هل يستعيد الأسد قراره اللبناني من "حزب الله"؟ | أخبار اليوم

هل يستعيد الأسد قراره اللبناني من "حزب الله"؟

| الثلاثاء 14 ديسمبر 2021

هل يختلف الحليفان على من تكون الأولويّة له في التعاطي مع قضايا لبنان ومشكلاته؟

"النهار"- سركيس نعوم

بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005 وجدت سوريا بشّار الأسد نفسها عاجزة عن البقاء فيه عسكريّاً بعد تكتُّل ثلاثة "شعوب" لبنانيّة ضدّها ونزولها إلى الشارع، كما بعد تفاهم الولايات المتّحدة وفرنسا على ضرورة إخراجها من لبنان بموافقة المجتمع الدولي. فسحبت قوّاتها العسكريّة منه وأجهزتها الأمنيّة الرسميّة. لكنّها أبقت الأخيرة "شغّالة" فيه بواسطة المُنتمين إليها من اللبنانيّين وهم ليسوا قلّة، كما بواسطة حلفائها الذين شكَّل الشعب الشيعي غالبيّتهم الساحقة بقيادة ما سُمّي لاحقاً "الثنائيّة الشيعيّة" المؤلّفة من "حركة أمل" و"حزب الله".

وقد نجح هؤلاء وفي مقدّمهم "الحزب" في منع أعدائها المُتحالفين في مجموعة 14 آذار ورغم تظاهرتهم الشعبيّة الكبيرة وتفوّق شعبيّتهم عدديّاً على شعبيّة حلفائها من تحقيق أهدافهم كلّها. فـ"حزب الله" نزل إلى الشارع بقوّة في تظاهرة شكر لسوريا وأكّد للجميع أنّه سيقوم بكلّ ما من شأنه منع انتصار أخصامه وأخصامها. ورئيس الجمهوريّة إميل لحود الحليف المُخلص لها لم يلِن ولم يستقل معتمداً على قوّة "الثنائيّة"، وأيضاً على رفض القائد الروحي لـ14 آذار البطريرك الماروني في حينه نصرالله صفير إقالته أو استقالته قبل انتهاء ولايته تفادياً لحصول سابقة لا شيء يمنع تكرارها. طبعاً لم تكُن طريق حلفاء سوريا في لبنان سالكة دائماً. فاعتقال قادة الأجهزة الأمنيّة والاستخباريّة الصديقة لسوريا بتوصية من المُحقّقين الدوليّين العاملين في لبنان أبقى حلفاء سوريا في موقعٍ دفاعيّ ولا سيّما بعدما فازت 14 آذار في الانتخابات النيابيّة بعد غياب الحريري بغالبيّة مجلس النوّاب.

لكنّهم أي حلفاء سوريا أخذوا المبادرة في الشارع عندما نفّذوا عمليّة 7 أيار العسكريّة ضدّ خصومهم، وعندما احتلّوا وسط العاصمة أشهراً وحاصروا من جهات ثلاث السراي الحكوميّة وشاغلها الرئيس فؤاد السنيورة. وكان التنسيق والتشاور اليومي بينها وبين حلفائها في لبنان في أعلى درجاتهما. لكنّ اندلاع ثورة شعبيّة في سوريا عام 2011 ثمّ تحوّلها حرباً عسكريّة بين قوّات النظام والمُطالبين برحيله ولاحقاً حرباً أهليّة، وأخيراً حرباً يقودها "الإرهابيّون الإسلاميّون" على النظام بدعم أكثر من جهة إقليميّة عربيّة وغير عربيّة، لكنّ ذلك كلّه شغل الرئيس الأسد عن الاهتمام اليومي بلبنان، ودفعه إلى الاهتمام بالداخل تاركاً الشأن اللبناني ليس إلى "الثنائيّة الشيعيّة" بل إلى القُطب الأوّل فيها "حزب الله".

وهو بادر بقرار مُشترك بينه وبين مؤسِّسته إيران إلى الانخراط بكلّ قوّة في الحرب السوريّة وأبلى فيها بلاءً حسناً، إذ نجح بدعم إيران ومع الذين بقَوا من الجيش السوري مع النظام في منع انهياره مدّة ثلاث سنوات. والبقيّة معروفة إذ تدخّلت روسيا عسكريّاً وبقوّة بطلب رسميّ من إيران بعدما لاحظت الأخيرة أنّ قُدرة صمود المُدافعين عنه قد ضعُفت كثيراً.


لماذا إثارة هذا الموضوع الآن؟

ليس الدافع إلى ذلك افتعال تنافس أو ما هو أكثر من تنافس بين الأسد ونظامه من جهة وحليفه الشعب الشيعي اللبناني و"الحزب" الأوّل فيه و"الحركة" كما قد يتبادر إلى سيّئي النيّة. علماً أن هناك جهات لبنانيّة عدّة وأخرى إقليميّة عربيّة وغير عربيّة ربّما يتحدّثون عن ذلك أو يتمنّونه لأنّه يُمكّنهم ربّما من استعادة مواقع في الداخل، ومن التخلُّص من سيطرة فئويّة في نظرهم على البلاد.

بل هو أي الدافع محاولة معرفة إذا كانت طريقة التنسيق بين الحليفين اللبناني والسوري ستستمرّ كما كانت أيّام الحرب المجهولة المصير أو ستتغيَّر بعدما تجاوز الأسد والنظام "قطوع" الانهيار رغم أنّ بلادهما لم تصل بعد إلى شاطئ الأمان، وإلى تسوية سياسيّة أو نظام جديد مقبولين من الجميع، وأخيراً إلى إقناع المجتمع الدولي بمساعدتها لإعادة إعمار ما دمَّرته الحرب وهو كبير جدّاً ومُكلف جدّاً جدّاً. إذ في تلك المرحلة كان الرئيس الأسد يقول لمراجعيه من حلفائه اللبنانيّين، وكانوا يبحثون معه في قضايا مهمّة مثل الانتخابات النيابيّة والانتخابات الرئاسيّة، إبحثوا في هذا الأمر مع السيد حسن نصرالله الأمين العام لـ"حزب الله". هكذا فعل مع حليفه الأوّل في لبنان سليمان فرنجية المُرشَّح للرئاسة قبل انتخاب العماد ميشال عون رئيساً.

وهكذا فعل مع حليفٍ آخر له هو الأمير طلال أرسلان. أمّا في المرحلة الحاليّة وهي مرحلة الراحة فيبدو واستناداً إلى مصادر وجهات لبنانيّة مُتابعة وجديّة أنّ "ملائكة" بدأوا يتحرّكون مباشرة في لبنان من أجل تكوين فكرة عن الانتخابات الرئاسيّة المقبلة أي بعد أقلّ من سنة، وعن الشخصيّات المؤهَّلة لخوضها بل للفوز فيها وللنجاح في القيام بمهمّاتها ولكن بالتعاون مع دمشق. اللافت أنّ تطميناتها وصلت إلى حليفٍ دائمٍ لها بأنّ حظوظه الرئاسيّة كبيرة، وأنّ اتصالاتٍ أُجريت مع شخصيّات أخرى غير سياسيّة لجسِّ نبضها ربّما ولمعرفة إذا كانت حاضرة للتوفيق بين مصالح بلادها ومصالح سوريا إذا وصلت إلى رئاسة الجمهوريّة. لهذا السبب فإنّ السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو: هل التحرُّك السوري المذكور منسَّق مع "حزب الله" أم لا؟ والسؤال الآخر هو: هل يختلف الحليفان على من تكون الأولويّة له في التعاطي مع قضايا لبنان ومشكلاته؟

طبعاً لا أجوبة حاليّة عن السؤالين. لكنّ "الموقف هذا النهار" حصل قبل أشهرٍ كثيرة على جوابٍ يُشير "إلى أنّ سوريا الأسد و"حزب الله" لن يختلفا يوماً، وإلى أنّ ما تُريده سوريا في لبنان تطلبه منه وهو يؤمّنه. ولن تكون هناك يوماً مشكلة بين الحليفين". علماً أنّ موضوعاً كهذا لا يتعلَّق فقط بالأسد وبـ"حزب الله"، بل يتعلَّق أيضاً بإيران وهي موجودة في سوريا ولها على رئيسها ونظامها الكثير، كما أنّها موجودة وإن على نحو غير مباشر في لبنان. ووضع كهذا يحول دون حصول خلاف بين حليفيها "الحزب" والأسد على الأقل الآن وفي المستقبل المنظور.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار