هل ترتبط العناوين اللبنانية بمسار مفاوضات فيينا؟ | أخبار اليوم

هل ترتبط العناوين اللبنانية بمسار مفاوضات فيينا؟

| الأحد 19 ديسمبر 2021

أنها مسألة أبعد من الاعتبارات اللبنانية المتعلقة

"النهار"- مجد بو مجاهد

يطرح الربط اللبناني المتعارف عليه بين مسارات الوضع الإقليمي والقدرة على استنباط حلول أو حلحلة على الصعيد المحليّ، تساؤلات في مجالس سياسية حول ما إذا كانت الأسباب المؤدّية إلى المراوحة الداخلية المستمرّة متلازمة مع منحى المفاوضات حول الاتفاق النووي الايراني ومقاربة طهران حيالها. وتتعزّز الصّلة بين الوضعين اللبناني والاقليمي، وفق مقاربة عدد من المراقبين، استناداً إلى مجموعة أمثلة أحدثها تمرير كُرة ولادة الحكومة بموافقة ايرانية مباشرة ترجمها فحوى الاتصال بين الرئيسين الايراني ابرهيم رئيسي والفرنسي ايمانويل ماكرون. ومن جهتها، ترى مصادر خبيرة في الشؤون الديبلوماسية أنّ مصطلح "حصر السلاح" الذي يشمل لبنان كما العراق واليمن، يمكن أن يُمثّل البند المرتبط بحلّ نهائي للمنطقة على صعيد المفاوضات الدولية من منطلق العمل في سبيل تغيير جذري لدور ايران في المنطقة، من خلال الدفع باتجاه تبديل سياستها والتفكير بجديد في علاقتها مع دول الجوار. وبمعنى أوضح، يشتمل هذا المعطى على استبدال الدور العسكري الذي كان كلّف طهران المليارات من الدولارات، بانخراط داعم لأحزاب سياسية بعد التوصّل إلى حلّ الميليشيات. لكن الوصول إلى بحث هذه التفاصيل قد لا يرتبط مباشرةً بالمفاوضات الجارية في فيينا، فتبقى معطوفة على إمكان بلورة اتفاقات مستقبلية ممكنة ما بعد النووي.

وعلى نطاق العناوين اللبنانية الأصغر حجماً من تعبير "حصر السلاح"، ثمّة من يستبعد من بين القراء في الشؤون الديبلوماسيّة العلاقة المباشرة ما بين مسار المفاوضات والاشكاليات المحلية الضيّقة التي يجوز أن ثمة تدخلاً اقليمياً في تفاصيلها، لكن ليس بحدود استخدامها في المحادثات النووية التي تعتبر مسألة أكثر تعقيداً وأهمية. وإذ يتمثّل البند الكبير على طاولة المفاوضات باختلاف المقاربات حول كيفية ونوعية رفع العقوبات، باعتبار أن طهران تسعى إلى رفع كامل للعقوبات، في مقابل حصر الغرب استعداداته للبحث والنظر في العقوبات المرتبطة بالنووي دون سواها التي كانت فرضت قبل زمن وغير متعلقة بالملف. وترتبط المساعي الايرانية الأساسية بالعمل باتجاه رفع العقوبات عن البنك المركزي الايراني وعن الحرس الثوري الذي يستحوذ ما يقارب ثلثي حجم الاقتصاد في الجمهورية الإسلامية. ويعني ذلك تشكيل المسائل المالية أولويّة في المقاربة الايرانية بخضم المحادثات. وإذا كان هناك مجموعة مساعي قائمة لتوسيع إطار الاتفاق السابق وشموله موضوع السلاح البالستي وتعامل ايران مع الجوار، فإن التساؤلات تبقى مطروحة حول إلى أين يمكن الوصول في هذه المسائل بالمرحلة الراهنة؟

أما الهواجس اللبنانية المطروحة والمرتبطة بتعطيل جلسات الحكومة بما استدعى نداءات دوليّة تحضّ على ضرورة عودة انعقادها، فإن حجمها يبقى متعلّقاً بصورة ظاهرة باعتبارات داخلية والكباش القائم حول قضية المحقق العدلي طارق البيطار. وتتصاعد المخاوف على مصير الانتخابات النيابية المقبلة من قوى سياسية معارضة تترقّب الاستحقاق المنتظر على بعد أشهر، فيما بدأت هذه المحاذير تنتقل إلى البعد الدولي المصرّ على أهمية إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري. ويخشى المعارضون اللبنانيون تعطيلاً منبثقاً من إدراك الأكثرية النيابية الحاكمة خسارتها المقبلة في الانتخابات، بما يعني ذلك من ترجيح انتقال الأكثرية إلى ضفّة القوى المحسوبة على المحور السيادي المرتبط تاريخياً بقوى الرابع عشر من آذار على تنوّع القوى والشخصيات التي تتحدث بقاموس لغوي متعارض مع أهداف المحور "الممانع". وإذا كان التعويل على الاغتراب يشكّل معطى مهماً في رسم معالم الاستحقاق الانتخابي، فإن الرهان الأساسي يبقى على متغيرات جذرية من مقترعي الداخل طالما أن التأثير الاغترابي يبقى محصوراً بعدد من المقاعد رغم أهميتها. وفي وقت يتأكد للمسؤولين اللبنانيين الحرص الدولي على لبنان وعدم تركه رغم سيطرة منطق السلاح ما يبطئ المعالجات الجذرية للوضع اللبناني، يتركّز الرهان على الانتخابات على الصعد المحلية والدولية والتي لها أهميّتها في بداية بروز معالم التغيير السياسي.

وإذ تستبعد أوساط سياسية معارضة الاحتكام إلى تحريك ورقة الحكومة أو ورقة الانتخابات من محور "حزب الله" لاعتبارات مندرجة في إطار الملف النووي، لا تقلّل من انعكاسات تحريك هذه الأوراق لأسباب داخلية مرتبطة بالإصرار على استبدال القاضي البيطار كما بهواجس مرتبطة بالتراجع الشعبي لحلفاء "الحزب" على صعيد أكثر من منطقة؛ وهذا ما أبرزته نتائج عدّة استطلاعات رأي حديثاً. أما إذا كان هناك نية لتوجيه رسائل بحجم موضوع المفاوضات حول الاتفاق النووي، فإن ثمة من يرى أنها مسألة أبعد من الاعتبارات اللبنانية المتعلقة باستحقاق الانتخابات ومرتبطة بالمنطقة عموماً. ولا يلغي ذلك شبه إجماع لدى المراقبين بأن الوصول إلى خواتيم اتفاق في فيينا، من شأنه أن يساهم في حلحلة على مستوى الاقليم بما في ذلك الوضع اللبناني العام. وما يمكنه تأكيده حالياً، هو أن جولة المفاوضات الأخيرة شهدت بعض التقدم لكنه غير كاف على الرغم من اعتبار الجولة أفضل من سابقتها، لكن الوتيرة التي تمضي بها المفاوضات أبطأ من وتيرة عمل إيران على برنامجها النووي، وفق إشارة مسؤول أميركي كبير في وزارة الخارجية الأميركية قبل أيام. وتظهر ضرورة تسريع وتيرة المفاوضات مع عدم استبعاد العودة إلى جولة جديدة قبل نهاية السنة حيث يعتبر ذلك منوطاً بالإيرانيين. ولا يجب تالياً انطلاقاً من مقاربة المسؤول الأميركي الانجرار خلف حماس مبالغ، والقول إنه تم حدوث اختراق خلال هذه الجولة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار