لا كلام ديبلوماسياً عن "الرئاسية" قبل "النيابية" | أخبار اليوم

لا كلام ديبلوماسياً عن "الرئاسية" قبل "النيابية"

| الخميس 06 يناير 2022

قائد الجيش لا سيعا الى رئاسة الجمهورية على رغم ما أوحت به كل الاستقبالات التي حظي بها في دول مؤثرة

"النهار"- روزانا بومنصف

ترغب مصادر ديبلوماسية غربية، في ظلّ المعلومات أو المعطيات عن احتمال ابتعاد الرئيس سعد الحريري عن المشاركة السياسية في الانتخابات النيابية لا بل الانسحاب من الحياة السياسية عموماً، ألّا تأخذ بهذه المعلومات في انتظار أن تسمع الأمر من الحريري شخصياً، وهي لم تفعل بعد. وهذا الموقف سبق نهاية السنة باعتبار أن الحركة الديبلوماسية لم تُستأنف بعد، ولكن هذه المصادر ترى ‒ شأنها شأن زعماء ومسؤولين ‒ أن غياب الحريري في الاحتمالين، أي الابتعاد السياسي عن الانتخابات أو الابتعاد السياسي الكلي، من شأنه أن يكون عاملاً تغييرياً كبيراً في اللعبة السياسية وفي الحسابات الانتخابية كما في التوازنات السياسية، إذ فيما المشهد الانتخابي وفقاً للتوقعات الاحصائية أو السياسية يبني كل مرتكزاته على قاعدة بقاء القديم على قدمه من حيث القوى السياسية الأساسية واحتمالات تحالفها في ما بينها الى جانب دخول تنظيمات المجتمع المدني، فإن ابتعاد الحريري يخلط جميع الأوراق والتوقعات ولا يسمح بإعطاء تقديرات واضحة عن الصورة النهائية للانتخابات ولو أنها محدّدة أو معروفة في غالبيتها راهناً، بما في ذلك الاعتقاد الغالب بأن التنظيمات من المجتمع المدني لن تسهم بأكثر من عشرة نواب أو أكثر بقليل. هذا من حيث المبدأ ما لم تحصل مفاجآت غير متوقعة بردود فعل اللبنانيين بناءً على الاحتقان الذي يجري تسعيره راهناً من القوى السياسية، أو من خلال تطيير الانتخابات الذي لا يبدو احتمالاً غير واقعي في ظلّ ما يجري، بل على العكس من ذلك تماماً.

ولكن يغلب الانطباع لدى بعض السياسيين من خلال هذا الاحتمال الذي لا يسقطه الديبلوماسيون من حساباتهم، بأن الأمر يمكن أن يمرّ ويجري التعامل معه بغير التهديدات أو الإنذارات التي تردّد أن بعض الدول وجّهتها الى المسؤولين بفرض عقوبات عليهم في حال عدم إجراء الانتخابات. ففي نهاية الأمر، حين توضع على الطاولة الخيارات بين استمرار الاستقرار الأمني في حدّه الأدنى وإجراء الانتخابات سترجح كفة الخيار الأول. ومع أن الاعتداء على عناصر من القوّة الدولية في الجنوب يحصل للمرة الثانية خلال شهر واحد على نحو لافت وغنيّ بالرسائل، فإن هذا التطوّر السلبي في الجنوب يضيء أضواءً حمراء إزاء ما ستحمله المرحلة المقبلة من مؤشرات، وإن كان الأمر ربطاً باعتبارات داخلية أو برسائل أبعد وتتصل باعتبارات إقليمية. فهذا الاعتداء في رأي هؤلاء السياسيين لا يمكن أن يكون بريئاً فيما الأمم المتحدة تناقض تماماً في بياناتها عن الاعتداء الثاني كما عن الاعتداء الاول كل المعلومات المسرّبة عن أسباب الاعتداء فيما تطالب الأمم المتحدة السلطات اللبنانية بالتحقيق في كليهما. فلا ينقص لبنان طبعاً إقحامه في توترات ما في الجنوب، ولكن الاعتداء على القوة الدولية لا يخصّ دولة معيّنة مشتركة في القوة وينتمي إليها العناصر المعنيون، بل إن كل أعضاء مجلس الأمن الدائمين منهم خاصةً يقيّمون الاعتداءات على اليونيفيل من زاوية الرسائل السياسية لا فقط الامنية ويخشون مؤشرات أيّ توتر من أيّ نوع كان على خلفية أن الهدوء أو الاستقرار في الجنوب يبقى هشاً.

هل إذا تم تطيير الانتخابات النيابية تحت أيّ ذريعة ستكون المحفز لتطيير الانتخابات الرئاسية بناءً على التفسيرات للمواقف التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من جهة وبناءً على رفض القوى السياسية التي تعتبر أن الانتخابات النيابية قد تؤدّي الى خسارتها بحيث ينسحب ذلك على الانتخابات الرئاسية؟

ترفض المصادر الديبلوماسية الغربية خوض غمار الحديث عن الانتخابات الرئاسية منذ الآن وقبل تثبيت إجراء الانتخابات النيابية أولاً. ولكن سيكون التحدّي هائلاً إذا اعتقد أهل السلطة أن في إمكانهم لجم الانهيار في الوضع وتسارعه الكارثي إذا استهانوا بما يُفترض أن يكون محطات تغييرية لا تعني فقط الشعب اللبناني بل تعني الخارج أيضاً.

فهناك مجال للعبث واللعب من ضمن الاعتبارات الداخلية على ما جرى من تصعيد سياسي توزعه كل من رئيس التيار العوني جبران باسيل ورئيس مجلس النواب نبيه بري بواسطة النائب علي حسن خليل واستكمالاً بالأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله الذين عرضوا قضاياهم الشخصية كما لو أن البلد ملك لهم يعملون فيه ما يشاؤون بعيداً عن الانعكاسات السلبية لعرض هذه المصالح الشخصية على مصالح اللبنانيين. ولكن هذا لا يمنع استطلاع الآراء حول الانتخابات الرئاسية في ظل تفاوت الاتجاهات بين الرفض الكلي والحاسم لأيّ سيناريو يوحي ببقاء الرئيس عون في بعبدا تحت أيّ ذريعة لما يحمله من مخاطر إنهاء ما بقي من هياكل المؤسسات الدستورية التي تم تجويفها أو طبعاً التمديد له عبر انتخاب صهره الذي لا تبدو حظوظه قائمة في حدها الأدنى، ولكنه قد يستخدم ورقة كما تستخدم ورقة تهديد إجراء الانتخابات النيابية في مصلحة تعزيز أوراق إيران أو حتى الحليف السوري، وبين التحفظ على خيارات تكرّر تجارب الماضي.

وهذه نقطة أخيرة حساسة قد تقوم على مروحة واسعة تذهب من رفض تكرار رئيس حزب ينتمي الى محور إقليمي لا سيما في ظل صراع المحاور في المنطقة وما يعنيه ذلك من احتمال استمرار غرق لبنان وإهماله الى رفض تكرار تجربة انتخاب قائد الجيش، لا لعدم الكفاية بل إن تجربة قادة الجيش في الرئاسة لم تكن مشجّعة بل محبطة ربما باستثناء تجربة فؤاد شهاب، فيما تختلف الآراء حيال تجربة ميشال سليمان، علماً بأنها لم تحمل أضراراً كارثية على الأقل كتجربة إميل لحّود وميشال عون. وذلك علماً بأن المصادر الديبلوماسية المستطلعة حصلت على تأكيدات من قائد الجيش جوزف عون بعدم سعيه الى رئاسة الجمهورية على رغم ما أوحت به كل الاستقبالات التي حظي بها في دول مؤثرة، مما يبقي اسمه على الطاولة بقوّة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار