هجوم نصرالله: رياح اليمن تعاكس الأشرعة الإيرانية | أخبار اليوم

هجوم نصرالله: رياح اليمن تعاكس الأشرعة الإيرانية

| الخميس 06 يناير 2022

لبنان... ليس سوى جغرافيا لا شعب فيه ولا دولة

"النهار"- أحمد عياش

ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، التي يشنّ فيها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله هجوما على المملكة العربية السعودية. وإذا كان هجومه الأخير قد وُصف بأنه الأعنف، بسبب توجيهه نحو العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، فهو يمثل الجانب السياسي من حرب يخوضها الحزب بالحديد والنار في اليمن، ومن هناك ضد السعودية مباشرة. فهل من معطيات توضح طبيعة السلوك الأخير لنصرالله؟

يجيب نصرالله عن هذا السؤال في خطابه الأخير لمناسبة الذكرى السنوية الثانية لمقتل قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري ال#إيراني الجنرال قاسم سليماني وقائد "الحشد الشعبي" العراقي أبو مهدي المهندس ومرافقيهما في قصف أميركي مباشر قرب مطار بغداد قبل عامين. فهو يقول إن هجومه على السعودية جاء رداً على نعت الملك سلمان الحزب بـ"الإرهابي". لكن مَن يتابع المواقف الرسمية في المملكة، يتبيّن له ان هذا النعت ليس جديدا. فعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد ورد في اول خطاب للملك سلمان أمام الأمم المتحدة العام الماضي، والذي ألقاه إفتراضياً بسبب جائحة كورونا: "... إننا نقف إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق الذي تعرّض لكارثة إنسانية بسبب الانفجار في مرفأ بيروت، ويأتي ذلك نتيجة هيمنة "حزب الله" الإرهابي التابع لإيران على اتخاذ القرار في لبنان بقوة السلاح مما أدى إلى تعطيل مؤسسات الدولة الدستورية، وإن تحقيق ما يتطلع إليه الشعب اللبناني الشقيق من أمن واستقرار ورخاء يتطلب تجريد هذا الحزب الإرهابي من السلاح". وبدت هذه الفقرة التي وردت في خطاب العاهل السعودي في أيلول الماضي، أقل وطأة من الفقرة التي استند اليها الأمين العام للحزب، والتي وردت في خطاب الملك سلمان أمام مجلس الشورى السعودي في نهاية العام الماضي، أي قبل نحو أسبوع، حيث قال: "نقف إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق، ونحثّ جميع القيادات اللبنانية على تغليب مصالح شعبها، والعمل على تحقيق ما يتطلع إليه الشعب اللبناني الشقيق من أمن واستقرار ورخاء، وإيقاف هيمنة حزب الله الإرهابي على مفاصل الدولة".

ربما يجادل البعض، كما حاول رئيس الجمهورية ميشال عون في تعليقه على الكلام الأخير لنصرالله، انه يجب "التعامل بالمثل"، وكأن "حزب الله" هو دولة صنو الدولة السعودية. لكن ذلك يتجاوز واقع ان وصف "حزب الله" بـ"الإرهابي" صار معتمداً في عدد كبير من البلدان في المشرق والمغرب على السواء.

ويبقى السؤال: لماذا شاء "حزب الله" ان يشن هجومه، في هذا التوقيت بالذات، حيث تنصبّ كل الجهود على إعادة ترتيب العلاقات بين لبنان وعدد من دول الخليج العربية وفي مقدمها السعودية؟

قبل الجواب، تلفت مصادر بارزة في المعارضة الشيعية الانتباه عبر "النهار" الى ان نصرالله، منذ نشوب حرب اليمن قبل نحو خمسة أعوام، جرى تكليفه من المرشد الإيراني علي خامنئي، بان يتولى الاشراف على تلك الحرب، كمثل تكليف خامنئي الجنرال سليماني بالاشراف على الحرب في سوريا التي اندلعت عام 2011. وكان الأخير، أي سليماني، في طريق عودته من سوريا عن طريق الجو عندما لقيَ حتفه في بغداد. وتوضح هذه المصادر ان نصرالله أظهر منذ تكليف خامنئي له بحرب اليمن، عداء تميّز بالحدة والشخصانية ضد الرياض، وهذا ما يمكن تلمّسه في مواقف عدة لزعيم الحزب منذ بدء تلك الحرب.

من خلال متابعة تطورات حرب اليمن، يبدو انها تتجه الى تصعيد غير مسبوق، ظهر من خلاله ان الرياح تجري بما لا تشتهي سفن حلفاء إيران الحوثيين. وقد تحدثت الانباء الأخيرة عن خسائر فادحة مُنيَ بها الحوثيون في جبهة مأرب التي دأبت وسائل اعلام "حزب الله" قبل أسابيع على القول إن هذه الجبهة تمثل "أمّ المعارك"، وسيترتب على نتائجها "إنتصار إستراتيجي" لمصلحة محور إيران هناك. لكن هذه الوسائل غابت في الأيام الأخيرة عن الوقائع الميدانية الجديدة، فبدّلت الاهتمام بالمعارك البرية الدائرة، بما حدث بحرا، وبما وصفه الكاتب شارل نادر في موقع "العهد" الالكتروني التابع للحزب بـ"رفع السقف" من خلال احتجاز سفينة إماراتية في البحر الأحمر قبالة ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون. ولا يزال هذا الحدث يتفاعل، وربما يؤدي، كما قال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف لدعم الشرعية في اليمن العميد تركي المالكي، الى جعل ميناء الحديدة "هدفا عسكريا مشروعا"، على غرار ما حصل لمطار صنعاء أخيرا.

وفق تقرير في 29 كانون الأول الماضي، أي قبل أسبوع، أصدره مركز "ستراتفور" الأميركي الاستراتيجي، تحت عنوان "اليمن يستعد لعام آخر من الحرب المدمرة"، جاء فيه: "مع استمرار الصراع الأهلي في اليمن، ستتعمق أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وسيصبح من الصعب التوصل إلى تسوية سياسية خلال العام المقبل، مما سيؤدي إلى حلقة من عدم الاستقرار من شأنها أن تبقي البلاد التي مزقتها الحرب مسرحا جيوسياسيا بالوكالة".

من جهتها، تتبنّى صحيفة "كيهان" الناطقة بلسان المتشددين الايرانيين هجوم نصرالله على الرياض، وقالت ان "هذا ما يذكّرنا بحرب تموز المجيدة عندما كان الكيان الصهيوني يستغيث من ضربات حزب الله وكان يوشك على الانهيار..."

إنه تكليف خامنئي لنصرالله. أما لبنان، فليس سوى جغرافيا لا شعب فيه ولا دولة، يمارس فيه الولي الفقيه الإيراني حروبه، وينفّذ أوامره بكل أمانة، وهو مَن وصف نفسه ذات يوم بأنه "جندي في جيش الولي الفقيه"!

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار