الدعوات لتغيير النظام محكومة بأخطار الفوضى والدخان | أخبار اليوم

الدعوات لتغيير النظام محكومة بأخطار الفوضى والدخان

| الثلاثاء 23 مارس 2021

أليس من الأفضل تطبيق الطائف بنصه وروحيته

"النهار"- عباس صباغ
عندما دعا الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله إلى مؤتمر تأسيسي في حزيران عام 2012، لم تكن موازين القوى في لبنان والمنطقة لصالح الحزب كما هي الحال عليه اليوم. فهل بات لبنان في خضم مخاض ولادة نظام جديد، وأي نظام سيرضى به اللبنانيون؟

في إطلالته الأخيرة الخميس الماضي، وفي سياق تفنيده لأسباب الأزمة الخانقة التي يعيشها لبنان، تحدث السيد نصرالله عن تغيير في النظام وإن كان لم يدخل في التفاصيل، إلا أن الأمين العام لـ"حزب الله" وإن كان يكرر دعوته بشكل أو بآخر إلى مؤتمر تأسيسي، فإنه يتكئ إلى دعوة صريحة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي دعا إلى عقد اجتماعي جديد في لبنان، خلال زيارته الأولى إلى بيروت بعد انفجار المرفأ في آب الفائت.

الطائف والإجماع الوطني
عندما اتفق اللبنانيون على وثيقة الوفاق الوطني (الطائف)، كانت البلاد تحت وطأة الحروب العبثية التي خلّفت عشرات آلاف الضحايا والمصابين ودمرت البنى التحتية للبنان.
بيد أن الاتفاق الذي أبرم برعاية عربية ودولية لم يكن يلبي طموحات جميع الأفرقاء اللبنانيين وإن كان يعبّر عن تغيير في موازين القوى، إلا أنه لم يلق الإجماع اللبناني، فعلى سبيل المثال: العماد ميشال عون حينها لم يكن موافقاً على مضمون ذلك الاتفاق، أما "حزب الله" فكان خارج الحياة السياسية الرسمية بحكم تفرغه لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الذي أخذت فيه حركة "أمل" بصدرها تحصيل حقوق المحرومين ولا سيما من الشيعة.

فالطائف الذي جاء وفق معادلة غالب ومغلوبين اثنين حيث إن المغلوب الأول كان اليمين اللبناني المتمثل حينها بالجبهة اللبنانية الذي حاول جاهداً الدفاع عن الصيغة اللبنانية القائمة منذ الاستقلال على شراكة بين المارونية السياسية والسنية السياسية.
إلا أن هذا اليمين خسر رهانه وكذلك خصمه اليسار المتمثل حينها بالحركة الوطنية اللبنانية، فكان المغلوب الثاني لأنه حاول إسقاط النظام أو على الأقل إدخال تغيير عليه ولم ينجح على غرار خصمه اليمين.

أما الغالب فكان نظاماً هجيناً قام على صيغة طائفية تجلت في ما عُرف بزمن حكم الترويكا التي أدت إلى منازعة رئاسة الجمهورية المارونية على صلاحياتها التنفيذية التي نصت عليها المادة 17 من الدستور اللبناني قبل التعديل حيث كانت تشير صراحة إلى أن السلطة الإجرائية تناط برئيس الجمهورية.

بعد أكثر من ثلاثة عقود على الطائف يعتبر بعض الجهات الداخلية أن هذا النظام لم يعد قابلاً للحياة، عدا أن موازين القوى الحالية لم تعد كما كانت عليه عام 1989.

لكن أي نظام يقبل به المطالبون بالمؤتمر التأسيسي أو بالحوار الوطني؟ وبمعنى أوضح: ما هو التعديل الذي يرضى به طرفا ورقة تفاهم مار مخايل أي "حزب الله" وحليفه "التيار الوطني الحر"؟
ليس لدى الطرفين على الأقل في العلن تصور لصيغة جديدة للنظام اللبناني، وإذا كان الشيعة قد طالبوا سابقاً بالقرار التنفيذي في الدولة، فإن ذلك سيدخلهم في مواجهة مع السنّة لأن التطبيق المشوه للطائف جعل من الصلاحيات التنفيذية التي نيطت بمجلس الوزراء مجتمعاً وفق النص الدستوري الجديد، مارسها رئيس الحكومة منفرداً. أما المسيحيون الخاسرون من التعديل في الطائف فلا يرضون بمزيد من الخسارة لأن الدستور لم يترك للرئيس المسيحي الوحيد في هذا الشرق أي صلاحيات تنفيذية وبالتالي فإن إعادتها أو على الأقل إعادة قسم منها سيضعهم أيضاً في مواجهة مع السنّة.

في المحصلة، لا يمكن الدخول في معمعة تغيير النظام من دون تغييرات قد تسيل على طاولة المفاوضات، وهذا حكماً سيقود البلاد إلى الفوضى غير الخلاقة التي ستزيد من الشرخ بين اللبنانيين المختلفين أصلاً على القضايا الاستراتيجية الكبرى.

لكن أليس من الأفضل تطبيق الطائف بنصه وروحيته وإنشاء مجلس للشيوخ وإناطة القضايا الكبرى به مقابل قانون انتخابي خارج القيد الطائفي؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار