الدينامية الإقليمية تظلّل الاختراق للبنان | أخبار اليوم

الدينامية الإقليمية تظلّل الاختراق للبنان

| الثلاثاء 07 ديسمبر 2021

جملة شروط لإعادة العلاقات مع لبنان الى طبيعتها

"النهار" - روزانا بومنصف

سرقت مجموعة من التطوّرات الإقليمية المهمّة الاهتمام بسرعة في الساعات الأخيرة من النتائج التي حصدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في كلّ من قطر والإمارات العربية والمملكة السعودية، في حركة دينامية لافتة موزعة على محاور متعدّدة.

وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان بدأ من مسقط جولة خليجية تقوده الى دول مجلس التعاون الخليجي، ويقوم مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد بزيارة لافتة لإيران هي الاولى لمسؤول إماراتي رفيع لطهران منذ ٢٠١٦، وتصادف زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إيران أيضاً، فيما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في زيارة لقطر تزامن توقيتها ووصول وليّ العهد السعودي إلى عُمان، ومعلناً أنّ بلاده مستعدّة للقيام بكلّ ما يلزم لتوطيد العلاقات مع دول الخليج العربي، بعدما كان طحنون بن زايد قد زار تركيا أخيراً معلناً عن استثمارات محتملة بعشرة مليارات دولار في اقتصاد تركي منهك.

الأهمّية التي حظي بها البيان السعودي الفرنسي الذي حدّد جملة شروط لإعادة العلاقات مع لبنان الى طبيعتها، لا يراها ديبلوماسيون بعيدة من الدينامية الإقليمية الحاصلة. بعض البنود التي تتحدّث عن التزام اتّفاق الطائف والتزام القرارات الدولية وتنفيذها تبدو أقرب الى بيانات مجلس الأمن التي تكرّر هذه البنود ولكنّها تدرك أنها لن تُنفّذ، ولكن الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، الذين ساهموا مساهمة فاعلة في صدور هذه القرارات، لا يعملون على تنفيذها وهي تتكرّر في كلّ البيانات الصادرة عن مجلس الأمن، فيما أسقطتها الدول من اعتباراتها في التركيز على الإنقاذ الاقتصادي للبنان وإنقاذ شعبه قبل إعادة مطالبته بتنفيذ شروط ينبغي أن تسهم بها هذه الدول ومن بينها فرنسا، باعتبارها أحد عرّابي القرار ١٥٥٩ على الأقل، فيما يؤخذ عليها تساهلها الكبير مع "حزب الله" ومنع تصنيفه إرهابياً بجناحيه العسكري والسياسي على المستوى الأوروبي. وهذا الاعتبار مهمّ في تسليف إيران والحزب الرئيس إيمانويل ماكرون ورقة استقالة وزير الإعلام اللبناني للتفاوض مع المملكة السعودية لإعادة الانخراط في لبنان، في الوقت الذي لا تستطيع فيه إيران أن تتحمّل مسؤلية الانهيار ولا إنقاذ لبنان، شأنها في ذلك شأن وضعها في سوريا وحاجتها الى الدول الخليجية لإعادة تعويم النظام السوري. كما لا ينبغي إهمال تطوّر برز في اليومين الأخيرين بإعادة واشنطن فتح ملفّ الرهائن الأميركيين مع "حزب الله" في مرحلة الحرب اللبنانية، مذكّرة بمكافأة كانت قد أعلنتها لقاء الإدلاء بمعلومات عن عمليات خطف وقتل ثلاثة مواطنين أميركيين بين ١٩٨٢ و١٩٩٢.

فبين الموقف السعودي الذي اضطرّ الرئيس الفرنسي ربّما الى مواكبته، والتذكير الأميركي، جملة ضغوط يرتبط بعضها بلبنان مباشرة وأخرى بتطوّرات المنطقة. ولكن مع إنجاز حلحلة ملموسة لا يمكن إنكارها بالنسبة الى العلاقات مع الدول الخليجية، تقع المسؤولية الأكبر على أهل السلطة من أجل تنفيذ إجراءات اصلاحية تنقذ البلد لأن أحداً لن ينقذه فيما هو مطلوب من مسؤوليه تحمّل مسؤولياتهم الرسمية فيكونون على مستواها بدلاً من السعي وراء مصالحهم الشخصية والسياسية، إذ قد يتأكّد بعد بعض الوقت ومجدّداً أنّ العلة الكبرى في أهل السلطة وليست في مسؤولية الخارج مهما تكن حساباته. وهذا هو التحدّي الفعلي أمام أهل السلطة، لأن الخارج لا يستطيع إعطاء لبنان العصفور وخيطه معاً.

من هذا المنطلق بدت إعادة التواصل مع المملكة السعودية واعدة بقوّة بالنسبة الى البعض، إذا استطاع لبنان فرض ضوابط الحدّ الأدنى على تصرّفاته وأدائه في خضمّ تطوّرات متسارعة ومهمّة في المنطقة، يأمل كثر أن تسهّل الشروط الباقية في ضوء التطوّرات الاقليمية في شكل أساسي، إذ لا تنفصل الحركة السياسية الداخلية في لبنان في رأي هؤلاء عن مفاعيل الحركة الإقليمية ولا سيّما أن إيران تسعى في مقابل رفع سقفها في موضوع العودة الى الاتفاق النووي، الى تحصين وضعها الإقليمي بانفتاح مع محيطها، حتى لو أن الإمارات أقامت علاقات تطبيعية مع إسرائيل. وهي تدوزن أيضاً وضعها في سوريا على خلفية أنّ إعادة تعويم بشّار الأسد عربياً تفترض لملمة لوجودها ونفوذها بالحدّ المقبول تماشياً مع مصالح روسيا الضاغطة في هذا الاتجاه من أجل إقناع الدول الخليجية بإعادة الاعتبار لشرعية النظام السوري الذي لا يمكن أن يستمرّ بناءً على الاعتراف بشرعيته من روسيا وإيران وحدهما، فيما لا قدرة لديهما على إنقاذه اقتصادياً.

لا ينبغي استبعاد قراءة دفع الوزير جورج قرداحي الى الاستقالة بعد تعنّت ورفض "بذريعة السيادة ورفض الإملاءات" كمقدّمة للزيارة الإماراتية على خلفية رغبة طهران في تقوية علاقاتها مع الدول الخليجية التي تتحسّب بدورها لعودة إيران الى الاتفاق النووي، فيتعيّن على جميع الدول المصدّرة للنفط في المنطقة التعاون والتنسيق متى رُفعت العقوبات الأميركية عن إيران التي ترغب في التنافس من أجل استعادة أسواقها السابقة. ولكن اللافت أنّ إيران، كما سوريا الأسد، لا تأبه في هذا السياق للانفتاح الخليجي ولو بعد التطبيع مع إسرائيل، فيما تستخدم هذه الذريعة من الحزب في لبنان، في تطلع على الأرجح لإمكان وساطة غير مباشرة تخفّف من المخاوف الإسرائيلية أو تدرأ مواصلة اعتداءاتها، أو ما قد يسهّل التواصل الأميركي وفتح أبواب أخرى غير تلك المفتوحة في فيينا عبر الدول الأوروبية. فحرص الولايات المتحدة على توجيه الشكر للدول الخليجية التي كانت عوناً لها في الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، كان لافتاً، فيما دور عُمان في استقبال المفاوضات الإيرانية الأميركية حول الاتفاق النووي لا يزال ماثلاً بقوّة في تقويم مسار الاتفاق النووي.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار