ميقاتي يُلاقي مبادرة "جدّة" بخطوات خجولة... لا تُغضب "حزب الله" ولا تُرضي دول الخليج | أخبار اليوم

ميقاتي يُلاقي مبادرة "جدّة" بخطوات خجولة... لا تُغضب "حزب الله" ولا تُرضي دول الخليج

| السبت 18 ديسمبر 2021

الحزب الصامت إعلامياً يتعاطى على قاعدة ألا شيء تغيّر

النهار- اسكندر خشاشو

تتّسع الهوّة في داخل الحكومة اللبنانية، وتتشعّب الخلافات بين الفرقاء السياسيين بما يزيد حركتها شللاً، ويجعل اجتماعها من جديد هدفاً بعيدَ المنال في الوقت الراهن.

وفي الوقت الذي كان رئيس الحكومة يحاول تسيير الأمور بالحدّ الأدنى عبر الاجتماعات الوزارية المنفصلة، والتعاطي مع الملفات فرادى، اتّخذ رئيس الجمهورية قراراً بعدم توقيع المراسيم والقرارات التي تصدر عن هذه الاجتماعات، في وقتٍ لا يزال "حزب الله" متمسّكاً بموقفه القاضي بعدم حضور أيّ اجتماع للحكومة إلى حين حلّ قضية المحقّق العدليّ في قضية انفجار مرفأ بيروت، ما يشلّ عملياً البلد بالكامل، ويوقف تسيير الأعمال أيضاً، ولو بالمعنى الضيّق.

وفي الوسط، يمرّر الأطراف السياسيّون الرسائل السياسيّة لبعضهم البعض؛ فبعد القمّة الفرنسيّة - السعوديّة وما تخلّلها من اتصال ثلاثيّ بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الحكومة اللبنانيّة نجيب #ميقاتي، وما تلاها من بيانات ومبادرة سمّيت بمبادرة جدّة، لم يغيّر أيٌّ من الأطراف موقفه تُجاه إعادة إحياء الحكومة لملاقاة المبادرة الفرنسية – السعودية، والبدء بإجراءات - ولو طفيفة - لإعطاء إشارة إلى المجتمع الدوليّ بأنّ مسيرة الإصلاحات بدأت.

بدا رئيس الحكومة كأنّه يصرخ منفرداً في بريّة، لا يُريد أحدٌ ملاقاته فيها. فلا الاجتماعات الأمنية لضبط التهريب، ولا محاولات حلول الوسط في قضية المحقق العدليّ والتحقيق أثّرا على موقف رئيس الجمهورية الغاضب من عدم إطلاعه وإشراكه في المبادرة الفرنسية - السعوديّة، إذ رفع سقفه بسبب عدم الاتصال الفرنسيّ به، ورفض التوقيع على المراسيم والمقرّرات. أما "حزب الله" الصامت إعلامياً فهو لا يزال يتعاطى على قاعدة ألا شيء تغيّر، وليس هناك ما يستدعي التعاطي معه ولا التنازل من أجله.

وبدا لافتاً في التحرّك العاجل والسّريع الذي اتّخذه رئيس الحكومة في قضية جمعية الوفاق البحرانيّة، والقاضي بترحيل أفرادها من غير اللبنانيين. فقد رأت فيه أوساط سياسيّة خطوة سياسيّة جريئة، يُمكن أن تخلق شرخاً أكبر مع "حزب الله"، وهو ما نفته أوساط ميقاتي، مشيرة إلى أن الخطوة كانت ضروريّة وأساسيّة، وتأكيد على أن لبنان لن يكون منبراً ومعبراً للإساءة إلى أيّ دولة عربيّة، أو للتدخّل في شؤونها.

وأضافت الأوساط أن المزايدات في هذا الإطار لا يُمكنها أن تحجب الحقيقة، وهي أن العمق العربيّ للبنان يُشكّل بالدرجة الأولى المتنفّس الحقيقيّ والمدخل للخروج من الأزمات التي يمرّ بها.

وأوضحت أن اجراءات الترحيل التي طلبها وزير الداخلية من الأمن العام لا تقضي بترحيل الأشخاص العرب الذين شاركوا في مؤتمر الضاحية إلى دولهم الأصليّة إنّما إلى الدول التي أتوا منها.

لكن في المقابل تشير أوساط على مقربة من "حزب الله" إلى أن الحزب لا زال يتعاطى مع الأمور بهدوء، وهو لا يُريد اشتباكاً داخليّاً يؤزّم الأمور، مهما كثرت محاولات جرّه إلى هذا الأمر؛ وهو أيضاً ليس بصدد دفع الحكومة للاستقالة في الوقت الراهن لعدد من الأسباب الداخلية والإقليميّة، ليست بعيدة عمّا يجري في فيينا على مستوى الاتفاقات الكبرى.

وتشدّد المصادر على أن القرار بالنسبة إلى جمعية الوفاق لم يمرّ بهذه السهولة، وسيكون للحزب موقف منه على لسان أمينه العام، خصوصاً أن الأمر يُمكن أن يتوسّع ويُشكّل خطراً على عمل الحزب السياسيّ الإقليمي.

وتضيف أن الجميع يعلم بأن "حزب الله" يؤمّن غطاءً لعدد كبير من الأحزاب السياسيّة العربيّة، التي تنضوي في المحور الإيراني، وهذا جزء من دوره، ولا يُمكن التخلّي عنه. فبالإضافة إلى اللقاءات التي تحتضنها الضاحية الجنوبية للمعارضة البحرانيّة وحتى السعودية، تُعدّ الضاحية المنطلق الأساسي لأنشطة أنصار الله الإعلامية؛ والقناة الرئيسيّة الناطقة باسمهم "المسيرة" تبثّ من الضاحية الجنوبية، إضافة إلى القناة الرديفة "الساحات" التي تتخذ من لبنان مقرّاً لها، إضافة إلى عدد من القنوات العراقيّة الموالية للمحور الإيراني، فضلاً عن نشاطات أمنيّة وعسكريّة لها علاقة بدول خارجية، وتشكّل الضاحية ومناطق سيطرة "حزب الله" ملاذاً آمناً لها، مذكّرة بالزيارة الشهيرة لقيس الخزعلي إلى لبنان، حيث ظهر فجأة في الجنوب من دون العلم بكيفيّة دخوله وخروجه.

وتسأل المصادر: "ماذا لو قرّرت حكومة عبد ربّه منصور هادي طلب إقفال القنوات الإعلامية وترحيل اليمنيين أو تسليمهم إلى الحكومة اليمنية؟ فهل يستجيب ميقاتي خوفاً من غضب السعودية أو دول الخليج؟"، مضيفة: "ماذا لو أرسلت الحكومة السورية اعتراضاً على وجود معارضين لها على الأراضي اللبنانية، هل يطلب ترحيلهم؟".

وتلمح المصادر في هذه النقطة إلى أن القرار سيبقى في إطاره الإعلامي، ولن يكون له أيّ تطبيق عمليّ، فمن "المستبعد أن يعثر الأمن اللبناني على المشاركين في المؤتمر".

وعن المبادرة الفرنسية - السعودية، تكتفي المصادر بالإشارة إلى ما صدر في يوم واحد عن كتّاب مقرّبين من "حزب الله" في اليوم التالي للبيان المشترك السعودي- الفرنسي، والذي تبنّته قناة المنار، وفيه هجوم على الدور الفرنسيّ في لبنان، ونفي للدور الوسيط لفرنسا، ليُفهم موقف الحزب الواضح من هذا الطرح، وإمكانية تطبيقه.

وعن كيفية الرّد على هذه الأمور تسأل: "أكثر من تعطيل الحكومة؟".

وفي المحصلة، وبالرغم من جميع المحاولات تبقى المبادرات مجمّدة، والخطوات المقابلة إعلامية فارغة من المضامين إلى حين نجاح الاتفاقات الكبرى والأشمل، إذا تمّت! وإلى حينها الجميع يلعب في الوقت الضائع.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار