رسالة الرئيس عون: الطلقة الاخيرة | أخبار اليوم

رسالة الرئيس عون: الطلقة الاخيرة

| السبت 20 مارس 2021

النقاشات العقيمة مستمرة وهي توقظ المشاعر الطائفية وتفجر احقاد الماضي


"النهار"- غسان حجار
لم تقدّم زيارة الرئيس سعد الحريري الى قصر بعبدا بعد ظهر الخميس جديداً حقيقياً، في ظل الاحتدام الذي يسود العلاقة بينه وبين الرئيس ميشال عون، وعدم قابليتها للترميم في المدة المتبقية من العهد الحالي. فالرئيس الحريري الذي سارع الى تلبية دعوة عون، اراد ان يرد له تهمة التعطيل، فيؤكد مجدداً تشكيلته المرفوضة ضمناً ليوحي للرأي العام اللبناني انه قام بواجبه الدستوري وقدم للرئيس عون تشكيلة وزارية رفضها الاخير.

وبين الاخذ والرد، وكثرة التفاسير والانتقادات التي طاولت الرسالة الرئاسية وصاحبها، خصوصا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبغض النظر عن "الخطأ الاستراتيجي" الذي ارتكبه اهل القصر، وتعريضهم الرئيس لحملات قاسية، سياسية واعلامية، فان الرسالة، وان حققت هدفها باعادة التواصل ما بين الرئيسين، الا انها في الوقت نفسه كشفت عن ثغرة كبيرة، دستورية وعملانية. فقد عبّرت الرسالة عن عجز رئيس الجمهورية (اياً يكن اسمه) عن المبادرة او القيام بأي اجراء قانوني يسرّع ولادة الحكومة، خصوصا اذا كان على خلاف او تباعد مع الرئيس المكلف الذي تلزمه به الاستشارات النيابية.

فالدستور، كل دستور، لا يستوجب افتراض حسن النية، بل عليه ان يوفرالمخارج في اوقات الشدة والاختلاف والخلاف، لان حسن النية ليس ربيب العمل السياسي، خصوصا في ظل تعايش قسري بين موالاة ومعارضة، وفي ظل نظام "الديموقراطية التوافقية" اللبنانية المنشأ التي تعطل القرارات وتضع العصي في دواليبها.

وقد برزت في الاونة الاخيرة النواقص في الدستور اللبناني الذي لا يحدد مهلا زمنية معقولة للرئيس المكلف لتقديم تشكيلة حكومية، او لرئيس البلاد للتوقيع على المراسيم، كما للوزراء في توقيع المراسيم، وللامانة العامة لمجلس الوزراء في ادراج الملفات على جدول اعمالها.

لقد جاءت دعوة عون الى الحريري للاعتذار دون اي مسوغ قانوني، ورد الحريري وفريقه بدعوة رئيس الجمهورية الى الاستقالة واجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لا تعتمد ايضا على سند قانوني.

وهذا الوضع الذي يظهر النقص الحقيقي الذي يستوجب اعادة النظر في الدستور اللبناني، لكن عدم التوافق على الامر حالياً، وعدم جوازه في ظل غياب التوازنات، انما يؤكدان الحاجة الفعلية الى تدخل خارجي عبر مؤتمر دولي او عقوبات دولية تفرض على المعطلين، لان لا التراشق الاعلامي، ولا الهدنة الاعلامية، تفيدان في التقدم خطوات الى الامام، اذ امام التزام الرئيسين الصمت "الهدنة"، فان النقاشات العقيمة مستمرة وهي توقظ المشاعر الطائفية، وتفجر احقاد الماضي.

رسالة الرئيس عون التي قوبلت بكثير من سخرية باتت بلا حدود او سقوف مع تفلت المكبوتين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كانت الطلقة الاخيرة، وكانت مغامرة في المجهول، اذ لو لم يسارع الرئيس الحريري الى تلبية الدعوة، ولو تعامل معها بتجاهل كلي، لكان اسقط الرئيس، وموقع الرئاسة، في حفرة لا قدرة على القيام منها.

لقد انقذ الرئيس المكلف رئيس الجمهورية من احراج كبير، لا يمكن معه ان تستمر الامور على حالها من دون تعديلات دستورية تصلح ما افسده اتفاق الطائف، بترك بعض النصوص مبهمة، وبعدم تطبيقه الا "على القطعة" وفق ما يوافق اهل السلطة في السلطة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار