50% من اللبنانيين تحت خطّ الفقر... نحو المجهول الأسوأ من اليوم! | أخبار اليوم

50% من اللبنانيين تحت خطّ الفقر... نحو المجهول الأسوأ من اليوم!

| الثلاثاء 20 أبريل 2021

السلع الأساسية ارتفعت أسعارها فوق الـ 350%

النهار - فرح نصور:

أصدر البنك الدولي تقريراً عن الآفاق الاقتصاديّة للبنان في نيسان 2021، وغياب توافق سياسي من جهة وتعدّد الصدمات من جهة أُخرى؛ كالأزمة الماليّة، وتفشّي فيروس كورونا وانفجار مرفأ بيروت.

وأشار إلى أنّ انكماش الناتج المحلّي الإجمالي الحقيقي للفرد، ومستويات التضخّم المرتفعة المسجّلة خلال عام 2020، سيؤدّيان إلى ارتفاع كبير في مستويات الفقر، ما سيؤثّر في كافّة طبقات المجتمع اللبناني. وحثّ البنك الدولي لبنان على جعل حماية السكان الأكثر فقراً أولويّة.

أسئلة كثيرة تُطرح عن مصير اللبنانيين بناءً على مؤشرات هذا التقرير. ما مدى خطورة الأرقام المذكورة فيه وما هي دلالتها؟ وماذا عن مصير الوضعين الاقتصادي والاجتماعي بعد رفع الدعم القريب؟

أرقام صادمة عكست واقع الأزمة المرير التي يمرّ بها لبنان. وقد جاء في تقرير البنك الدولي الأرقام التالية:

- أكثر من 50% من سكّان لبنان أصبحوا تحت خطّ الفقر.
- يواجه نحو 41% من العائلات اللبنانيّة تحدّيات في الحصول على الطعام والخدمات الأساسيّة.
- %36 من العائلات اللبنانيّة تعاني صعوبة في الحصول على خدمات صحيّة.
- ارتفعت البطالة إلى 40% في شهر كانون الأوّل 2020.
- انخفض الاستيراد بنسبة 45،4% سنويّاً خلال الأشهر الـ11 الأولى من عام 2020.
- انخفضت إيرادات الدولة بنسبة 20،2% سنويّاً خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2020.
- يتوقّع البنك الدولي أن ينكمش الناتج المحلّي الإجمالي بنسبة 9،5% عام 2021.
- تراجع الناتج المحلّي الإجمالي للفرد بنسبة 40% ما بين عامي 2018 و2020.

وذكر تقرير م#رصد الأزمة في الجامعة الأميركية في بيروت، حول تطوّر أسعار الموادّ الغذائية منذ أوائل 2020، أنّ بعض السلع الأساسية ارتفعت أسعارها فوق الـ 350%. وسجّلت كلّ السلع ارتفاعاً كبيراً في أسعارها في الفترة الممتدة من كانون الثاني 2020 حتى نيسان 2021، ما عدا الطحين الذي شهد تقلّبات في أسعاره.

وتدلّ جميع الأرقام السابقة على أنّ الأمور تتّجه إلى الأسوأ إذا ما تمّ تطبيق رفع دعم غير منظَّم يؤدي إلى تآكل إضافي بالقدرة الشرائية. ففعلياً، يبلغ تضخّم الأسعار أكثر من 350% إذا ما شملنا جميع السلع كسلّة غذائية كاملة، ويتعدّى الـ 410%، بحسب الدكتور ناصر ياسين، أحد الباحثين في مرصد الأزمة ومدير الأبحاث في معهد عصام فارس للسياسات العامّة للشؤون الدولية.

يجب الخوف من القادم إذا لم يؤمَّن البديل الواضح، عبر مساعدات مادّية لغالبية الأسر اللبنانية، لسدّ الحاجة التي ستولّدها عملية رفع الدعم. الناس سيعانون من تأمين حاجاتهم الأساسية.

لذلك، يرى ياسين أنّ "مع انسداد الأفق الحاصل، يجب رفع الدعم تدريجياً وتوفير بطاقات تمويلية أو نقدية تغطي الحدّ الأدنى من الأمن الغذائي كسلع أساسية، لكن لا يمكن دعم أسلوب حياة في ظلّ الأزمة. أمّا باقي السلع فسيرتفع سعرها، لكن الوضع سيكون صعباً مهما حاولنا تجميله، وسيشعر الناس بالوجع أكثر من الوقت الراهن".

من هنا، يجب رفع الدعم على مرحلتين عن البنزين والغاز، فالغلاء الأساسي ستسجّله هاتان المادّتان، وفق ياسين. ويجب أن يبقى الدعم على الأدوية الأساسية لمدّة سنة، وكذلك على القمح. ومع رفع الدعم، كما بات معلوماً، من المتوقَّع ارتفاع سعر ال#دولار من جرّاء الطلب عليه من السوق المحلّية. ومع ارتفاع سعره سترتفع جميع أسعار السلع، فجميع القطاعات ستسعّر على أساس سعر الدولار الجديد، الذي سيرافق رفع الدعم. هنا سنشهد فلتاناً بالأسعار، وجزء كبير من التجّار لن يعود قادراً على استيراد البضاعة نفسها، لا من حيث الكمية ولا النوعية، فالاستهلاك سينخفض أيضاً.

وفي ظلّ عدم استقرار سياسي وحكومي، لا يمكن إصلاح أيّ شيء. والاستقرار بحاجة إلى قرار سياسي للتوجّه نحو المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، بهدف إدخال دولارات إلى البلد.

وبرأيه، وصول أكثر من 50% من اللبنانيين إلى ما تحت خط الفقر، يعني أنّ ربع اللبنانيين أصبحوا يُسمَّونَ "فقراء جدداً"، لأنّ نحو ربعهم، على مرّ السنين، بقي تحت خطّ الفقر الأعلى وذلك قبل رفع الدعم. فما يشكّل ربع موازنة الأسرة لا يزال حتى الآن ضمن أسعار مضبوطة، من محروقات مدعومة وإيجارات منازل معظمها بالسعر القديم. ونحو 15% من السكان أصبحوا في فقر مدقع، أي الفقر الأدنى. ويعود ذلك إلى تآكل قيمة الأجور، وبمن ثم القدرة الشرائية. وهناك تقديرات أن يقدّم نحو 70% من اللبنانيين على بطاقات تمويلية. فمع رفع الدعم، ستتآكل الأجور أكثر، ومعظم موظفي الدولة ستتقلّص قدرتهم الشرائية. وما تبقّى من الطبقة الوسطى سيتلاشى أكثر وأكثر.

وفي هذا الإطار، سيستهدف برنامج الأمان الاجتماعي ربع السكان الفقراء، وهناك داتا موجودة عنهم. لكنّ أعداد اللبنانيين الذين سيكونون بحاجة إلى مساعدة نقدية ستكون أكثر من ربع السكان بكثير، ويجب توفير دخل للجميع عبر بطاقات debit. لكن آلية التطبيق لا زالت غير واضحة بعد من قِبل وزارة الاقتصاد.

الأزمة ستفرّغ لبنان من رأس ماله البشري

أرقام تقرير البنك الدولي هي نتيجة متوقَّعة إثر السياسات الخطأ المتراكِمة، وتعنُّت السلطة الحاكمة لجهة تشكيل الحكومة. و"للأسف الآتي أسوأ. ونحن مستمرّون بانهيار أرقام الفقر والبطالة وإقفال المؤسسات والتضخم وفلتان الأسعار، في غياب أيّ خرق إيجابي وغيبوبة المسؤولين"، بحسب البروفسور روك-أنطوان مهنا، الأستاذ الجامعي والباحث في الشؤون الاقتصادية. ونسبة 50% ممَّن هم تحت خطّ الفقر في لبنان سترتفع حتماً، لأنّ 2% فقط من اللبنانيين تمتلك المال ما بين مسؤولين وسياسيين ومصرفيّين نافذين ورجال أعمال، استطاعوا تهريب أموالهم. لذلك الأفراد المحتاجون اليوم في لبنان هم أكثر من 90%، ويجب توفير #البطاقة التمويلية لا فقط لمَن هم أكثر فقراً وتحت خط الفقر، بل لـ 98% من اللبنانيين، وبذلك توفّر الدولة 50% من كلفة الدعم.

وفي حال رفع الدعم الشهر المقبل، ستنفجر الأسعار والفقر والنسبة المذكورة في تقرير البنك الدولي، إلى جانب الفلتان الأمني والمدني وانتشار الفوضى. وهنا تكمن خطورة الأمر، بحيث سيصل سعر صفيحة البنزين إلى نحو 150 أو 180 ألف ليرة بحسب أسعار برميل النفط عالمياً، وكذلك سيُرفع الدعم عن معظم الأدوية، "كل هذا الواقع يأخذنا نحو المجهول والمجهول أسوأ ممَّا نعيشه اليوم"، وفق البروفسور.

ويتوقّع أنّ "الأرقام المذكورة ستكون أخطر بكثير، مع نسب سرقات وتعديات على الأملاك واغتيالات، لم نشهدها في أيّ من التقارير الاقتصادية المتعلِّقة بلبنان حتى اليوم".

وجاء في تقرير البنك الدولي، أنّ من المرجَّح أن يخفض البنك تصنيف لبنان من حيث الدخل، من اقتصادٍ يمتاز بدخلٍ متوسّط أعلى إلى الشريحة الدنيا من الدخل المتوسّط.

ويصنّف البنك الدولي مداخيل الدول عبر تقسيم الناتج المحليّ الحقيقيّ على عدد السكان، لمعرفة متوسِّط دخل الفرد. وفي لبنان، تراجعت قيمة الناتج المحلي وقيمة الدخل الحقيقي أضعافاً، بسبب ارتفاع سعر الصرف وإقفال المؤسسات، التي يدفع بعضها نصف رواتب. وسيضع التراجع الحادّ في دخل الفرد، لبنان في فئة الدول ذات الدخل ما دون المتوسِّط.

ولا شكّ في أنّ أزمة لبنان أيضاً فريدة في نوعها عالمياً، كما يفيد مهنا. فبالإضافة إلى الركود التضخّمي، نعاني أزمة مصرفية لا مثيل لها، "لذلك تدلّ الأرقام على أنّنا أصبحنا في فئة الدول ذات دخل دون المتوسط، لكن فعلياً لبنان يُصنَّف دولة فقيرة جداً، فدخل الفرد بسعر الدولار دليل على ذلك".

ووصول مجتمعٍ ما إلى أكثر من 50% من سكانه تحت خط الفقر، يزيد من الآفات الاجتماعية، ومن معدّلات الجرائم والسرقات والمخدرات والقتل.

إلى جانب تعزيز الإحباط وقتل الابتكار، سواء بالوكالات الحصرية أو الفن أو الإبداع والموضة والمبادرة الفردية، الذي كان يُشهَد للبنان، وفقدان الخبرات والمهارات التي لطالما اشتهر اللبنانيون بها. وكذلك، يدفع إلى هجرة الأدمغة ورأس المال البشري، وما كان يتغنّى به لبنان،والصعب أن نعاود اكتسابه من جديد.

في هذا السياق، جميع التداعيات المأسوية تقلّل أيضاً من سمعة واسم لبنان، وقد بدأت بعض الدول تستغلّ وضع لبنان المتردّي وتوفير عروض ذات رواتب متدنّية الأجر للّبنانيين، الذين يودّون العمل لديها.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار