الفيلم متوفر على نتفليكس
من منّا يعلم متى قيلت أول كذبة على وجه التحديد ومن الذي علّم الناس الكذب؟ في فيلم "اختراع الكذب" او The invention of lying الذي يمكنكم مشاهدته عبر منصة نتفليكس، كانت الكذبة الأولى من نصيب مارك الذي يؤدي دوره الممثل والمخرج ريكي جيرفيه، في عالم لم يكن يعرف الكذب، ولم ترد الكلمة على لسان أبطال الفيلم ولا حتى مرة واحدة، لأنها لم تكن معروفة.
تدور أحداث الفيلم في عالم لم تتطور بعد لدى الجنس البشري فيه القدرة على الكذب. هو ليس "مدينة فاضلة" فهناك اللص والحاسد والمتنمر، لكن لا أحد يكذب، يقول الناس فيه الحقيقة حتى لو كانت مزعجة. فمثلاً دار المسنين في هذا العالم ليست مكاناً جميلاً، بل مكتوب على بابها "مكان كئيب لكبار السن اليائسين".
يعيش بطل الفيلم مارك حياة عادية: ليس غنياً، ولا جذاباً، وهو فشل في الحصول على شريكة حياة، واصبح معدماً بعدما خسر وظيفته، ولم يعد يملك حتى كلفة العيش في شقة صغيرة. كادت تدفع الظروف مارك إلى الشارع، لأن النصوص السينمائية التي يكتبها لا تجذب الكثير من المشاهدين، لكن ما ذنبه إن كان مكلفاً بالكتابة عن القرن الرابع عشر الذي عرف الناس فيه الطاعون؟ يخالف مارك منطق المدينة عندما يصل إلى البنك الذي تعطل فيه الكمبيوتر، ليسحب من رصيده 800 دولار تنقذه من النوم في الشارع، رغم أن حسابه لم يتجاوز 300 دولار! تصدق موظفة البنك مارك، لأن الإنسان لا يمكن أن يكذب ويحصل على مراده. لم يعرف مارك ما الذي فعله، حاول أن يخبر أصدقاءه أنه فعل أمراً جديداً، لكنه لا يعرف المفردة التي تعبر عنه، فقد اخترعه للتو، ويبدو أن الاختراع الجديد أعجبه. أصبح بالكذب ثرياً في ليلة واحدة، فقط لأنه في هذا العالم كان الكاذب الوحيد، لم يكن هنالك من ينافسه، ولم يكن بحاجة إلى اختراع كذبة مقنعة، اذ كانت كذباته ساذجة.
بعدما رأى مارك تأثير الكذبات على حياته، بدأ توزيع اختراعه الجديد هنا وهناك لتحسين حياة الآخرين، غيّر حياتهم بكذبات صغيرة، لكن مفعولها كبير، فما بالك بالكذبات الكبيرة.
الكذبة الكبيرة الأولى التي بدأ بها مارك كانت تزوير التاريخ لكي يعود إلى عمله، وينقذ سمعته، زوّر القرن الرابع عشر، فتحدث عن غزو فضائي للأرض ومركبات تهبط في بابل وجيش من النينجا يقاوم ونساء من الأمازون وأفراح على كوكب المريخ! لم ينتبه أحد إلى الكذبة الكبيرة، اذ لم يكن هنالك مقياس يقول إنها كذبة كبيرة. لا أحد يعرف حقيقة متى قيلت اول كذبة، لكن في داخل كل منّا "مارك" –صغيراً كان ام كبيراً- من دون ادنى شك.