عام "الخراب" المنصرم يورث العام الجديد "الطبق المسموم" | أخبار اليوم

عام "الخراب" المنصرم يورث العام الجديد "الطبق المسموم"

داود رمّال | الخميس 30 ديسمبر 2021

الحوار بارقة امل اذا توفرت الارادة الوطنية الجامعة

داود رمال – "أخبار اليوم"

ينصرم العام 2021 تاركا ابوابه اللبنانية مشرّعة على كل الازمات والمصائب والانهيارات التي يورثها للعام 2022، بعناوينها السياسية والاقتصادية والامنية، التي معظمها لا تبشر بالخير.

على المستوى السياسي، وهو اصل كل بلاء يتوارث العام الجديد التعطيل غير المبرر وتحت ذرائع واهية، اذ بعدما استبشر اللبنانيون بعض الامل بولادة الحكومة الجديدة (معا للانقاذ) برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي وبتسهيل دولي ملحوظ واستعداد للمساعدة اذا حزمت القوى السياسية امرها بمساعدة نفسها لارشادها الى طريق الانقاذ، ولدت وربما استولدت ازمة ليست على بال او خاطر، بعدما تم ربط مصير الحكومة واجتماعاتها ومهامها الجسام بمصير التحقيق العدلي في قضية جريمة انفجار مرفأ بيروت، وهو امر يناقض ابسط القواعد الدستورية، لان الدستور واضح في مسألة الفصل بين السلطات وترك كل سلطة تعالج اي يخلل يعتريها بنفسها وعبر الاليات القانونية التي ترعة عملها.

وعلى المستوى الاقتصادي، فهنا كارثة الكوارث التي وحدها تفترض التعالي عن كل الخلافات والمخاصمات والمكائد والنكد والمصالح، كون هذا المستوى مصاب بعطب بنيوي يتصل بالتبدلات الجذرية التي حصلت على مستوى المنطقة والعالم، والتي افقدت لبنان ادوارا اساسية كان يضطلع بها وتؤمن له راحة اقتصادية، بحيث فقد ميزاته المصرفية والخدماتية والتعليمية والاستشفائية(..)، ولم يستطع وضع القواعد المتينة للانتقال من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد المنتج بالاستناد الى الصناعات الصغيرة والمتوسطة وابرزها الصناعات الغذائية.

 والاخطر كان هذا الانهيار الدراماتيكي للنقد الوطني بشكل غير مسبوق في تاريخ لبنان، والذي ادى الى اتساع دائرة الفقر المدقع مع موجات جديدة من هجرة الشباب واصحاب العقول، بما يضع لبنان امام تحديات كيانية ووجودية لان الفراغ الذي يتركه المهاجرون، واغلبهم قرروا عدم العودة سلفا، سيملأه اللاجئون والنازحون، وما تمسك ما يسمى المجتمع الدولي ببقاء النازحين في لبنان وتقديم كل ما يعزز دمجهم بالمجتمع اللبناني الا تهيئة عملية لاحلالهم مكان اللبناني الذي ضاقت به سبل العيش في ربوع وطنه.

اما على المستوى الامني، فان لبنان مرَّ بأكثر من قطوع ابرزها ما كاد ان يأخذ طابعا طائفيا ومذهبيا: حادثة خلدة الاولى والثانية، حادثة شويا وحادثة الطيونة، الا ان عدم تردد الجيش او تهاونه واتخاذ قيادته القرار السريع والحاسم منع تمدد هذه الحوادث الى توترات متواصلة، ولكن الامور تبقى مفتوحة على كل الاحتمالات، لان احجام السلطة السياسية عن القيام بواجباتها في التخفيف من الاعباء الاقتصادية والمالية والمعيشية على المواطن، ووصول الامور الحياتية الى حد لا يطاق، كل ذلك يضغط على الواقع الامني لان حالة الجوع التي بدأت تضرب لبنان لا بد في مرحلة ما ان تتحول الى فوضى في الشارع تزيد من الاعباء الملقاة على عاتق الجيش والاجهزة الامنية، خصوصا وان المواجهة مع الارهاب وعصابات الجريمة المنظمة متواصلة ولم تتوقف، وما الخلايا الارهابية التي تم توقيفها وتفكيكها من البقاع الى الشمال الى الدليل الحسي القاطع على ان لبنان لا زال في دائرة التصويب الارهابي والاسرائيلي.

هل من افق ما يرشد الى بقعة ضوء في آخر النفق اللبناني؟

الطبقة السياسية بكل مسمياتها منشغلة في كيفية السطو مجددا على ارادة الناس من خلال اجراء الانتخابات النيابية المقبلة تحت ضغط التوتير الطائفي والمذهبي، ولا مشكلة عندها في ان تعيد انتاج نفسها بنفسها ولو من دون مشروعية شعبية، لذلك فان ما تترقبه الجهات الخارجية هو التئام طاولة الحوار التي دعا اليها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للبحث في ثلاثة عناوين: اللامركزية الادارية والمالية الموسعة، الاستراتيجية الوطنية للدفاع وخطة التعافي الاقتصادي والمالي، والتي زاد عليها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سياسة لبنان الخارجية والعلاقة مع الدول العربية وخصوصا دول الخليج.

في المعلومات، ان دوائر الرئاسة الاولى بدأت التحضير لطاولة الحوار، والمعطيات الاولية ان رئيس الجمهورية لن يتأخر كثيرا مع مطلع العام الجديد في توجيه الدعوات الى طاولة الحوار الوطني الى القيادات السياسية مع اشراك الجهات المختصة، فالبند الاول يحتاج الى خبراء دستوريين، والعنوان الثاني يحتاج الى خبراء عسكريين، والعنوان الثالث يحتاج الى خبراء اقتصاديين وماليين، اما العنوان الرابع الذي اقترحه الرئيس ميقاتي فمحصور بالقوى السياسية،  ويؤمل ان تكون بسقف زمني وليست مفتوحة، لانه اذا توفّرت الارادة الجامعة يمكن انجاز الاتفاق حول العناوين الثلاثة بوقت قياسي.

كل شيء في لبنان متوقف على توفر الارادة الوطنية الجامعة، واقتناع القوى السياسية انه لا سبيل للخروج من هذا الخراب الكبير الا بالاعتراف ان من يدمّر لا يستطيع ان يعمّر انما عليه ان يُفسح المجال للعقول اللبنانية الشابة، وما اكثرها، ان تأخذ موقعها في عملية الانقاذ على كل المستويات. 

للاطلاع على مقال تحت عنوان: "تحرير سعر الصرف... من صندوق النقد الى البنك الدولي!"، اضغط هنا

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا

أخبار اليوم

المزيد من الأخبار