عون لم يقل كلمته في هذا الشأن
"النهار"- رضوان عقيل
على رغم السخونة التي تعصف بالعلاقة بين "التيارالوطني الحر" و"حزب الله" بفعل الارتدادات التي سبّبها جواب المجلس الدستوري الذي لم يكن عند حسابات العونيين وطموحاتهم بعدما قاموا بأكثر من محاولة للحصول على تأمين الطعن وإبطال التعديلات التي ادخلها البرلمان على قانون الانتخاب، حيث يحتل استحقاق الانتخابات الملف الاول في سائر الاجندات، لم يكن مستغرباً إقدام رئيس التيار النائب جبران باسيل بعد خسارته الطعن وسقوطه ان يتحدث عن "مسرحية" عمل على إعدادها "الثنائي الشيعي"، لكن المعطيات تفيد أنه لم يكن بعيداً من حبكتها لا بل انه كان بطلها. وعندما لمس انها اصطدمت بجملة من الحواجز وقبل عرضها على خشبة المسرح اللبناني، سارع الى اعلان براءته منها بغية شد عصب قواعده التي منيت بخسارة كبيرة من جراء حصر انتخابات المغتربين في الدوائرالـ 15. وهو يخشى اولا من حجم الاصوات التي سُجلت في الخارج، ولا سيما في دائرة الشمال الثالثة وفي قلب البترون حيث سيعمل جاهدا على الذود عن مقعده. وفي المناسبة، اي تعاون ولو من تحت الطاولة - اذا حصل - بين الدكتور سمير جعجع والوزير السابق سليمان فرنجية والنائب المستقيل ميشال معوض، كفيل بحرمان باسيل مقعده بحسب دراسات انتخابية. وفي حال خسارته ستكون بمثابة اعدام لمشواره السياسي حتى لو حافظ على كل مقاعد تكتله في الدوائر الاخرى.
ومن مفارقات اللعبة السياسية أن "الدستوري" الذي عمل العونيون على ايصال قضاة مقربين منهم أقله بالنسبة الى الاسماء المسيحية، توصل الى رد اللاقرار الذي سقط برداً وسلاماً على "القوات اللبنانية" المستنفرة انتخابيا من اصغر قرية في كسروان الى آخر بقعة يقيم فيها لبنانيون في اوستراليا وغيرها وهم يؤيدون خيارات جعجع.
واذا كانت دوائر "حزب الله" تتفهم "المظلومية" التي تعرّض لها باسيل في "الدستوري"، إلا ان كتلة "الوفاء للمقاومة" وقفت معه في جلسة ادخال التعديلات على قانون الانتخاب وناصرته في الدعوة الى حصر اصوات المغتربين بستة مقاعد. ويبقى كلام باسيل التصعيدي محل استغراب عند الحزب الذي طلبت قيادته من نوابه وكوادره عدم الرد عليه في لحظة تعمل اكثر من جهة على الاطاحة السياسية بفريق العونيين. ويقول لسان حال الحزب إن هذا النوع من المغامرات لا ينفع باسيل، وان تصريحاته الاخيرة لم ينطلِ مضمونها على اللبنانيين.
ولم يكن في قدرة الحزب ان يفعل اكثر ويضغط على العضوين الشيعيين في "الدستوري" ويعمل في الوقت نفسه على اقناع الرئيس نبيه بري بهذه النقطة. واظهر جواب ارفع مؤسسة دستورية في البلد ان تصويت اكثر الاعضاء في صفوفها يكون سياسيا في الدرجة الاولى، وهذا ما اثبتته الوقائع مع اكثر من طعن منذ التسعينات الى اليوم. ولا يمكن النفي هنا ان قضاة يغلّبون لغة القانون والدستور في معرض الاحكام والخلاصات التي يتوصلون اليها. ولا يؤيد الحزب حديث باسيل عن حلف رباعي يجري العمل على اطلاقه قبيل الانتخابات النيابية، ومهما فعل الاخير من اطلاق الاتهامات صوب قيادة الحزب من دون ان يوفر السيد حسن نصرالله، فإنه في النهاية وقبيل موعد الانتخابات مجبرعلى الدخول في تحالفات انتخابية مع الحزب في اكثر من دائرة، او تنظيم عملية توزيع اصوات الفائض الشيعي في كل الدوائر التي توجد مقاعد لـ"الثنائي". وسيعمل الحزب هذه المرة على ادارة هذا الملف بعناية عالية ولن يقدم على تقديم هدايا انتخابية مجانية.
وفي الايام الاخيرة كُتب وقيل الكثيرعن مستقبل العلاقة بين الحزب و"التيار"، لكن من المبكرلا بل من السابق لأوانه القول ان علاقتهما وصلت الى طريق مسدود. صحيح ان باسيل عبّرعن سيل غضبه لكن الرئيس ميشال عون لم يقل كلمته في هذا الشأن، ولا سيما ان وريثه السياسي سيواجه اعصار الانتخابات هذه المرة لوحده اذا افترق عن الحزب على عكس الدورة السابقة التي وفرت له الحصول على اكبر كتلة نيابية عندما كان على علاقة طيبة مع الرئيس سعد الحريري، فكسب اصواتا سنية لابأس بها ولم يقصّر الشيعة معه في اكثرمن دائرة. ومن هنا فان سياسة "التكتيك" ستمارس في هذه الايام اقله من طرف العونيين للخروج من صدمة المجلس الدستوري التي اصابتهم في الصميم.
وكان "حزب الله" الذي يتم استهدافه بكثرة من قياديين عونيين قد رسم منذ السنة الاولى لانتخاب عون خطوط العلاقة بين حليفيه الرئيس بري و"التيار الوطني الحر"، واستمرعلى هذا المنوال وطبق هذا الأمر في أكثر من امتحان في البرلمان.
اما بالنسبة الى بري الذي لا يوفره باسيل من التصويب، فيبدو ان الأخير على رغم الحيوية التي يتمتع بها باعتراف خصومه، فهي لا تنفعه في الكثير من المرات، ولم يقدر بعد على تقديم قراءة جيدة لرئيس المجلس وتحديد مستوى التعامل معه، كما لم يقدرعلى ترتيب الاولويات وحسابات الافتراق مع لاعب مخضرم سبق له ان خاض امتحانات اصعب واقسى مع زعامات وقيادات مارونية.