"ما خلّا الجرح مسكّر بسّ ما نزّل دم"... هذا ما حصل على شاطىء بحيرة طبريا! | أخبار اليوم

"ما خلّا الجرح مسكّر بسّ ما نزّل دم"... هذا ما حصل على شاطىء بحيرة طبريا!

انطون الفتى | الجمعة 16 أبريل 2021

 

لا شماتة ولا سخرية...

 

أنطون الفتى - "أخبار اليوم"

 

في عاميّة بشريّتنا نقول "خلّي الجرح مسكّر". فالطبيعة البشرية ترفض الألم، وتُسرِع دائماً نحو ما هو ضدّه.

هذا منطق البشر. أما منطق الله، فهو مختلف تماماً. فبعد قيامة السيّد المسيح من بين الأموات، تراءى للرّسل مرات عدّة، كانت إحداها في مساء يوم القيامة. وعندما رآهم مضطّربين، قال لهم "أنا هو بنفسي. إلمسوني وانظروا، فإن الروح ليس له لحم ولا عظم كما ترون لي". وأراهم أثر المسامير في يدَيْه وقدمَيْه.

ولكن توما لم يَكُن معهم، وعندما أخبره الرسل بأنهم رأوا الرب، قال إنه إذا لم يُبصِر أثر المسامير، وإذا لم يضع إصبعه في جنبه، فإنه لن يؤمن.

 

ثمانية أيام

عملياً، بقيَ توما ثمانية أيام بلا إيمان، والرب لم يُظهِر له ذاته لثمانية أيام بعد قيامته. وفي اليوم الثامن، تراءى يسوع للرسل كلّهم مجدّداً، وكان توما معهم، فقال الرب لتوما:"هاتِ إصبعك الى هنا فانظر يدي، وهاتِ يدك فضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمن، بل كن مؤمناً".

عندها، أجابه توما:"ربي وإلهي". وهو بجوابه هذا عبّر عن إيمانه، دون أن يلمس الرب، ودون أن يضع إصبعه في جروحه. فقال له يسوع "ألأنك رأيتني آمنت؟ طوبى للذين يؤمنون ولم يروا".

 

القدّاس

منطق الله مختلف عن منطق البشر. فهو عندما طلب من توما أن يُمسك بجنبه المطعون بالحربة على الصليب، وبأثر المسامير في يدَيْه، أبدى استعداده لمزيد من الألم، بهدف تثبيت إيمان شخص وعَدَم تركه فريسة للهلاك. ولكن، لو وضع توما إصبعه في الجروح، ولم يُعلن إيمانه بقوله "ربي وإلهي" دون أن يلمس الرب، لكان دم المسيح تدفّق من جديد، لأن جروحاته كانت ستُفتَح، مع مفاعيل ألم شديد، يفوق ما عاناه يسوع في يوم صلبه. فمفاعيل فتح الجروح من جديد، واستعادة الألم، تكون أشدّ من حالة الألم الأولى. وهذا ما يحصل ليسوع في كلّ قدّاس نحتفل فيه بموته وقيامته من بين الأموات.

 

نكران

توما المتأخّر عن الإيمان، لم يضع إصبعه في الجرح، إذ استنار بلاهوت يسوع فور رؤيته، وهو يلتقي مع المتقدّم في الرّسل والإيمان، أي بطرس، الذي قال ليسوع في ليلة العشاء السرّي، "يا رب، إني لعازم أن أمضي معك الى السجن، والى الموت". فبطرس هذا أجابه يسوع أن "لا يصيح الديك اليوم حتى تنكر ثلاث مرات أنك تعرفني". وهذا ما فعله بطرس.

 

بداية

ولكن النهاية كانت بداية. فعندما تراءى يسوع للرّسل على شاطىء بحيرة طبريا بعد قيامته، وأطعمهم الخبز والسّمك في شكل عجائبي، بعدما أمضوا الليلة كلّها دون أن يصطادوا شيئاً، قال يسوع لبطرس "أتحبّني أكثر ممّا يحبّني هؤلاء؟"، فأجابه بطرس "نعم يا رب، أنت تعلم أني أحبّك حبّاً شديداً"، فقال له يسوع "إرعَ حملاني". ومن ثم قال (يسوع) له (بطرس) مرة ثانية، "أتحبّني"، فأجاب بطرس "نعم يا رب، أنت تعلم أني أحبّك حبّاً شديداً". فقال (يسوع) له (بطرس) "إسهر على خرافي".

ومن ثم قال له يسوع مرة ثالثة "أتحبّني حبّاً شديداً"، فحزن بطرس، وأجاب "يا رب، أنت تعلم كل شيء، أنت تعلم أني أحبّك حبّاً شديداً". فقال له يسوع "إرعَ خرافي".

 

هيّا ننطلق!

إعادة السؤال ثلاث مرات هنا، لم تَكُن للتسلية، ولا لـ "الزَكْزَكَة"، ولا من باب العدّ. ولكن نكران بطرس الشفهي الثلاثي للسيّد المسيح في يوم صلبه وموته، تطلّب إعلاناً إيمانياً شفهياً ثلاثياً، بحبّه وإيمانه، بعد قيامة الرب.

منطق البشر مختلف عن منطق الله. فالبشر "بيجرّصوا بعضون"، ويتبادلون حروب الإذلال، أما الله فيستر، ويحمي.

فنكران بطرس الثلاثي، حصل أمام مجموعة من الخطأة والأشرار، الذين كانوا ينتظرون ما سيحلّ بيسوع. أما إقرار بطرس بحبّه ليسوع، فتمّ أمام يسوع والرّسل، أي أمام "أهليّي بمحليّي"، وبلا صراخ أو تعيير، وحتى دون تقديم اعتذار من قِبَل بطرس، أو مُطالبَة به من قِبَل الرب.

هنا لا شماتة، ولا سخرية، ولا من ينتقم. هنا إله لا يحطّم، ولا يذلّ.

هنا من يقول "هيا ننطلق"، ومن هنا بالذّات، ننطلق.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة