الورقة الأخيرة بعد زيارة لودريان: التشدد عبر نشر "اللائحة" | أخبار اليوم

الورقة الأخيرة بعد زيارة لودريان: التشدد عبر نشر "اللائحة"

| الثلاثاء 11 مايو 2021

فرنسا ما زالت تقف الى جانب الشعب اللبناني وهي مجندة لدعمه

" النهار"- سمير تويني

تحولت الازمة في لبنان بالنسبة الى عدد من الدول الغربية من سياسية واقتصادية ومالية الى ازمة انسانية، فلبنان يمر بأيام خطيرة تهدده بالانهيار التام، وهي أيام أصعب من الفترة ما بين 1975 و1990 حيث شهد حرب الآخرين على ارضه. الخطر اليوم ليس من الرصاص او القذائف او القنابل او الخطف على الهوية او الاغتيال او الاقتتال الداخلي، بل من تفاقم الفقر الذي يعاني منه نحو نصف سكان لبنان.

في ظل هذا الواقع المرير، زار وزير الخارجية الفرنسي جان - ايف لودريان بيروت مجددا ليقول لشعب لبنان: "ان فرنسا ما زالت تقف الى جانبه وهي مجندة لدعمه". لقد قامت باريس بواجبها تجاه اللبنانيين فقدمت لهم المساعدات من اجل اعادة الاعمار والمحافظة على التراث، ودعمت القطاع الطبي والصحي والمدارس والثقافة، كما دعا الرئيس ايمانويل ماكرون الى مؤتمرين دوليين فيما كان العالم وما زال يعاني من جائحة كورونا لتقديم مساعدات دولية اولية.
غير ان باريس التي عرضت مبادرة سياسية وافق عليها جميع الاطراف لا يمكنها بعد تأزم دام اكثر من 8 اشهر فرض حكومة على الطبقة السياسية. فهذا الفشل ليس طبيعيا وهو نتيجة نظام سياسي طائفي تحوّل الى "نظام لتقاسم المغانم"، فتعطلت السياسة ولم تتمكن الطبقة السياسية الحاكمة من تأليف حكومة مهمتها النهوض بلبنان والقيام بالاصلاحات الضرورية. هذه المنظومة ترفض التخلي عن مصالحها، ودخلت في صراع المحاور،فهي تبدّي مصالح قوى اقليمية على مصلحة لبنان. كما ان بعض السياسيين يراهنون ليس على البناء والاصلاح ومحاربة الفساد، بل على الانهيار التام.

هذا الوضع افقد حتى فرنسا اي امل في التغيير مادامت هذه الطبقة السياسية تتحكم بالبلد. جاء لودريان ليقول للشعب اللبناني "ان لبنان بحاجة الى تجديد ممارساته السياسية والدستورية، وانه ما زال يؤمن بالتعددية الديموقراطية التي تشكل قوة لبنان". لذلك قال: "اتطلع الى المستقبل لمواجهة التعطيل الذي تمارسه الطبقة السياسية، وقد شعرت بحيوية المجتمع المدني اللبناني، وزيارتي اليوم للذين يحشدون طاقاتهم للمحافظة على مستقبل لبنان وعلى نموذج مجتمعه ووحدته وتعدديته والعيش السلمي لطوائفه ولثقافته".

واعتبر لودريان ان "تحضير المستقبل يتطلب المراهنة على تعبئة جميع المواطنين، وبخاصة الشباب، لاعادة تأكيد دور الدولة التي تستجيب للمطالب وللطموحات الشرعية للشعب". وأكد ان "الانتخابات المقبلة ستكون حاسمة، ويعود الى اللبنانيين وحدهم بكل استقلالية وسيادة اختيار ماذا يطمحون لبلدهم"، على ان تشكل الانتخابات "فرصة لنقاش ديموقراطي حول مستقبل لبنان".

ولكن هل يمكن البلد الرهان على جمعيات واحزاب منضوية في الحراك المدني الذي لم ينظم صفوفه حتى الآن لانتاج سلطة سياسية جديدة؟

إن اصطدام المبادرة الفرنسية بطبقة سياسية فاسدة جعل باريس تعلن امام هذا التعطيل والجمود عن اجراءات ادارية تمنع دخول المعطلين والفاسدين الى فرنسا. وهذا القرار يحتاج الى مزيد من الوضوح، فهو لم يحدد آلية ومن هم المعطلون والفاسدون وفقا للنظرة الفرنسية مما حد من قوة هذا القرار. وعلى رغم اعلان لودريان ان باريس ستواجه التعطيل والفساد باجراءات فرنسية وضغوط يمكن ان يطبقها الاتحاد الاوروبي الذي يتشاور حول آلية عقوبات لفرض قيود على شخصيات، فان عدم توافق الاوروبيين حتى الان ترك الباب مفتوحا امام عدم تطبيق اية عقوبات على اطراف لبنانية.

فاذا ارادت باريس فعلا تعديل موقفها وابداء مزيد من الفعالية والصرامة، فان الزيارة التي قام بها لودريان الى لبنان الاسبوع الماضي لم تعزز المبادرة الفرنسية، بل يمكن القول انها قضت عليها. فالوزير الفرنسي لم ينعش المبادرة حتى انه رفض الخوض جديا في مسألة اعاقة #تشكيل الحكومة التي تشكل الباب الى الاصلاح.

ولم يعد امام فرنسا للاعراب عن امتعاضها من الطبقة السياسية سوى نشر هذه اللائحة والسير بعقوبات اشد من الاجراءات الادارية على الطبقة السياسية اللبنانية التي لم تستجب للنصائح الفرنسية، والتي لم تعد تبالي بماذا تقترح باريس لحل الازمة المستعصية لكونها ما زالت تعطل تشكيل الحكومة.

وامام هذا التعطيل قد يعود الى المجتمع الدولي مجتمِعاً، ان كانت لديه نية جدية بخلاص هذا البلد ومساعدة الشعب، فرض حكومة بصلاحيات واسعة للقيام بالاجراءات والاصلاحات الضرورية قبل ان يتعرض البلد لهزات امنية قد تقضي نهائيا على الدولة اللبنانية.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة