للاستفادة من الحراك الدبلوماسي الدولي وخاصة الخليجي كمظلة معنوية لانجاز التسوية
داود رمال – "أخبار اليوم"
"مطرحك يا واقف" هو حال مسار عملية تأليف الحكومة التي صارت معلقة على الامزجة وانعدام الثقة بين المكونات السياسية، في مشهد من "الانفصام السياسي" لم يشهد لبنان له مثيلا من قبل.
وبينما كان التعويل على الحراك الدبلوماسي المستجد، لا سيما الخليجي منه، قال مصدر مواكب لعملية التأليف لوكالة "أخبار اليوم" ان "كل الزيارات واللقاءات الدبلوماسية، التي جاءت اما استدعاءً ايجابيا او بطلب موعد، والتي شهدتها المقار الرئاسية والسياسية والدينية، اقتصرت على عرض للواقع الحكومي القائم وصولا الى التطورات في المنطقة، واهمية ان لا يربط لبنان مصير استحقاقاته بما يجري في الاقليم، وهي بالتالي لم تحمل مبادرة معينة تهدف الى تحريك الجمود الحكومي، انما كانت عبارة عن رزمة من النصائح والتلميحات الدالّة للقيادات اللبنانية بوجوب الاسراع في مغادرة المراوحة القاتلة في عملية تأليف الحكومة، والذهاب سريعا الى اتفاق وفق الالية الدستورية على تشكيل حكومة قادرة على وضع الخطة الاصلاحية المنصوص عنها في المبادرة الفرنسية موضع التنفيذ، وبالتالي عدم المرتهنة على تدخل خارجي عربي او اقليمي او دولي من اجل صياغة تسوية جديدة، لان ما هو مطروح ولا رجوع عنه هو المبادرة الفرنسية التي لا شريك او بديل لها".
الضغوط الدولية
واشار المصدر الى "ان الضغوط الدولية عبر المواقف المتلاحقة، ان الصادرة عن مجلس الامن الدولي او عن الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن او مجموعة الدعم الدولية لدعم لبنان، وصولا الى كل الاشقاء والاصدقاء، سيكون سقفها التحذير من ذهاب الامور الى خط اللاعودة وفقدان أي امكانية لاستنفاض الوضع اللبناني من دون تداعيات جانبية خطيرة، ونظرا لانشغال العالم بقضاياه الكثيرة لا سيما جائحة كورونا والتداعيات الاقتصادية القاسية، فان الكرة في ملعب القيادات اللبنانية، التي عليها ان تغادر المواقف الشخصية العنيفة التي طفت على سطح المواقف السياسية مؤخرا، لا سيما المواقف التي اطلقت بعد اللقاء الساخن الاخير بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، بعدما خرج الاخير عن المألوف في التخاطب مع موقع الرئاسة الاولى بالكلام الذي ادلى به في تصريحه بعد اللقاء".
استدارة الحريري
ولفت المصدر الى ان "معظم القوى السياسية تريد الانقلاب نهائيا على حكومة اخصائيين والذهاب الى حكومة سياسية تحت عنوان تكنوسياسية، وان كل ما يدور من لقاءات سياسية يصب في هذا الاتجاه، وبما يؤمّن الغطاء السياسي الداخلي لاستدارة الرئيس الحريري عن طرحه انطلاقا من ان الجميع يريد حكومة تكنوسياسية وليس حكومة اخصائيين".
وقال المصدر ان "اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس سعد الحريري بحضور النائب علي حسن خليل في عين التينة يوم الاربعاء الفائت، تم في خلاله عرض للمسار الحكومي وما اعترضه من عقبات منعت التأليف حتى الان، وان بري عمد الى طرح سلسلة من الافكار القابلة للتسويق، مع ميل واضح لديه لتبني منطق التسوية الذي اعلن عنه صراحة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، والذي لا يتمسك بالعدد في عملية تأليف الحكومة، مع تفضيل حكومة من 24 وزيرا من شأنها ان تضم اكبر شرائح تمثيلية قادرة على تغطية وتحمل القرارات الصعبة جدا التي ستقدم عليها الحكومة العتيدة، وعلى قاعدة ان الحل داخلي وعلينا عدم انتظار الخارج، لان الحكم سيكون على برنامج الحكومة الذي على اساسه تسيّل مقررات مؤتمر سيدر وتنفتح ابواب المساعدات او تبقى موصده".
مظلة معنوية
وسجل المصدر بإيجابية كبيرة "عودة الحراك الدبلوماسي الخليجي باتجاه القيادات اللبنانية، وخصوصا لسفراء السعودية والكويت وقطر، والذي من شأنه ان يؤمّن مظلة معنوية بأن لبنان ليس متروكا لقدره، ويفترض ان تشجع القوى السياسية على المبادرة الى انجاز التسوية المنتظرة والذهاب الى تأليف الحكومة سريعا بما في ذلك مصلحة لبنان ووضعه على مسار الحلول وليس التحلل الاجتماعي والامني".