الصامت الأكبر... لا ينبغي الاستغراب حين تصدر قيادة الجيش مواقف تتعلق بمستحقاتها | أخبار اليوم

الصامت الأكبر... لا ينبغي الاستغراب حين تصدر قيادة الجيش مواقف تتعلق بمستحقاتها

| الأربعاء 21 أبريل 2021

العميد علي قانصو- مجلة الجيش

ما معنى أنّ الجيش هو الصامت الأكبر؟ سؤال ينبغي أن يتمعّن فيه أولئك الذين يرون في تجرُّدِ المؤسسة العسكرية وتعاليها عن الانقسامات والتجاذبات، دليلَ ضعفٍ أو فرصةً لقضم قسم إضافي مِن حقوق عناصرها، بعدما أفنوا أجسادهم وأعمارهم في خدمة الوطن وأمنه، ولم يبخلوا في تقديم أرواحهم ذودًا عن أهلهم في مختلف أنحاء لبنان.

إنّه صمت الكِبْر والصبر وعزّة النفس، المرتكز على عقيدةٍ وطنيّة ترسّخت عبر السنوات وباتت جزءًا لا يتجزّأ من الشخصية العسكرية، إذ يتلقى العناصر ذلك المبدأ تمامًا كما يتلقّون تدريبهم النظري والعمليّ، فيغدو الابتعاد عن الجدل السياسي والإعراض عن الخلافات الداخلية بين الأفرقاء نهجًا ثابتًا يتبعونه في حياتهم ضمن أوقات الخدمة أو خارجها على حد سواء. ذلك لأنّ دورها الضامن للأمن والحامي للسيادة والسلم الأهلي والحاضن للشعب بجميع أطيافه، لا يستقيم مع الانحياز إلى هذا الفريق أو ذاك، ويتطلب التزام المصلحة الوطنية العليا في إطار الأنظمة والقوانين النافذة.

غير أنّ هذا لا يسوّغ تحويل حقوق الجيش إلى منّة يجري التطرق إليها كلّما طرأت أزمة اقتصادية، بحيث يحلو للبعض وصف الحياة العسكرية بأنّها ترفٌ ورفاهية؛ فلْيسأل هؤلاء أنفسهم: هل من المنطقي أنّ مَنْ يطمعُ في رَغَدِ العيش يتطوّعُ في صفوف الجيش ويتحمّل مشقة التنقل والبُعد عن الأهل والإرهاق الناجم عن المهمات المتواصلة ليل نهار، إضافة إلى الأخطار الداهمة التي تُرافقها؟ ولْيحدّد أصحاب تلك المقاربات، بدايةً، سعرًا مقابل حياة الإنسان وراحته وصحّته وطمأنينته، والوقت الذي يمضيه مع أولاده وذويه؛ فهل يُقاس كل ذلك العطاء، الذي يبذله العسكريون يوميًّا عن قناعة، بالمال والتقديمات التي يحصلون عليها؟ علمًا أنّ تعويض نهاية الخدمة الذي يتقاضاه العسكريون إنما هو تراكُمُ مبالغ شهرية حُسِمت من رواتبهم خلال سنوات خدمتهم.

لكل ما سبق، لا ينبغي الاستغراب حين تُصدِر قيادة الجيش مواقف تتعلق بمستحقاتها، بل يُفترض اعتبارها مؤشرًا يضع المعنيين أمام مسؤولياتهم بعدما وصلت الأمور إلى حدّ لا يُطاق، وبَلَغَ الجيش كمؤسّسة، كما عسكريّوه كأشخاص، أقصى حدود التحمُّل. فالمطلوب إعادة النظر بكلّ قرار يمسّ قدرة مؤسستنا على أداء مهمّاتها المتنوعة على الحدود وفي الداخل. وإذا كان عنوان مسيرتنا التضحية من دون مقابل، فإنّ ذلك لا يلغي الجانب الإنساني المتمثّل بصحّة العسكري وأفراد عائلته، وتأمين أدنى مقومات الحياة الكريمة لهم، لأنّ كرامة الوطن من كرامة جيشه وهذا ما لا يختلف عليه اثنان. تلك هي الأسباب وراء صرخة المؤسسة العسكرية وتخلّيها عن صمتها، وكلّنا أمل في أن تحمل الأيام المقبلة بداية الحلول الجذرية للأزمة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار