هل بقي لبنان مرتكزاً لإعادة إعمار سوريا؟ | أخبار اليوم

هل بقي لبنان مرتكزاً لإعادة إعمار سوريا؟

| الخميس 02 ديسمبر 2021

القبول بالاسد براعيين مسيطرين في سوريا هما روسيا وايران يرفع الامال لحلفائه في بيروت


"النهار"- روزانا بومنصف
لا يزال لبنان متأخرا بحوالي 6 نقاط فقط لكي يلتحق بسوريا من حيث نسبة الفقر التي اصابت اللبنانيين. فوفقًا لبرنامج الغذاء العالمي، يعيش 90 بالمائة من السوريين تحت خط الفقر، وحوالي 12.4 مليون شخص - ما يقرب من 60 بالمائة من سكان سوريا - يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 57 بالمائة منذ العام 2019. والتقويم الاخير لمنظمة الاسكوا خلص إلى ان معدل الفقر في لبنان تضاعف من 42 في المئة في العام 2019 إلى 82 في المئة في 2021 اي ما يقرب من وجود 4 ملايين شخص يعيشون في فقر متعدد الابعاد. بات معدل الفقر في لبنان يقترب من معدل الفقر في سوريا إذا كان هذا في الواقع طموح اهل السلطة او من يتحكم بالوضع اللبناني وعدم الرغبة في القيام باي خطوة تمنع هذا الانزلاق المريع إلى هذه الحال الكارثية.

لا تزال دول اعضاء في مجلس الامن تعرب عن مخاوفها من ان اعادة التطبيع مع نظام بشار الاسد من شأنها ان تلغي الضغوط عليه من اجل اجراء تعديلات دستورية وفقا للقرار ٢٢٥٤. اذ لم تحقق قلقها من واقع الانفتاح الاردني والاماراتي باعتبارهما من المؤشرات التي تسمح للنظام السوري بالرهان على انه يستطيع التعويل على المزيد من الوقت ايا كان الواقع التي باتت عليه سوريا والاثمان التي دفعتها. اذ تفقد الدول الغربية التي لا تستطيع بسهولة التراجع عن الاتهامات بالاجرام التي وصفت بها اعمال الرئيس السوري خلال الاعوام العشرة الماضية من الحرب الاهلية السورية وهي تفقد بالانفتاح العربي بعض اوراق الضغط التي تملكها.

فالقبول بالاسد براعيين مسيطرين في سوريا هما روسيا وايران يرفع الامال لحلفائه في لبنان ان ما يمر به لبنان حاليا ليس اصعب مما مرت به سوريا وهناك راع مسيطر واحد في لبنان هو ايران بحيث ان الاقرار بالنظام واعادة احتضانه لن يلبث ان ينعكس او ينسحب على لبنان بالمعايير نفسها. فورقة الضغط الدولية بحيث تشمل العرب كذلك تقوم على ضرورة اجراء الاصلاحات واعادة التوازن إلى الواقع السياسي من اجل مساعدة لبنان واعادة احتضانه. كانت ثمة شروط مماثلة على الاسد لا تزال الدول الغربية متمسكة بها من حيث المبدأ فيما ان تهاون بعض الدول العربية وفقا لهذه المصادر لن يلبث ان يترجم ايضا تهاونا في لبنان ازاء الشروط المطلوبة لا سيما إذا حصلت توافقات او تفاهمات اقليمية ودولية ذللت الكثير من العقبات السياسية.

الامور ليست بهذه البساطة بحيث يمكن التسليم بان سوريا ما قبل ٢٠١١ ستعود هي نفسها حتى لو بقي الاسد في موقعه بحماية ايرانية روسية مباشرة وحتى اسرائيلية وعدم ممانعة عربية او حتى اميركية. وهناك مساومات كثيرة واثمان كبيرة جدا سيتعين عليه ان يدفعها فيما ان احدا لا يتوهم بابتعاده عن ايران او اخراج ايران من سوريا او كذلك روسيا. ما يدفع اليه لبنان من تغيير تدريجي انما متسارع لصيغته وتوازناته يجري ايضا على خلفية التوقعات لمآل الواقع السوري لا سيما ان مجموعة متعددة من اللاعبين يتفاعلون بين سوريا ولبنان وفي مقدمهم ايران. سجل لبنان بداية الانهيار فيه حين هدأت فصول الحرب العسكرية في سوريا فيما كان انتصارا مهما ان لا يمتد الحريق السوري إلى لبنان خلال الاعوام التي اشتعلت فيها الحرب وكاد يدفع النظام ثمنها لولا ايران ومعها " حزب الله " ثم روسيا التي انقذته وانقذت منقذيه كذلك.

الحريق السوري عاد فانتقل إلى لبنان في مظاهر الانهيار الاقتصادي والمالي من دون نفي وجود عوامل لبنانية مؤثرة. وحين تطالب بعض الدول راهنا لبنان بالاصلاحات او بفصل الوضع الاقتصادي عن الوضع السياسي فهي تصطدم بإعادتها إلى الواقع الميداني لجهة الربط بين ما يعانيه لبنان وازمات المنطقة اكانت اشعال ايران للساحات العربية خدمة لنفوذها او ربطا ايضا بتوظيف لبنان خدمة للنظام السوري وداعميه كذلك.

حصل ذلك بقوة لدى طرح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تصوره للحل الداخلي بعد انفجار المرفأ في بيروت والذي اضطر إلى تعديله والقبول باي حكومة كانت التي تألفت اخيرا من اجل ان تعود العوامل السياسية مؤثرة ومانعة للنهوض الاقتصادي تحت شعارات او عناوين مفتعلة على غرار التحقيق العدلي في انفجار المرفأ و" استنسابيته “. اذ يسأل البعض لماذا يخاف " حزب الله " من قرار ظني قد يطاوله ربما في موضوع تخزين نيترات الامونيوم في مرفأ بيروت وقد يكون ساهم في نقله إلى الاسد فيما ان لا سبب اخر يدعوه إلى تعطيل البلد ودفع الناس إلى الفقر والجوع في تعطيله الحكومة ومسار التفاوض مع صندوق النقد علما انه لم يأبه لقرار المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري الذي حمله ضمنا مسؤولية الاغتيال ودان أحد قيادييه.

فكل هذه المعركة السياسية التي يخوضها وصولا إلى تهديده الاستقرار والذهاب إلى حرب اهلية باتت في حد ذاتها تدينه ولو من دون اثبات قضائي بمسؤولية له على هذا الصعيد بحيث لم يجرؤ على مقاربتها اعلى المسؤولين في الدولة. واذا كان رئيس الجمهورية داعما للتحقيق العدلي ورافضا او عاجزا عن انهاء عمل المحقق المولج به لاسباب مسيحية او شعبية او حتى دولية رفضا من الخارج الانصياع للحزب وانهاء القضاء، فان منطق عون المتخوف من حصار الحزب من الخارج وتوسع تصنيفه ارهابيا ككل ما قد يؤدي إلى حرب اهلية كما قال، لا يستوي او يوازن الانتصارات المرتقبة او المنظورة على خط النظام السوري او ايران بل بالعكس.

هل يتذكر احد استعدادات لبنان في الاعوام الماضية لكي يكون مرتكزا لاعادة اعمار سوريا بعد انتهاء الحرب فيها؟ طار ذلك وطار لبنان ايضا.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار