اللبنانيون غارقون بالعسل فيما تتساقط الثّلوج باكية في أعلى أعالي جبالنا! | أخبار اليوم

اللبنانيون غارقون بالعسل فيما تتساقط الثّلوج باكية في أعلى أعالي جبالنا!

انطون الفتى | الخميس 02 فبراير 2023

لبنان "ما بيزبط" حتى ولو تغيّر مسار حركة الكواكب والمجرّات وتحوّل زُحَل الى المشتري

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

شعوب تنتظر تساقُط الثّلوج بفارغ الصّبر لتتزلّج وتمارس الرياضة، وشعوب تنتظرها، وتقلق من عدم أو من تأخُّر تساقطها، لأسباب أخرى.

صحيح أن الرياضة مسألة حيوية وشديدة الأهميّة في حياة أي إنسان. وصحيح أنه يحقّ لكل فرد بأن يتزلّج، وبأن يمارس الهوايات التي يحبّها. ولكن ذلك لا يمنعنا من رؤية الفارق الكبير في مستويات الشعوب.

 

"فرح"

فمعظم اللبنانيين فرحوا بالعاصفة "فرح"، وهلّلوا لها، استناداً الى ما ستدرّه من مردود على موسم التزلّج، وعلى صعيد السياحة الشتوية التي تأخّرت نوعاً ما هذا العام، بسبب تأخُّر بَدْء موسم المنخفضات الجويّة عالية الفاعلية.

ومعظم اللبنانيّين فرحوا بـ "فرح"، رغم علمهم بأنها تشكّل متنفّساً ومردوداً ربحياً لا بأس به لفئة معيّنة ممّن لا بدّ من مراقبة وتفحُّص ما يجنونه سنوياً خلال هذا الموسم، وذلك منذ ما قبل الأزمة المالية والاقتصادية.

 

اليابانيّون

هذا بالنّسبة الى معظم اللبنانيين الذين هلّلوا للثّلوج، بحثاً عن "طقّ الحَنْك" الذي يبقى حقّاً مشروعاً، وخياراً شخصياً لكلّ من هو قادر على تحمُّل تكاليفه.

ولكن بنظرة بسيطة الى شعوب أخرى، نجد أن اليابانيّين مثلاً يقلقون لتأخُّر موسم الثّلوج (إذا تأخّر)، ويهلّلون له، وينتظرونه لأنه يسمح لهم بمزيد من التطوّر التقني، والتقدّم العلمي، وباستثمار واختبار ما يتوصّلون إليه من اكتشافات، أو استنتاجات...

فاليابانيون انتظروا الثّلوج هذا العام، ليختبروا ما يسرّعون العمل على تطويره من تقنيات لتوليد الطاقة، بالاعتماد على الثّلج، لا سيّما بعد أزمة الطاقة التي تسبّبت بها الحرب الروسيّة على أوكرانيا.

 

الطاقة

فالى جانب الإسراع بالمضيّ قُدُماً في كل ما يتعلّق بالتحوُّل "الطاقوي" العالمي، تسخّر دولة مثل اليابان طاقاتها البشرية في الآونة الأخيرة لدعم مساعي تطوير تقنيات توليد الكهرباء من الثّلوج، بكفاءة مماثلة لتلك التي تعود الى توليد الطاقة من الألواح الشمسيّة.

وإذا نجحت التجارب، سيصل الأمر الى حدّ جَمْع الثّلوج حتى من الشوارع مستقبلاً، لاستعمالها في مجال الطاقة، وذلك بدلاً من تركها تذوب أو تذهب هدراً في كل ما يمكنه أن يمنع الاستفادة منها في الوقت المناسب.

 

الكَيْف

شعوب تنتظر تساقط الثّلوج لتتزلّج وتمارس الرياضة، كالشّعب اللبناني، رغم غرق لبنان بأسوأ أزمة مالية واقتصادية تنعكس على كل القطاعات فيه، ومن بينها قطاع المحروقات، وحيث الصّراخ متعدّد الأسباب والأوجُه. فيما شعوب أخرى تنتظرها لتحتسب كميّاتها، وما يمكنها أن تحتفظ به منها لأطول وقت ممكن، ولدراسة الأساليب المُمكِنَة لذلك، وللقيام باختبارات وتجارب في شأنها، بهدف الاستفادة منها في استخدامات حيوية.

هذا فارق واضح وكبير بين الشّعوب، وفي مستويات الشعوب، بين تلك التي تبحث عن "الكَيْف" ولو من حشيشة الكَيْف، وتلك التي تبحث عن الكَيْف بعد جهد، وكدّ، وتعب.

 

"ما بيزبط"

شعوب لا تفهم من الثّلج سوى اللّعب، والرياضة، والتزلّج... وأخرى تنظر الى الثّلوج كمادّة للبحث الجامعي والتكنولوجي، وللتطوير، والاختبار، والتخزين... وكعنصر من العناصر التي تسمح بالتطوّر، وتحسين سُبُل العيش بشكل مُستدام.

وحتى لا نحصر المقارنة مع اليابانيّين، نشير الى أن الأميركيّين، ورغم العواصف الثلجيّة المدمّرة التي تضرب ولاياتهم في بعض السنوات، إلا أنهم يحوّلون تلك العواصف الى فرصة أيضاً، سواء لتوليد الكهرباء، أو لإجراء اختبارات حول بعض الأبحاث التي تتعلّق بالسُّبُل المُمكِنَة لدمج تقنيات عدّة، تسمح بزيادة إنتاج الطاقة في فترات العواصف، وفي الأيام التي تكون فيها الغيوم كثيفة في الجوّ، خلال السنة.

صحيح أن آثار التغيُّر المناخي تنعكس على تأخير زمن المنخفضات "الكانونيّة" في لبنان، وتجعلها "شباطيّة" و"آذاريّة" أكثر من الماضي. ولكن حتى ولو تغيّر المناخ على وجه الأرض كلّها، وتغيّر مسار حركة الكواكب والمجرّات... ولو تحوّل زُحَل الى المشتري والعكس، أو لا، فالأمر الثّابت الوحيد هو أن لبنان "ما بيزبط"، وشعبه "ما بيزبط" أيضاً.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار