نحو «عصبة صلبة» تحمي الإستقرار بوقف الإنهيار! | أخبار اليوم

نحو «عصبة صلبة» تحمي الإستقرار بوقف الإنهيار!

| الإثنين 13 ديسمبر 2021

نحو «عصبة صلبة» تحمي الإستقرار بوقف الإنهيار!
بين «المراسيم الجوالة» وتصفية معاشات التقاعد



الرئيس ميشال عون يرفض التوقيع على ما يمكن وصفه «بالمراسيم الجوَّالة» لتسيير مصالح الموظفين ومستلزمات الإدارة والمرافق العامة. ويستند برفضه إلى أن ثمة حكومة «مكتملة الأوصاف» (وهذا التعبير استعاره من النائب جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر)، فلا حاجة، بعد ذلك إلى مراسيم تجول، بل إلى عقد جلسات لمجلس الوزراء، ويحضر من يحضر، ويتقاطع من يقاطع.. أمَّا قصة «الميثاقية» لو قاطع الوزراء الشيعة، فجبران يتدبر الأمر، بذكائه المفرط، وتشاطره في توقيع «تفاهم مار مخايل» الذي أصبح بمثابة «ملح العلاقة» مع حزب الله، كلما اهتزت هذه العلاقة!


الرئيس نجيب ميقاتي، بصبره الجميل، يراهن على عنصر الوقت، وهذا معنى التريث، مع العلم أن الاستعجال، صفة ملحَّة لخارطة أولوياته، في عملية الانقاذ التي يسعى لها، ولم يوفق لغاية تاريخه، في تحقيق خرق، مع الارتفاع المريع في سعر صرف الدولار، الذي يأخذ البلد إلى «الارتطام الكبير» لا سيما وأن الأسعار، تلتهم الأخضر واليابس، مع كل إرتفاع، لدرجة أن أسعار خدمات ومزروعات، لا علاقة لها، لا من قريب أو بعيد «بالعملة الخضراء» أو باعتبارات «Federal bank» الأميركي الذي يشرف على حركة الدولار، في كل حيّ ودار، من أحياء الكرة الأرضة، شرقاً وغرباً.


ويعتقد الرئيس ميقاتي أن الحلّ الآن، وبانتظار مفاجأة تزيل سبب انعقاد مجلس الوزراء مجتمعاً بتفعيل عمل اللجان الوزارية، وتنشيط جهود الوزراء فرادى وزمراً، على أن يهدي الله «القوم الضالين» الذين يسددون سهام الإنتقاد لميقاتي وأدائه، ودليله استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي بأقل خسارة ممكنة، استجابة لرغبة الراعي الدولي للبنان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.


هنا السؤال: يوجد خلاف بين مقاربة الرئيس عون والرئيس ميقاتي أم لا يوجد؟


المكابرة، لا تحل لغزاً، ولا تساعد في احتواء مشكلة، أو أن التعمية ودفن الرؤوس في الرمال، لا تطعمه خبزاً..


ما يجري، يطرح أكثر من سؤال حول كيفية مقاربة الحكم في لبنان، وثنائية «الرأس المدبر» في أداء السلطة الاجرائية، بعد وصول الرئيس القوي إلى سدة الرئاسة الأولى!


في مقلب آخر، يتصل بالعلاقة بين وزارة المال والمؤسسات العامة وإدارات الدولة، لجهة احتساب معاشات التقاعد أو الرواتب، أو الاعتراف بالدرجات، أو تسديد ما هو متوجب، الأمر الذي يطرح إشكاليات كبيرة، لا أحد يدفع ثمنها سوى المكلف..


في بعض الوقائع، الجزئية، وربما الفردية، قياساً على «الكل الكبير» (أي كل مؤسسات الدولة) إن دائرة تصفية المعاش التقاعدي أو الصرف من الخدمة، لديها آلية عمل مختلفة عن آلية عمل الإدارات والمؤسسات. والمثال من المؤسسات المدنية، وليست العسكرية..


أساتذة في الجامعة اللبنانية، تمت تسوية أوضاعهم وفقاً للقانون 12/81 الصادر بتاريخ 13/5/1981، بمرسوم جمهوري، وبناء على الطلبات المقدمة من أصحاب العلاقة.


وبعد موافقة مجلس الجامعة بقراره رقم 231/5، تاريخ 24/2/2016.
 


وبعد إنهاء رئيس الجامعة اللبنانية وبناء على اقتراح وزير التربية والتعليم العالي، يرسم ما يأتي: المادة الأولى: يعطى كلٌّ من أفراد الهيئة التعليمية في الملاك التعليمي للجامعة اللبنانية المذكورة اسماؤهم أدناه، مع احتفاظهم بحق التقدم المؤهل للتدرج، الدرجات المبنية تجاه اسمه.. إلخ..


ما فعله رئيس الجامعة السابق ان اقدم على تنفيذ المرسوم، فأدخلت الدرجات في صلب الراتب، وراح الأساتذة يتقاضون الرواتب الجديدة على أساسها منذ أشهر، فضلا عن ترتيبات دفع المتأخرات المجتمعة عن السنوات الماضية والخاصة بكل أستاذ، وما اكثرهم (بالعشرات).. عند التقاعد، رفض دائرة أو مصلحة تصفية المعاشات التقاعدية في وزارة المال، الاعتراف بالرواتب الجديدة، واوقفت معاملات هؤلاء الأساتذة، والتي مضى على بعضها ما يقرب من 9 أشهر أو سنة..


وعليه، تسهيلاً لأمر تصفية معاشات التقاعد أو الصرف، لجأت مالية الجامعة إلى اعداد الجداول، وفقا لما قبل صدور مرسوم تسوية الوضع، مما يفقد كل أستاذ مستفيد، عدداً من الدرجات تضعف نسبة المعاش التقاعدي، والتعويضات المترتبة، من دون وجه حق.. وهذا أمر يستطيل أي إلى أن يتوقف استحقاق المعاش التقاعدي بوفاة الموظف أو الأستاذ..


السؤال: هل يحق لمصلحة أو رئيس مصلحة، أن يوقف مفاعيل المرسوم؟ وبأي حيثية أو حق.. 


ومن يعالج مثل هذا الظلم، الناجم عن التسيب الإداري أو أي وصف آخر؟


ثمة شبه بين أزمة «المراسيم الجوالة» وأزمة تصفية المعاش التقاعدي، بتجرؤ جهة من وزارة المالية على شطب التدرج أو إسقاطه من جدول الخدمة الخاص بالأستاذ الجامعي.. وهذا أمر غريب وعجيب في زمن بدا فيه كم ان النظام السياسي والنظام الإداري كلاهما مكشوفان على اللانظام!


الموظفون والمتقاعدون والأجراء بتعطل استحقاقاتهم والمنح والمساعدات الاجتماعية على خلفية تعطل مجلس الوزراء، ورفض رئيس الجمهورية التوقيع على «المراسيم الجوالة» (وربما لديه الحق) في ظل حكومة، قانونية، ودستورية، وحظيت بثقة المجلس النيابي، الذي فقد شرعيته الشعبية، على الرغم من احتفاظه بشرعيته الدستورية أو القانونية..


في البلد انهيار، والسؤال كيف يعمل البلد في ظل انهيار..


في البلد سلطات تعمل متى تشاء، وتُحجم عن العمل متى تشاء.. توقف تجار الكابتاغون، ويتحين الموظفون الفرص للإنقضاض في المرفأ أو المطار أو المعابر الشرعية وغير الشرعية، بما في ذلك مصالح تسجيل السيّارات ومصالح المياه والكهرباء وما شاكل..

في بلد انهار نظامه المصرفي، بالاستيلاء على ودائع النّاس، وانهار نظام الصرف فيه، بمعزل عن حرية أو تحرير صرف العملات الصعبة أو تثبيتها، في بلد اختلطت فيه الحسابات، والرغبات والمصالح، وبات يحكم من الخارج على نحو فضائحي، السؤال: كيف تستقيم المؤسسات..


لا شك ان الصعوبات المالية، وتزايد حالات الفقر أو الإفقار الممنهج من شأنه ان يضعف عجلة العمل والحياة، في بلد نظامه طبيعي، فكيف الحال، في بلد المفاجآت، والأسلحة الفالتة، وانتشار ملايين حبوب المخدرات والكابتاغون وغيرها من آفات تتلف أدمغة الناشئة، وتحوّل جيلاً، لم يتسنَّ له الهروب عبر البحر إلى جيل «صايع» بلا مدرسة أو عمل، ومجهول المصير، لا يعرف ماذا عليه ان يعمل، ليبقى على قيد الحياة..


هنا، يخرج على النظام «أناس» يحاضرون بالدستور وعفته، ويروون أقاصيص طويلة عن حرصهم على الدستور والقانون والنظام والميثاقية.. وكأنها أوراق لعب «غب الطلب».. 


التلاطم بين السلطات العامة: هل هو خافٍ على أحد، حكومة تعجز عن تعيين بديل لوزير استقال (بصرف النظر عن ظروف استقالته) الدستور يتحدث عن فصل السلطات وتعاونها.. فإذا بالسلطات تدخل في صراع فيه استماتة، أو تجريم، أو تعهير، أو أي شيء ينتسب إلى أي شيء إلا إلى التعاون.


في البلد فقدان للانتظام العام، وغياب لروح المسؤولية، وضرب في سفوح المصالح الأنانية والفئوية.. فما العمل إذاً؟


المسألة ببساطة تحتاج إلى «نواة حكم» صلبة في الأمن والقضاء والحماية والاقتصاد والادارة، بمعزل عن ألاعيب السياسة ودسائسها.. فليتشكل هذا المجلس قبل فوات الأوان، وليعمل بالسر أو بالعلن عن إدارة النظام العام في البلد، بما هو متاح من إمكانيات مادية أو مالية..


أمَّا الرهان على إصلاح من هنا، أو دفتر شروط من صندوق النقد أو «سلة مواعظ» كلامية من هذا الصديق أو سواه، في الإقليم أو الخارج.. فلا معنى له..


لا بدَّ من مكان ما، تبدأ فيه عملية وقف الانهيار، التي تحتاج إلى رجال، لديهم الاستعداد للأعمال لا «البهورة» أو الاستغراق في الأقوال، والتشخيص والتوصيف..


وبغير ذلك، لا مجال، لا لإصلاح مالي، أو انتظار انتخابات، أو المضي في التحشد أو التسليح..


إن «حرب السلطات» المستعرة، تهدّد الإستقرار، فماذا عن مجتمع عاجز عن تكوين «نواة انقاذ» صلبة، توقف الانهيار حماية لما تبقى من استقرار؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار