عون يستثمر بالتعطيل وميقاتي يسابق انفجار الحكومة ... | أخبار اليوم

عون يستثمر بالتعطيل وميقاتي يسابق انفجار الحكومة ...

| الإثنين 13 ديسمبر 2021

عون يستثمر بالتعطيل وميقاتي يسابق انفجار الحكومة ...

تصعيد "حزب الله" يُقيّد الحركة الفرنسية ويؤجج الأزمة


 "النهار"- ابراهيم حيدر

لا شيء يوحي بأنّ الامور في البلد ذاهبة نحو تعويم حكومة نجيب ميقاتي، أو أنها ستستأنف اجتماعاتها بتسوية الملفات العالقة التي عطّلتها خصوصاً ملف التحقيق في تفجير المرفأ واشتراط الثنائي الشيعي تنحية القاضي طارق البيطار. لا بل أن التعقيدات والتمترس حول المواقف المتشددة، يشيران إلى أن تفجير الحكومة بات احتمالاً واردا، على الرغم من أن الحركة الفرنسية لا تزال عبر اتصالاتها وموفديها مع مختلف الأفرقاء اللبنانيين تحاول تحقيق انجاز داخلي لبناني بعد الخرق الذي أحدثته في جدار الازمة اللبنانية – الخليجية، أقله بإعادة اطلاق عمل الحكومة قبل أن تذهب الأمور الى التفجير. ولعل القلق الذي يعبر عنه ميقاتي بالتوازي مع حركة اتصالاته الداخلية والخارجية، يؤكد أن البلد الذي يعيش حالة مراوحة في ظل الانهيارات المتتالية يقترب من لحظة اللاعودة، ويكشف الضعف في موقع رئاسة الحكومة غير المؤثر اليوم، أقله في استعادة الحكومة نفسها.

يتخوف ميقاتي الذي تحولت حكومته إلى أقل من حكومة تصريف أعمال، من تفجيرها نهائياً، فيما الاجتماعات الوزارية التي يعقدها تصطدم بقرار رئيس الجمهورية ميشال عون وقف توقيع المراسيم والقرارات والموافقات الاستثنائية، ما يعني تعطل عمل المؤسسات في شكل كامل بعد انهيار كل معالم الدولة. وفي المقابل لا يستطيع رئيس الحكومة الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء خوفاً من الصدام مع الثنائي الشيعي، كما أنه لا يريد التصعيد في وجه عون، لذا يستنجد بالفرنسيين مجدداً بصفتهم الطرف الخارجي الوحيد المهتم بلبنان ويحاول الحصول على دعمهم لتمرير العديد من الملفات والاستحقاقات، في انتظار تفعيل عمل الحكومة، وهو يعوّل على اتصالات باريس مع الفرقاء اللبنانيين انطلاقاً من زيارة المبعوث الفرنسي المكلف متابعة ملف الاصلاحات الاقتصادية السفير بيار دوكان إلى بيروت، لمعرفة الوجهة التي سترسو عليها الامور.

الواقع أن ميقاتي الذي يوحي بأنه يحظى بدعم خليجي وعربي شامل لموقعه، خصوصاً سعودي، يتوجس من مواجهة مباشرة مع "#حزب الله" الذي تؤكد مواقفه التصعيدية الاخيرة داخلياً في الملف الحكومي والقضاء، وأيضاً الخارجية ضد ما يسميه التدخل الاميركي في الاستحقاقات اللبنانية المقبلة، الاستمرار في تعطيل الحكومة، وهو لا يوافق رئيس الحكومة بالسير نحو الانفتاح على الدول الخليجية طالما أن البيانات الأخيرة استهدفته في شكل مباشر. والواقع أن مواقف ميقاتي التي لا تحمل أي جديد في العلاقة مع السعودية والخليج باستثناء تغريداته لا تُصرف عند أحد وليس لها تأثيرات على الوضع الداخلي كما أنها لا تغير من الوجهة التي حددتها الدول الخليجية. فالزخم الذي أطلقته مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تراجع سريعاً وانتهى مفعوله بعد المواقف التي أطلقها مختلف الفرقاء والتي تدل على أن الحل اللبناني لم يحن وقته بعد في النتظار المزيد من بلورة المعادلات الإقليمية والدولية المتصلة بالمفاوضات النووية.

حسمت الدول الخليجية موقفها، وقالت بلغة واضحة ما هو المطلوب لبنانياً لتوفير الدعم، باستعادة مؤسسات الدولة وعدم المزاوجة بين سلاح غير شرعي أو سلاح أهلي، وبين سلاح الدولة الرسمي وأن تقوم الدولة بواجباتها. يعني هذا الموقف وفق مصدر سياسي مطلع أن لا تغطية لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي ولا دعم، ما لم تقم الدولة بواجباتها حيال الداخل وأيضاً في علاقاتها بالدول العربية، وهو موقف قوبل بكلام تصعيدي من "حزب الله" وقوى الممانعة بأنه تدخل في السيادة اللبنانية، في الوقت الذي ترهن فيه هذه القوى البلد كله لسياسات الممانعة وتهيمن على مفاصله كلها. لكن الاخطر أن مواقف الدول، كأنها تنفض يدها من لبنان في وضعه الحالي، إذ لا وظيفة للدعم طالما أن البلد خرج من المناخ العربي، والاهم أن موقع لبنان في ظل الهيمنة القائمة عليه ليس من الاولويات في ظل الصراع القائم في المنطقة.

بقي الفرنسيون وحدهم يصرون على إنجاز لبناني، وهو أمر يدركه ميقاتي، بعدما تلاشت كل نتائج الحركة الخارجية التي قام بها خلال الشهر الماضي وتوجت بالتواصل السعودي – الفرنسي معه، ومعها بني الكثير من الاوهام، بعدما انتقل من الفاتيكان إلى مصر وحظي بدعم واضح. وتسعى فرنسا من خلال شروط مبادرتها إلى تفعيل عمل الحكومة وإنجاز الاصلاحات، وترفض الصفقة على حساب القضاء والمحقق العدلي، وتريد إجراء الانتخابات النيابية في موعدها وتلوّح بفرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين المتهمين بالتعطيل، لكنها لم تحقق أي خرق في كل هذه الشروط.

النقطة الثانية المهمة والتي توازي استعصاء "حزب الله"، تتعلق بسياسة ميشال عون. يستثمر رئيس الجمهورية بالأزمة، يضغط على ميقاتي لعقد جلسة للحكومة، ويوقف توقيع القرارات الاستثنائية للاجتماعات الوزارية المصغرة، يوصل رسائل إلى "حزب الله" في مواجهته مع رئيس محلس النواب نبيه بري، للحصول على تنازلات تخدم حساباته الانتخابية والرئاسية. يتصرف أيضاً كطرف في المسألة الحكومية، وفق المصدر السياسي، ويعطّل أيضاً من موقعه مصالح أطراف أخرى، وبالعكس. لكن هذه السياسة من الرئاسة الاولى تترك انعكاسات خطيرة وقاسية على البلد، فإذا كان نجح في السابق في تعزيز وضعه في السلطة وتحصيل تنازلات من خصومه بالاستناد الى فائض قوة "حزب الله"، فإن سياسته اليوم تؤدي إلى مزيد من الانهيار.

الحال اللبنانية الراهنة تشير إلى أن البلد قابل للإنفجار في أي وقت، وإن كان هناك سعي فرنسي بغطاء دولي إلى تغليب الاستقرار على الخيارات الاخرى. ويبدو أن باريس تضغط لمنع الانزلاق نحو الانفجار الكبير، وتمرير المرحلة بالحد الادنى في انتظار الانتخابات النيابية التي لم يبق على موعدها سوى اشهر قليلة. وإلى أن يأتي موعد الاستحقاق لم تعد الحكومة حتى بعودة اجتماعاتها قادرة على فعل شيء باستثناء ما يراهن عليه ميقاتي من مفاوضات مع صندوق النقد الدولي. ورغم الإصرار الفرنسي إلا أن الأمور باتت معقدة جداً، وهي تحمل المزيد من التصعيد الداخلي على طريق الانتخابات، والتمترس خلف الاستعصاءات. لذا يصعب أمام الاستنزاف المستمر الكلام حول معالم واضحة للمستقبل أمام الاخطار المصيرية المحدقة بلبنان.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار