في هذه الفترة الاسماك تكون ضعيفة جداً وعرضة الى إصابة بأي بكتيريا أو فيروس في الماء
"النهار"
ساهمت أزمة نهر الليطاني وبحيرة القرعون وما رافقها من "تجارة" بالأسماك النافقة، بتعرية ارتفاع منسوب الفساد عند الطبقة الحاكمة وأزلامها ولاسيما في سوء إدارتهم لهذا الملف.
يظهر واضحاً كعين الشمس غياب حس المسؤولية عند المواطن من ناحية مساهمته المباشرة في تحويل هذه البحيرة الى مكب للصرف الصحي ورمي ملوثات المصانع الصناعية والأسمدة الكيميائية وما شابه.
تقف العقلية الميليشاوية المتحجرة في وجه تنفيذ حلول إنقاذية ممكنة قبل فوات الأوان، ومنها على سبيل المثال لا الحصر تركيب محطات تكرير في كل مؤسسة ومعمل في محيط القرعون ونهر الليطاني تضمن من خلالها وصول المياه النظيفة الى كل منها، وصولاً الى تحفيز المواطن على أهمية المحافظة على هذه الثروة البيئية قبل فوات الأوان.
يبدو أن المدير العام لمصلحة الليطاني الدكتور سامي علوية، كمن يصرخ في البرية وحيداً، فالمسؤولون ينامون على أمجادهم الوهمية المترسخة في ضمائرهم الميتة.
واقع القرعون
ما هو واقع بحرية القرعون؟ لنبدأ من الآخر: إذا لم تتم معالجة نسب ال#تلوث العالية والخطيرة في نهر الليطاني، فبحيرة القرعون ستبقى كما هي عليه اليوم. أما السبب فيعود الى تدفق الملوثات الكثيفة على اختلافها، التي تسمم النهر، لتصب في البحيرة.
هكذا بدأ الباحث في البيئة المائية الدكتور كمال سليم حديثه لموقع " النهار".
بكلمتين: "وضع البحيرة مأساوي"، شارحاً الآتي: "انتشرت بكثافة #طحالب تعرف علمياً بـالسيانو#بكتيريا، في بحيرة "القرعون"، ما قضى على الحياة المائية والتنوع البيولوجي ومنهاأدى الى نفوق السمك والطحالب والحيوانات المجهرية، وذلك بسبب إمتداد هذه الطحالب المفرزة لل#سموم، التي ترافقت مع الإرتفاع المستطرد للحرارة".
مجزرة بيئية في بحيرة القرعون
قبل عرضه لشرح علمي تفصيلي لتلوث البحيرة، لفت سليم الى أن "مستوى منسوب المياه المجمعة فيها لم يتعد هذه السنة الـ150 مليون متر مربع من أصل 220 مليون متر مكعب، وهي السعة الأساسية للبحيرة المسجلة العام الماضي"، مشيراً الى أن "قلة هطول الأمطار والثلوج في منطقة البقاع هذه السنة أدت الى شح المياه وإنخفاض مستوى المنسوب نحو 50 مليون متر مربع عما كان عليه في العام الماضي".
تلوث خطير في البحيرة
وأكد أن هذا "الانخفاض في منسوب مياه القرعون تزامن مع انتشار كثيف لـ“السيانوبكتيريا"، ما أدى الى تفاقم نسبة التلوث بمعدل مقلق في البحيرة، ونتج عنه تحوّل لون سطح البحيرة من أزرق الى أخضر".
وقال: "تتكاثر هذه الطحالب بدءاً من فصل الربيع، ويؤثر ارتفاع الحرارة في زيادة عددها ولاسيما في فصليّ الصيف والخريف. ويتفاقم التلوث في البحيرة عندما تمتزج هذه الطحالب مع المياه الآثنة المتدفقة والملوثات الصناعية والأسمدة الكيمائية في نهر الليطاني".
وشدّد على حقيقة ملموسة مفادها أن نهر الليطاني أصبح وبشكل سريع مجروراً "مشبعاً بالمواد العضوية والمعدنية، التي هي مصدر غذاء لـ"السيانوبكتيريا".
انتقل في تحليله الى أسباب عدة لنفوق السمك ومنها انخفاض مستوى منسوب المياه في البحيرة هذه السنة، إضافة الى تفاقم التلوث في البحيرة، ما ينذر بسيناريوهات سلبية ممكنة قد تتسبب بتسمم المحيط المائي مع مرور الوقت، ولاسيما خلال هذا الصيف".
وتوقف عند أهمية شهر نيسان، وهو موسم تزاوج الأسماك ووضعها البيض بإنتظار ولادة صغارها في هذه الفترة، "ما يجعلها ضعيفة جداً وقابلة بسهولة أكثر من أي وقت عرضة الى إصابة بأي بكتيريا أو فيروس في الماء".
نفوق الأسماك
تراكم السموم.
وعرض سليم لأسباب عدة لنفوق السمك في البحيرة، مستعيداً نتائج دراسة من المجلس الوطني للبحوث العلمية في العام 2016، ولاسيما حادثة نفوق أطنان من الأسماك في 16 تموز 2016 على شط القرعون، وخاصة من ناحية إلقاء الضوء على النواحي الكيمائية والاشعاعية والبيولوجية لتحديد أسباب هذا النفوق.
وتبين، وفقاً لسليم، "عدم وجود أي إشعاعات مسببة لهذا النفوق"، لكنه لفت الى أن "الدراسة رصدت من الناحية البيولوجية وجود البلوم والبكتيريا “السيانوبكتيريا" بشكل كثيف، وهو سبب من أسباب نفوق الأسماك".
برأي سليم أن السبب الثاني كيمائي ويعود "عضوياً" الى ارتفاع درجة الحرارة في البحيرة.
كيف يمكن تفكيك هذه الطحالب؟ يجيب: "يتطلب تفكيك مجموعات الطحالب المترسخة في القعر نسبة عالية من #الأوكسجين الزائد في الماء، الذي سيكون على حساب الحيوانات المائية الأخرى التي تختفي تباعاً بسبب عملية تفكك هذه المواد العضوية المتراكمة".
رداً على سؤال عن نتائج نقص الأوكسجين في الماء، قال: "إن نقص الأوكسجين في المياه وتلوثها ب#غازات مختلفة يؤديان الى تكاثر كميات غازات سامة ومنها كبريت الأيدروجين، وميتان والأمونيا، التي تعتبر الأكثر سمية للأسماك".
وتحدث عن واقع هذه الكارثة، التي دفعت وزارة الزراعة الى إصدار قرار بمنع إصطياد الأسماك، مشيراً الى "ضرورة التزام 300 معمل وبشكل مستدام اعتماد محطات خاصة لتكرير المياه الصناعية في نطاق كل معمل وعدم رميها في مجر النهر".