مصير الحكومة المعطلة على كفّ الصراع السعودي الإيراني | أخبار اليوم

مصير الحكومة المعطلة على كفّ الصراع السعودي الإيراني

| الأربعاء 05 يناير 2022

تدهور غير مسبوق في العلاقة بين ميقاتي و"حزب الله"

"النهار"- عباس صباغ

ما بين القرار الصعب والردّ المباشر غير المسبوق على الأمين العام لـ"حزب الله" اختار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الخيار الثاني. خيار كان أشبه بمحاولة استيعابية لتداعيات خطاب السيد حسن نصرالله.

فما كاد نصرالله ينهي خطابه في الذكرى الثانية لاغتيال قاسم سليماني والقيادي في "الحشد الشعبي العراقي" أبو مهدي المهندس، حتى أصدر المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة بياناً حاداً منتقداً كلام نصرالله. ميقاتي حاول استيعاب تداعيات هجوم نصرالله غير المسبوق على السعودية وردّه على وصف المقاومة بالإرهاب بتفنيده مسار الأحداث في سوريا والعراق واتهامه الرياض بمساعدة الجماعات الإرهابية.

وتفيد أوساط سياسية أن ميقاتي كان أقرب الى الاستقالة بعد خطاب نصرالله، وهو الخيار الأخير الباقي في جعبته بعد استنفاد كل الوسائل الأخرى لإعادة الروح الى حكومته ولترميم العلاقة مع الخليح ولا سيّما مع السعودية.

فميقاتي كان قد تلقى تطوّراً بارزاً عبر الاتصال الثلاثي العام الماضي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، وعلق الآمال على زيارة للرياض ولو لأداء فريضة العمرة. لكن ذلك لم يحصل واندثر تفاؤل ميقاتي الذي سبق أن أسرّ لمقرّبين منه بأن زيارته الرياض ستجري أواخر كانون الأول الفائت.

ردّ ميقاتي أول من أمس لم ينزل برداً وسلاماً على حارة حريك التي حرّكت أحد أبرز نوّاب "كتلة الوفاء للمقاومة" حسن فضل الله للرد على ميقاتي في خطوة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين "حزب الله" ورؤساء الحكومات، حتى إن الحزب كان يتفهّم مواقف خصمه السابق الرئيس سعد الحريري عندما كان الأخير ينتقد الحزب وتدخّله في الحروب السورية والعراقية واليمنية.

بيد أن المواجهة بين السرايا الحكومية وحارة حريك اتّخذت منحى غير مسبوق ولا سيّما أن "حزب الله" لن يهادن الرياض في خضمّ إحيائه للذكرى الثانية لاغتيال سليماني والمهندس وأيضاً لم يعد يستطيع السكوت عن وصفه بالمنظمة "الإرهابية" من قبل الرياض وأصدقائها، وليس من السهولة في مكان أن يستمع جمهوره الى وصفه بـ"الإرهابي" وأن يصبح الأمر متداولاً حتى في وسط بيروت.

لذلك كان السقف العالي لكلام نصرالله وتوجيهه اتهامات غير مسبوقة ومباشرة الى الرياض، في اختصار لمعادلة مفادها "أن لا سكوت بعد اليوم عن اتهامات الرياض وحلفائها، وأن الردّ سيكون مباشراً وقاسياً". عدا أن التوتر الراهن ليس سوى انعكاس لما يجري في أكثر من دولة على خلفية الصراع السعودي الإيراني وخصوصاً في اليمن.

في هذا السياق جاء ردّ ميقاتي كمحاولة لامتصاص ردود الفعل المحتملة من السعودية.
الى ذلك، عكس هذا التطوّر الحكومة في صورة الضحيّة للتجاذب الإقليمي، وأنْ لا حول لها ولا قوةّ في ظلّ ظروف شديدة التعقيد في لبنان، وهي معطّلة بسبب اعتراض "أمل" و"حزب الله" على أداء المحقق العدلي في قضيّة انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار ولا تزال جلساتها معطلة منذ 12 تشرين الأول من العام الفائت.

وفي المحصّلة، لا عودة لاجتماعات الحكومة كما لا عودة للعلاقات الطبيعية بين الرياض وبيروت، وما حُكي عن عودة قريبة للسفير السعودي وليد البخاري الى بيروت صار بعيد المنال، وفي المقابل بات ميقاتي أقرب الى لعب ورقته الأخيرة في توقيت يدرسه بتمعّن وربما لا يكون بعيداً عن موعد الانتخابات النيابية إذا جرت في موعدها في منتصف أيار المقبل.

وقد أصدر النائب حسن فضل الله بياناً أمس قال فيه "كنّا ننتظر من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن يُعلي من شأن الإنتماء الوطني وينتفض لكرامة وطنه في وجه الإساءات المتكرّرة من المملكة العربية السعودية ضد الشعب اللبناني، وآخرها تصريحات ملكها ضدّ شريحة واسعة من اللبنانيين باتهامها بالإرهاب بما يشكّله ذلك من إساءة كبرى لمقدّسات هؤلاء اللبنانيين وفي طليعتها دماء شهدائهم وتضحيات مقاوميهم في وجه العدوّ الصهيوني. وبدل أن يسارع ميقاتي، الذي يُفترض أنه وفق الدستور رئيس حكومة جميع اللبنانيين، إلى الدفاع عمّن يمثل دستورياً، فإنه ارتدّ ضدّ الداخل اللبناني وأطلق عبارات التشكيك بولاءات جزء كبير من هذا الشعب بكلّ ما يمثله تاريخياً وحاضراً ومستقبلاً، وهو ما كنّا نربأ به أن يرتكب مثل هذا الخطأ الفادح استجداءً لرضى من يصرّ على الاستمرار في الإساءة إلى اللبنانيين جميعاً وفي طليعتهم الرئيس ميقاتي نفسه الذي رغم كل التنازلات التي قدّمها بما فيها استقالة وزير الإعلام وإطلاق المواقف والتصريحات التي تُخالف حتى ادّعاء النأي بالنفس والمحاولات الدؤوبة التي بذلها هو ووزير خارجيته منذ توليهما المسؤولية، فإنه لم يحظ بمجرّد اتصال من سفير المملكة في بيروت خلافاً لكل الأعراف الديبلوماسية والأصول وأدب العلاقة والتخاطب". وأضاف أن "انتماء المقاومة إلى وطنيتها اللبنانية لا يحتاج إلى مناداة من أحد أو شهادات بلبنانيتها لأنها تمثّل الانتماء الحقيقي الصادق لوطنها، وقد كرّسته بدماء شهدائها وتضحيات شعبها يوم تخلّى الكثيرون عن هويّتهم الوطنية، ومن خلال هذه المقاومة والموقف منها تقاس حقيقة الانتماء الوطني".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار