هل من علاقة بين الكلام عن "إطار حماس المقاتل" وبين الزيارة المرتقبة لمشعل إلى بيروت؟ | أخبار اليوم

هل من علاقة بين الكلام عن "إطار حماس المقاتل" وبين الزيارة المرتقبة لمشعل إلى بيروت؟

| الإثنين 13 ديسمبر 2021

دخلنا في الاقليم كله في مرحلة ما قبل التسويات الكبرى

 "النهار-ابراهيم بيرم

فجأة اقتحم موضوع الوجود الفلسطيني، في الايام القليلة الماضية، بشكلَيه المدني والعسكري، عمق المشهد السياسي اللبناني المحتدم أصلاً من خلال وقائع ومعطيات ما انفكت تأخذ مداها من التفاعل وردود الفعل وتزيد منسوب الاحتقان في هذا المشهد.
ويمكن تلخيص هذه الوقائع والمعطيات المستجدة من خلال الآتي:

- اجراءات وتدابير اتخذها وزير العمل مصطفى بيرم أخيراً من شأنها ان توسع قاعدة العمالة المصرح بها رسميا في صفوف القوة العاملة في اوساط المسجلين في قوائم وكالة "الاونروا " (لاجئو الـ 48).

وقد اضطر بيرم لاحقا الى ان يقدم دفاعا في مؤتمر صحافي عقده، عن هذا التدبير الذي اتخذه، مبرزا شرعيته واستناده الى قوانين وانظمة مرعية سبق لسلفه في الوزارة ان اتخذها، في وجه حملة طاولته من جانب قوى مسيحية شارك في تعميمها كلام رافض أطلقه رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل. وبالاجمال فتح اجراء وزير العمل سجالا اعتاد اللبنانيون سماعه في محطات عدة سابقا الى درجة انه بات جزءا من "التراث والموروث السياسي اللبناني".

- وما زاد في حدة السجال انفجار غامض شهده مخيم البرج الشمالي للاجئين، وقد سُلطت الاضواء فورا على هذا الانفجار وتم تضخيم وقائعه من خلال اعتباره انفجارا لمخزن ذخيرة واسلحة عائد لحركة "حماس"، وهو ما نفته الحركة لافتة الى انه عبارة عن احتكاك كهربائي ادى الى اشتعال عبوات اوكسيجين ومواد تعقيم وتنظيف نافية وقوع ضحايا كما اوردت الانباء الاولية التي تحدثت عن عشرات القتلى والجرحى.

- وكان يمكن ان تُعطى للحدث اسباب تخفيفية لو لم يعقبه مباشرة كلام اسرائيلي روّج له إعلام غربي فحواه ان حركة "حماس"، قد قطعت شوطا في مهمة انشاء اطار عسكري مقاتل بُني في لبنان ليكون قوة احتياط كامنة استعدادا لاداء دور قتالي يؤثر على القوة العسكرية الاسرائيلية انطلاقا من الحدود اللبنانية مع الاراضي المحتلة.

وقد ورد في تقرير نشره موقع "تايمز اوف اسرائيل" الغربي نقلاً عن صحيفة "يديعوت احرونوت" الاسرائيلية ان باكورة نشاط هذا الاطار العسكري المحترف تجسدت في عملية اولى عبارة عن 4 صواريخ اطلقت من بساتين صور باتجاه الجليل الاعلى ابان الحرب الاسرائيلية الاخيرة المحدودة (11 يوما) التي شُنت على قطاع غزة في ايار الماضي.

وكشف التقرير ان القيادي التاريخي في الحركة صالح العاروري (يتنقل بين بيروت وتركيا) قد أُوكِلت اليه مهمة الاشراف على هذا الاطار العسكري الذي لا يمكن لـ"حزب الله" ان يخفى عليه نبأ وجوده ونشاطه، الا انه يحرص على نفي ان يكون فعله ونشاطه يتمّان بعلمه.

ويشير التقرير الى ان النطاق الجغرافي لعمل هذا الفصيل هو في محيط مدينة صور حيث هناك 3 مخيمات رئيسية هي الرشيدية والبرج الشمالي والبص، و4 مخيمات أقل اهمية هي جلّ البحر وأبو الاسود والقاسمية والواسطة.

واذا كان من المعتاد ان يُستخدم الوجود الفلسطيني في لبنان مادة في صراعات وسجالات القوى، خصوصا في حال الاستعصاء والاحتدام كما هو واقع الحال، فان اللافت هو عودة الحديث على هذا النحو القوي عن "سلاح فلسطيني فاعل وجاهز للفعل" على تخوم الحدود مع الاراضي المحتلة. لذا فان السؤال المطروح فعليا هو عن مدى جدية هذه الواقعة التي يرتفع الكلام عنها داخلا وخارجا؟

ومعلوم انه منذ مطالع عقد التسعينات، وتحديدا بعد الشروع بتطبيق اتفاق الطائف، كان ثمة حرص داخلي يقارب حد الاصرار ولدواع مختلفة على شطب اي دور لـ"البندقية الفلسطينية" وللسلاح الفلسطيني الثقيل خارج المخيمات على نحو سرى معه اعتقاد فحواه ان ثمة اتفاقا بين كل الاطراف على نزع هذا السلاح الذي تسرّب الى العمق اللبناني تدريجا بعد هزيمة حزيران عام 1967 من معادلة الداخل اللبناني دفعة واحدة والى الابد. والشاهد الابرز على ذلك الاشتباك بالاسلحة الثقيلة بين وحدات من الجيش ومجموعات فلسطينية كانت تتمركز في محيط مخيمي عين الحلوة والمية ومية شرق صيدا، وهو اشتباك لم ينتهِ إلا بعد تفكيك تلك القواعد.

وقد تعهد "حزب الله" لاحقا ان يقدم الرعاية والتغطية للوجود العسكري الفلسطيني، سواء عبر ستره او اظهاره غبّ الطلب وعند الحاجة، اذ لا مبرر اطلاقا لعدم الاستفادة من وجود فلسطيني بهذا الوزن (نحو 500 الف لاجىء منتشرين على كل الاراضي اللبنانية) ومزوّد بهذه الخبرات القتالية كونهم بغالبيتهم منخرطين في التنظيمات الفلسطينية العريقة ("فتح"، "الجبهة الشعبية"...) والحديثة (حركتا "حماس" و"الجهاد الاسلامي")، واستطرادا لا مبرر لاعطاء تطمينات مجانية لاسرائيل من الجانب اللبناني.

وبناء عليه، فان الثابت ان لا "حزب الله" ولا "حماس" مستعدان لنفي الكلام الاسرائيلي عن وجود اطار عسكري مقاتل جاهز تابع للحركة، والثابت ايضا انهما غير مستعدين لتأكيد هذا الكلام لكي يُستغل خصوصا في تناقضات الداخل اللبناني. لذا فان هذا النبأ الاسرائيلي سيبقى الى اجل غير مسمى مفتوحا على احتمالات التأويل والتكهن.

واللافت ان المحللين المشهود لهم بالاطلاع على وجهة نظر الحزب ورؤيته لمسار الصراع والمواجهة مع الاحتلال، لم يبدوا اقتناعا ببيان "حماس" عن انفجار مخيم البرج الشمالي. وقد اعتبر الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد هشام جابر، ان الدخان الذي شاهده منبعثا من مكان الانفجار يظهر انه لمواد متفجرة اي ليست عبوات اوكسيجين. من جهته، ابدى الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد الدكتور امين حطيط في اتصال مع "النهار" عدم اقتناعه الكلي بالرواية التي اوردتها "حماس" للحادث، لكنه آثر ان يركز على البُعد السياسي للكلام الاسرائيلي عن رواية "الاطار المقتل" في هذه المرحلة، والذي يندرج حتما في سياق "الشعار المرفوع منذ فترة عن ضرورة حصرية السلاح في لبنان"، ويقول: "انها معزوفة اخذت مداها الاقصى اخيرا لغايات ومقاصد معروفة". ويستنتج "ان ما يحصل منذ فترة هو اننا دخلنا في الاقليم كله في مرحلة ما قبل التسويات الكبرى حيث انطلق كل اللاعبين الاساسيين لتجميع اوراق قوة وإفقاد الخصم الاوراق المماثلة، ومن البديهي ان السلاح المقاوم اللبناني والفلسطيني في لبنان ونزعه هو احدى ابرز الاوراق والمواد المستخدمة حاليا حيث يعدّ لبنان خاصرة رخوة وارضا سائبة بلا سياجات".

واضاف ان للانفجار في مخيم البرج الشمالي "دلالته وأبعاده وأسراره، ولكن الذي اخشاه هو السطحية التي يتناول بها بعض الافرقاء هذه المسألة ولا يقدّرون حجم عواقب اللعب بها فينخرطون فيها من دون وعي مسبق لمخاطرها. لذا فان الخشية كبيرة من ان يتحول لبنان الى مكب نفايات لأزمات المنطقة وصراعاتها الحامية على حساب امن الوطن وتماسكه ووحدة ابنائه".


مشعل في بيروت
وما يزيد المشهد اثارة ان الحديث عن الوجود والسلاح الفلسطيني في لبنان قد انفتح عشية زيارة مرتقبة للقيادي التاريخي في حركة "حماس" خالد مشعل (ابو الوليد) الى بيروت في منتصف الشهر الجاري حيث من المقررمبدئيا ان يلتقي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وآخرين.
ولعل عنصرالاهمية في زيارة مشعل لقاء سيجريه مع الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله تحت عنوان "تقدير الموقف راهنا ومستقبلا والتفاهم على اوجه تنسيق مستقبلي".
ومبدئيا ستكون الزيارة توقيتا ومضمونا، إنْ لم يستدع ما يرجئها، حدثاً له ارتداداته وتداعياته لانها اول اطلالة للرجل في بيروت منذ اشتعال فتيل الازمة في سوريا عام 2011 حيث خرج بعدها الرجل من سوريا طريدا.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار