اختراق تلجمه شروط تتخطّى قدرات لبنان | أخبار اليوم

اختراق تلجمه شروط تتخطّى قدرات لبنان

| الإثنين 06 ديسمبر 2021

يسقط أي إصلاح مرجوّ أمام تسويات وصفقات تحمي المصالح وتؤمنها بين الافرقاء الحاكمين

 "النهار"- روزانا بومنصف

بالنسبة إلى من قرأ بانتباه شديد ما ورد في البيان الفرنسي السعودي المشترك على أثر المحادثات التي أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، لم يرفع آماله كثيراً لا بنتيجة الاتصال الهاتفي الذي شارك فيه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي معهما، ولا بإنهاء القطيعة الديبلوماسية والاقتصادية مع لبنان. فالاتصال الهاتفي يعطي ميقاتي زخماً ولا سيّما في مواجهة الشكوك الكبيرة في وضعه حتى من الطائفة السنّية، والبعض يقول إزاء الرئيس سعد الحريري، كما أن إنهاء القطيعة على أثر استقالة الوزير جورج قرداحي نقض الانطباعات والآراء بأنها لن تحدث اختراقاً، لكنها فعلت وكان اختراقاً مهماً. لا تستهين مصادر ديبلوماسية بالعقود التي أجراها ماكرون في المملكة السعودية كما في الإمارات العربية قبل خمسة أشهر من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، ولكنها لا تستهين أيضاً بحصر ماكرون زيارته للمملكة بلقاء ولي العهد محمد بن سلمان ومن دون لقاء العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، في خطوة لافتة ولا سيما في ظلّ مقاطعة غربية وأميركية كذلك لولي العهد على خلفية قضيّة الصحافي جمال خاشقجي.
لبنان كان على طاولة المقايضة حتى لو بين دول صديقة، وهو ورقة من جملة الاوراق التي بُحثت، فنجح ماكرون في إعادة تأمين انخراط سعودي في لبنان ولو محدوداً، أو بالاحرى مشروطاً، بعدما فشلت في ذلك الولايات المتحدة. ولكن ما ورد في البيان المشترك لجهة "ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بإجراء إصلاحات شاملة، لا سيما الالتزام باتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان، وأن تشمل الإصلاحات قطاعات المالية والطاقة ومكافحة الفساد ومراقبة الحدود"، بالاضافة إلى "ضرورة حصر السلاح بمؤسّسات الدولة الشرعية، وألا يكون لبنان منطلقاً لأيّ أعمال إرهابية تزعزع أمن المنطقة واستقرارها، ومصدراً لتجارة المخدّرات"، يجعل من الصعب الرهان على إعادة انخراط سعودي كما يأمل اللبنانيون، بحيث تعود العلاقات إلى سابق عهدها بين البلدين.

البيان المشترك شدّد أيضاً على أهمّية تعزيز دور الجيش اللبناني في الحفاظ على أمن لبنان واستقراره". واتفق الجانبان الفرنسي والسعودي على استمرار التشاور بين البلدين في جميع تلك القضايا، كما اتفقا على إنشاء آلية سعودية - فرنسية للمساعدة "الإنسانية" في إطار يكفل الشفافية التامة، وعزمهما على إيجاد الآليات المناسبة بالتعاون مع الدول الصديقة والحليفة للتخفيف من معاناة الشعب اللبناني، كما أكّدا "أهمّية الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن والقرارات الدولية ذات الصلة".
إنها خريطة طريق تتجاوز بكثير قدرات لبنان في أحواله العالية أو الطبيعية، فما بالك في حاله الراهنة من انعدام التوازن السياسي والخلل الهائل فيه، فيما الرئيس الفرنسي لم ينجح حتى في الضغط من أجل تأليف حكومة كما حدّدها في قصر الصنوبر على أثر اجتماعه مع القيادات اللبنانية على اثر انفجار مرفأ بيروت في ٤ آب ٢٠٢٠ ونجح الأفرقاء اللبنانيون ‒ ولا سيّما أولئك الذين في السلطة ‒ في التحايل ودفع البلد إلى مزيد من الانهيار.

يتطلع اللبنانيون الراغبون في عدم ترك الدول الخليجية وفي مقدّمها المملكة السعودية لبنان إلى مصيره وبالأحرى إلى نفوذ المحور الإيراني، أن تتخطى المملكة سياسة الحرد كما قارب ماكرون الموضوع لدى ولي العهد السعودي. فسياسة الحرد مؤذية لهذه الدول وللدول العربية بمقدار أذيتها للبنان، علماً بأنه لو كانت الدولة قائمة في لبنان وتستطيع أن تتجاوب مع ما ورد في البيان المشترك لما كان لبنان على طاولة المفاوضات ورقة بين #فرنسا والمملكة السعودية وسائر الدول الخليجية.

ويُخشى أن التحدي الابرز الذي سيفشل روحية البيان الفرنسي السعودي المشترك في الساعات المقبلة، هو احتمال إبرام اتفاق بين رئيس الجمهورية وتيّاره مع رئيس مجلس النوّاب أو بالاحرى الثنائي الشيعي، على تطيير التحقيق العدلي في انفجار المرفأ الذي يقوده القاضي طارق البيطار في مقابل الطعن في قانون الانتخاب أمام المجلس الدستوري والاتفاق على تطيير انتخابات المغتربين. فبالإضافة إلى عامل استباق القرار الذي يمكن أن يتخذه المجلس الدستوري وتجاوزه، سيكون ملحّاً معرفة الإصلاح الذي يدفع به الخارج حين يسقط أي إصلاح مرجوّ أمام تسويات وصفقات تحمي المصالح وتؤمنها بين الافرقاء الحاكمين.

سيتعيّن على الرئيس ميقاتي الذي تعهّد بالإصلاح والتزامه في الاتصال الهاتفي مع ماكرون وبن سلمان تقديم إجابات عن ذلك باعتبار أنه حصل على امتياز أن يكون الطرف الثالث في الاتصال الهاتفي، فيما الرئيس ميشال عون الذي استُهدف بالبيان المشترك الذي شدّد على التزام اتفاق الطائف باعتبار أنه هو من عمل ويعمل على نسفه، قد لا يشعر بنفسه معنيّاً، ولا كذلك الثنائي الشيعي الباحث عن مخرج لتعطيله مجلس الوزراء ومسؤوليته في دفع البلد إلى المزيد من الانهيار.

يخشى الديبلوماسيون المعنيون أن يأخذ أهل السلطة من الاتفاق الفرنسي السعودي إعادة إحياء العلاقات والتخفيف من الضغط على لبنان كما أخذوا سابقاً من المبادرة الفرنسية إعادة تعويم أفرقاء السلطة الذين كان قد نبذهم الشعب ويطالب برحيلهم. هناك مصالح هؤلاء الافرقاء الذين يستقتلون على تأمين استمراريتهم وبقائهم ليس إلّا وتعزيز مواقعهم إذا أمكن، ولا سيما على أبواب انتخابات نيابية ستحدّد إلى حدّ كبير معالم المرحلة المقبلة بحيث تستبعد التطبيع مع الحكم الحالي وفق ما تفترض الأمور، فيما أخذت المملكة السعودية ما تريد من خلال فرض استقالة قرداحي وبذل لبنان جهداً جهيداً من أجل إعادة العلاقات ولو بحدّها الأدنى إلى جانب ما ورد من مواءمة فرنسية مع المواقف السعودية من الاستقرار الإقليمي أي ما يتعلق بإيران.

وقدّمت السعودية هديّة لماكرون لم يخصّص الاميركيون وقتاً كافياً للبنان أو لدى السعودية من أجل قطف ثمارها.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار