"ما حدا آخد شي من درب حدا" و"كل عبد بياكُل رزقتو"... كونوا كالحيوانات! | أخبار اليوم

"ما حدا آخد شي من درب حدا" و"كل عبد بياكُل رزقتو"... كونوا كالحيوانات!

انطون الفتى | الأربعاء 15 ديسمبر 2021

تعرف قيمة عطايا الله وهي ليست كالبشر

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

نترك أبناء هذا الدّهر، من زمنيّين و"روحيّين" (هكذا يسمّون أنفسهم)، يتلمّسون سعر صرف الدولار في السوق السوداء، في زمن التحضير لاحتفالات البشر، وليس لميلاد السيّد المسيح، وننصرف الى تلمُّس وجه الله في خلائقه.

فالرب موجود في كلّ مكان، ويدبّر خلائقه كلّها، من البعوضة الى الإنسان. وهو الرّازق كلّ ذي جسد طعامه، ومُعطي الحياة لمخلوقاته.

 

بيضاء

سنتحدّث في الأسطر اللاحقة عن Calie، وهي الهرّة متعدّدة الألوان، الواردة في الصّورة أدناه:

كما سنتحدّث عن Snowy، وهي الهرّة البيضاء الواردة في الصّورة أدناه:

 

تشبع

"كالي"، "هرّة حيّ"، في إحدى المناطق. تتنقّل بين المنازل، والدّكاكين، ومواقف السيارات. تعيش "عا الشّحادي"، أي على ما يُرمى لها، ومن تمزيق بعض أكياس النّفايات، أو اصطياد بعض أنواع الحشرات.

"كالي"، هي "كَلْكولا"، بحسب بعض الأولاد. ورغم بحثها الدّائم عن الطعام، إلا أنها تشبع، وعندما تشبع، "القبضاي يطعميا لقمة زيادة".

 

البشر

هذه الحال لا نجدها لدى الكثير من البشر في يومنا هذا، مع الأسف. فهُم يأكلون في حالتَي الجوع والشَّبَع، ويستمرّون بتناول الطعام حتى عندما تُلامس بطونهم مرحلة الانفجار.

فكثير منهم يأكلون بعقولهم، وبشهوتهم، وليس بسبب جوع الجسد.  وهُم قادرون على أن يستولوا على صحون غيرهم، حتى ولو كان ذلك سيُميت الآخر. وهذا فارق أساسي ومهمّ، بينهم (البشر) وبين "كالي"، والحيوانات عموماً.

 

الشمس

"كالي" تعرف قيمة عطايا الله، وهي ليست كالبشر. فعلى سبيل المثال، قد نجدها "تتشمّس" في الصّباح، في زاوية معيّنة. فهي تحبّ أشعّة الشّمس، والحرارة التي تزوّد أرضنا بها، الى درجة أن "كَلْكولا" تختار أمكنة صباحية يوميّة لها، مُناسِبَة للتعرّض لأشعّتها، تجلس فيها منذ المدّة الزمنية التي تسبق شروقها.

خلال هذا الوقت، تبدو "كالي" للنّاظر إليها، مثل من فاز بجائزة. أما إذا هطلت الأمطار، فنجدها تحت سيارة، أو في "زاروب" تحتمي فيه من المياه. وعندما يتوقّف تساقُط الأمطار، تخرج لتشرب من أحد الأمكنة التي تجمّعت فيها المياه، وكأنها تشكر خالقها على عطاياه الغزيرة.

 

يتذمّرون

أما البشر، فيشتكون، و"ينقّون"، إذا لم تهطل الأمطار، ويتذمّرون من أشعّة الشّمس. وتكثر أحاديثهم عن أن "لازم تشتّي بقا"، و"أوف شو هيدا"، "معقول ما تشتّي السّنة؟...".

وعندما يتساقط المطر، ينزعجون، ويتحوّل شغفهم به الى تمنّي الصّحو، والى التحسُّر على أشعّة الشّمس. فلا يحترمون الأوقات والأزمنة التي حدّدها الله بسلطانه الخاصّ، ويتذمّرون من كلّ تدابيره، الى درجة أنهم لا ينتبهون الى واقع أنهم غير مُمتنّين لله.

 

فجأة

ومن "كالي"، ننتقل الى Snowy، التي سُمِّيَت من قِبَل بعض الأولاد بـ "سنَوْنُونا".

هذه "بنت أكابر"، إذ إنها وفدت الى "الحيّ" فجأة، وكأنها كانت تتربّى في منزل، وتأكل أطعمة خاصّة بالهررة.

فهي لا تأكل "شو ما كان". وحتى يُمكن القول إنها لا تأكل، لأنها قادرة على البقاء لأكثر من نصف يوم كامل، على ربع قطعة من الجبنة.

وبتعبير آخر، Snowy "شبعانة دايماً"، تحبّ المكوث بين الحشائش، والنباتات. تتأمّلها، وتنام في ما بينها، وتحرص على عَدَم تخريب أي شيء فيها، وكأنها تحترمها.

 

هدوء

هي تحبّ الهدوء، وتنزعج من أصوات البشر المرتفعة، ومن "تشفيط" الدراجات النارية والسيارات، المُزعِج. تخاف من الكلاب الشاردة، ومن أصوات الكلاب المنزلية، حتى ولو سمعتها من بعيد. وهذه كلّها أدلّة (بحسب بعض أهل "الحيّ") على أنها هرّة منزليّة، تخلّى عنها أهل البيت، ورموها بعيداً منه، حتى لا تعود إليه.

فمن يدري؟ ربما يكون ذلك بسبب الضّائقة المعيشية، ولأنهم ما عادوا قادرين على تحمُّل تكاليف طعامها، والاعتناء بها، وطبابتها.

 

تنتظرها؟

"سنُوِي"، و"كالي"، اعتادتا على بعضهما البعض، وتقاسمتا المكان الواحد، لفترة من الزمن. واستمرّ الوضع هذا الى أن اختفت "سنَوْنونا" من "الحيّ" في ليلة "ما فيا ضوّ قمر"، ومن دون أن يُعرَف السبب، وذلك بعد مدّة من مكوثها فيه.

اختفاء "سنُوِي" جرح "كالي"، بدليل أن أكلها خفّ لأيام معدودة، كما لاحظ ذلك البعض. ومن يصدّق؟ فإن "كالي" تأتي الى المكان الذي كانت تمكث فيه مع "سنُوِي" وجهاً لوجه، حتى الساعة، وتجلس فيه بالطريقة نفسها، وكأنها تنتظرها.

 

درس

الحياة تتّسع للجميع، و"ما حدا آخد شي من درب حداً"، و"كل عبد بياكُل رزقتو". فلا Snowy خاصمت Calie، ولا الثانية غارت من الأولى، أو عاملتها وكأنها أتت لتأخذ منها، أو مكانها، خلال المدّة الزمنية التي جمعتهما، وذلك رغم محدودية ما حصلتا عليه معاً، من أطعمة ورعاية، من عالم البشر.

فحبّذا لو تشكّل Calie وSnowy، درساً كبيراً للبشر، في ظروف الضّيق، وفي احترامهما لله في خليقته (الشمس، الأمطار، النباتات)، علّهم (البشر) يستحقّون تعييد الزّمن الميلادي، بالخمير المقدّس، لا بخمير الخبث، والبحث عن الذّات، لا عن الله.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة