديلات على مضمون إتفاق القرض مع البنك الدولي، فقد طرحت تساؤلات حول إمكان ان يبدي مجلس النواب بعض الملاحظات أو تسجيل بعض التوصيات المرتبطة باتفاق القرض السابق ذكره، فبحسب القاموع، "هذا الأمر يمكن أن يحصل خلال مناقشة يجريها النواب، غير أنه لا يعود لهذه الملاحظات أن تغير في اﻵلية الدستورية الصحيحة المذكورة في المادة 52 من الدستور والتي تحصر صلاحية مجلس النواب إما بالموافقة أو بعدم الموافقة على ابرام المعاهدة الدولية". وتعود لتؤكد "وجود لغط دائم يدور حول مفهوم التراتبية بين المعاهدات الدولية والدستور، فوفقاً لمبدأ هرمية القواعد القانونية (Principe de la hiérarchie des normes) يأتي الدستور على رأس مجمل القواعد القانونية ليتفوق بالتالي على المعاهدات الدولية. وخير دليلٍ على ذلك ما ورد في الفقرة "ب" من مقدمة الدستور اللبناني من تكريسٍ لبعض المعاهدات كمواثيق الأمم المتحدة ومواثيق جامعة الدول العربية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فهذه المعاهدات الدولية المذكورة حصراً في الفقرة "ب" باتت تتمتع بمرتبة دستورية تميزها عن سائر المعاهدات والإتفاقات الدولية. فلو كانت هذه الأخيرة تعلو على الدستور، لما كان من مبرر لذكرها في المقدمة لإعطائها الأهمية الدستورية المطلوبة".

تجدر الإشارة إلى أنه بعد تعديل الدستور بموجب القانون الدستوري تاريخ 21 أيلول 1990، أضيفت المقدمة على الدستور اللبناني لتصبح جزءًا لا يتجزأ منه، مقرةً مبادئ أساسية وتكريساً واضحاً للحقوق والحريات العامة خصوصا وفقاً للمعاهدات الدولية المذكورة حصراً في أحكام الفقرة "ب" والمتمتعة بقوةٍ دستورية على عكس سائر المعاهدات الدولية التي تبقى أدنى مرتبةً من الدستور. وقد أكد هذا الأمر المجلس الدستوري اللبناني في القرارين الصادرين عنه عام 2001 و 2003 (قرار رقم 2/2001 تاريخ 10 ايار 2001 وقرار رقم 1/2003 تاريخ 21 تشرين الثاني 2003). إذاً، إن المعاهدات الدولية ومنها إتفاق القرض مع البنك الدولي، وإن كانت أدنى مرتبةً من الدستور تبقى ذات أهمية كبيرة على الصعيد المحلي وذلك بمجرد استيفائها جميع الشروط القانونية المطلوبة من تصديق ونشر وما ذكر من شروط في أحكام المادة 52 من الدستور، فتصبح بذلك واجبة التطبيق في النظام القانوني اللبناني".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار